تافيلالت : جلسة في محراب الشعر مع الشاعر لحسن عايي أجرى الحوار : مراسلة جريدة صوت الجهة سؤال : بداية مرحبا بالشاعر لحسن عايي في جريدة صوت الجهة والسؤال الأول حول مفتاح السيرة ،فمن يكون لحسن عايي الإنسان والشاعر ? بادئ ذي بدء أتوجه بشكري لجريدة " صوت الجهة "التي تعنى بكل ما يهم جهتنا -مكناس - تا فيلالت والتي استطاعت أن تنال اهتمام شريحة مهمة من القراء وتوسع من قاعدتهم ، وذلك بفضل طاقمها المشرف عليها وكذلك بفضل جودة منتوجها الذي أضحى يعكس انشغال المهتمين والمتتبعين من رواد هذه الجريدة ، دون ان ننسى بطبيعة الحال المجهود الذي تبدلينه من اجل الكشف والتنقيب عن الكفاءات والطاقات التي تزخر بها منطقتنا . سؤال :فمن هو لحسن عايي الإنسان والشاعر ? لحسن عايي إنسان عادي يشتغل بالمجال التعليمي، رب أسرة ، يحمل نفس الهموم التي يحملها أي إنسان أينما تواجد ،وتبقى درجة التفاعل مع المحيط الذي نعيش فيه هو الكفيل بتحديد نوعية التجاوب معه ، ويمكن أن تدخل في هذا المجال اعتبارات كثيرة كالظروف المعيشية والمستوى الثقافي والاجتماعي زد على هذا ما تلقاه الفرد من تعليم وتربية . **أما لحسن عايي الشاعر فهذا أمر أكاد اعجز عن الإجابة عنه لأني أحيانا أقف مشدوها لأني أكاد لا اصدق الكيفية التي بدأت اكتب بها والحالة التي اكتب فيها لان الكتابة الشعرية لها طقوس لا تخضع للمنطق ولا للعقل،يحكمها مزاج خاص بها فلا يمكن الجزم أن الشعر وليد المعاناة أو حالات الفرح أو القلق، فالكتابة الشعرية إن صح التعبير هي حالة خاصة يعيشها الشاعر كأن هناك شيئا ما يسكن الشاعر ليبدأ في البحث عن وسيلة لكتابة ما يخطر بباله حتى لا تهرب تلك اللحظة منه ، وقد يستعين بشيء ليخطط به إذا كان يفتقد لقلم عندئذ ليلتجئ إلى الجدران أو التراب إن كان ماشيا في رحلة تأخذه خارج محيطه المادي .من هنا يمكن القول إن الشعر جزء من الحياة ولا يبرم معنا أي التزام معين، فيستحيل أن نفصل بين لحسن عايي الإنسان عن الشاعر ، لأني لا أتصور حياة أخرى غير التي أحياها . سؤال : ماذا يمثل الشعر بالنسبة إليك ? الشعر يمثل بالنسبة لي المنظار الذي أرى من خلاله الوجود لان الشعر ليس فقط لغة أو تعبير فهو أعمق من ذلك هو رؤيا للوجود وفلسفة في الحياة ،آنذاك يصبح الشاعر بجوارحه وكيانه وعالمه جزءا من قصيدته إلى درجة أننا يستعصى علينا تحديد بداية القصيدة ونهايتها ، فالقصيدة ليست فقط تلك الأبيات المنطوقة ، فهي تنطلق من الأعماق في وقت سابق أما تلك الكلمات التي تصل إلى المتلقي فما هي إلا نتائج . سؤال :هل يشكل الشعر لكم منفذا إلى الذات أم منفذا إلى الأخر ? الشعر ليس وسيلة يستعان بها للولوج إلى العوالم الأخرى، بل هو حالة يوجد فيها الشاعر تنتابه بين الفينة والأخرى ولا يتخلص منها إلا بإبداع جديد والغريب في الأمر أن هناك علاقة توطدت بين الإنسان الشاعر