كنت أرى فيما يرى النائم وكأنني في أحد الشوارع العتمة.. لا أدري في أي مكان، بين النائم والصاحي، تائه بين الناس أمشي الهوينى، والطريق طويل واسع إلى أن يضيق في منتهى ما تراه العين، حيث كان يبدو في آخره ضوء خافت يكاد لا يرى.. بينما الجموع تمشي هائمة بوجوه شاحبة، مقفرة، ملامحهم قاسية لا ترى، ولا تُدَلل على أصحابها، الحال تماماً كالليل في بدايته حين يقبل الغسق. في جهة من الشارع يُرى جمع من الناس حول جهاز يشيرون إليه وهو يذيع بين الحين والآخر. اكاد أسترق السمع.. أنا غاضب.. أنا كشعبي أشمئز من أحكامكم، لم تكونوا في اللحظة التي يجب، كانت فرصتكم فأهدرتموها.. لماذا لم تتصرفوا في هذا الموعد حتى يحكم الله على أحكامكم، ويحكم الناس، وأحكم أنا؟ فرح المتجمهرون وهتف بعضهم وصاح آخرون، كان مرج وهرج، وبدأ الجمع يفترق ثم يبتعد ويضمحل حتى صرت وحيداً.. أصيح بصوت لا يُسمع ولا أحد يجيبني أو يلتفت نحوي. حينها أدركت أنني أهذي وأنني في حلم، فلم أجد بداً غير أن أحمل على نفسي حتى أستفيق من حلم ليس حقيقة ولن يكون أبداً.. فجلست على حافة السرير أمسح عرقي. وأحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه. وأتمنى أن يكون خيراً وسلاماً.