عندما حاول الفرنسيون الانعتاق من اللغة اللاتينية والانتصار للغة السوقة (هكذا كانت تسمى اللغات المحلية المنشقة عن اللاتينية ) تطلب الأمر أربعة قرون من الأدب والاغنيات والصلوات وهذه التراكمات من النصوص التي كانت تسمى الرومانسية أي قصص الخدم والعبيد ومنها اشتقت لفظة “رومان” التي تعني الرواية.. وفي القرن السابع عشر تكلفت الأكاديمية الفرنسية بتطوير تلك العامية التي أصبحت واحدة من اللغات التاريخية المؤثرة في الأدب والفكر الإنساني ولازالت الأكاديمية العريقة تواصل تطوير لغة بودلير وريمبو وسارتر إلى يومنا هذا.. في سياقنا العربي كانت هناك محاولة شهيرة لتقعيد العامية في لبنان على يد الأديب والمفكر والسياسي سعيد عقل الذي وصل إلى حد وضع أبجدية جديدة للغة اللبنانية على أساس الأبجدية اللاتينية مكونة من 36 حرفا والكثيرون يتذكرون صحيفة كانت تسمى لبنان كانت تكتب العربية بالحرف اللاتيني.. طبعا كان سعيد عقل مجاهرا بكراهيته للعرب والعروبة غير ان سياق القومية العربية جعل محاولاته زوبعة في فنجان.. وبالمناسبة فهي نفسها العملية التي نجحت في تركيا مع التخلي عن الحرف العربي.. ما يدور حول استهداف اللغة العربية وتمرير جرعات من الدارجة في المقررات الدراسية بالمغرب، في اعتقادي أقل من زوبعة في فنجان فلا نحن نراكم من النصوص العامية ولا نحن نملك مشروعا للثورة على الابجدية العربية و عيوش ليس هو سعيد عقل.. الأمر جد معقد في ثقافة مثل ثقافتنا حيث القرآن يحمي اللغة العربية فهي لغة الوحي ولسان الله وكلام أهل الجنة.. وحيث اللغة فرع من النبوة والعرب لا يكون لهم الملك إلا بالنبوة كما قال ابن خلدون..