وحالة المخاض هاته والإبداع ، فهذا الثالوث يمنح الشاعر إحساس كبير بالانتشاء النفسي . فقدرة الشاعر على هذا التركيز القوي والدقيق يجعل منه إنسان يصل بمخيلته إلى اكتشاف عوالم لا يستطيع سبر أغوارها إلا من ملك هذه الموهبة . سؤال :ما هي هويتكم الشعرية ولماذا? كل إنسان يحمل داخله شاعرا إلا أن الذي يستطيع ان يصقل موهبته الشعرية قد يصل إلى كتابة الشعر، أو على الأقل التعامل معه بشكل جيد . من هنا يجدر بنا القول أن الشعر ينضح بما نؤمن به وبالضرورة يعكس هويتنا وتوجهنا في الحياة وأجمل الأشعار بالنسبة لي ما يدور حول العمق الإنساني لأنه عودة تلقائية إلى أنفسنا وربط الصلة بها وبالتالي اغنائها وسد ثغراتها ، فأي خلل بذواتنا قد يفقدنا التوازن الكافي في مجتمعاتنا . سؤال : من خلال ديوانكم كوكب الربيع نلاحظ شجنا يلفه امل مثلا : "الليل ربيع احزاني" و " عيناك معبدي ومرعاي " فهل هي محاولة للتوفيق بين عناصر الحياة المتناقضة ? ديواني الأخير كوكب الربيع هو قطوف من أشعاري التي تدخل كل قصائده في فلك متجانس رغم ما قد يحمله من متناقضات لان طبيعة إحساسنا تحتضن مزيج من كوكطيل الحزن والفرح والقلق في نفس الآن ، في بعض الأحيان نمر ببعض اللحظات نجني منها هذا الخضم من الأحاسيس المتناقضة لكن بمجرد ما تعبر عنها وتخرجها في صور شعرية جميلة حتى تتلون لتؤثث فضاء حياتنا وتساهم في إحياء احتفال متناغم رائع . سؤال : هناك ازدواجية مغربية مشرقية املشيل... الأيام ، ومرثية محمود درويش فكيف يفسر الشاعر هذا الترابط ? قلت قبل قليل أن الهم الإنساني يسكنني وطبعا أرى في المحلي صورة تعكس ما يجري في العالم والعكس صحيح ، فمحمود درويش سيظل حيا بأشعاره الجميلة وكل شيء أصادفه جميل ومؤثر فهو يسكن قصائدي وبالتالي يسكنني . سؤال : هل لديكم طموح في أن تتحول قصائدكم إلى أغاني? مجموعة من قصائدي تغنى الآن ، لقد قام بتلحين قصيدتين أستاذ الموسيقى إدريس البوعزاوي ووفق في أدائهما إلى ابعد الحدود وكذلك المهدي بوزكري كما أني اكتب بالامازيغية التي يغني بعض قصائدي مطربون امازيغ ، وكذلك اكتب الزجل، و في الآونة الأخيرة كتبت ألبوما خصيصا لمغني شاب اسمه السالمي الذي اختار نمطا جديدا في الغناء الكناوي .
سؤال :كيف تنظرون إلى مستقبل الشعر في المغرب ،في ظل التحديات التي يطرحها مشكل الطبع والنشر ، وما يرافقه من دعاية واشهار? الكتابة الشعرية مرهونة بمدى تجاوب المتلقي مع هذا المنتوج الأدبي لكي نضمن تطوره ألا أن العزوف الذي طال مجال القراءة والمطالعة قد يحد من رواد الشعر وبالتالي يدفع بدور النشر إلى عدم المجازفة بالخوض في بيع المنتوج الشعري ، لان المستثمر لا يؤمن إلا بمنطق الحساب والربح المضمون . إلا أن المبدع والشاعر لا يملك قاموسا كهذا فتراه يطلق عنان أنامله لكتابة القصيدة التي تتدفق متحدية منطق الربح والخسارة ..