سيرة عالم صبر على طلب العلم ، أدرك أن طريق طلب العلم شاق وطويل بل هو مع الإنسان منذ أن يبدأ في العلم إلى أن يلقى ربه ،أدرك كذلك أن طلب العلم يحتاج إلى الكثير من الصبر ، صبر في حضور الدروس ، صبر في ملازمة المشايخ ، صبر في الاستماع للعلم والعلماء ؛ بل صبر على أن لا يشغله عن العلم ما هو دونه ، هذا ما استشفته وأنا اطلع على سيرة العلامة المرحوم سيدي عبد السلام بن الخضر الجباري الحسني ، حين توصلت بتعريف من ابنه الأستاذ الخضر الجباري الحسني ، وهو التعريف الذي كنت سأعتمده ، إلا أنني عثرت على كتاب " إتحاف القاري بترجمة العلامة عبد السلام بن الخضر الجباري " تأليف الدكتور الزهير جبيلي ضمن سلسلة " مشاهيرعلماء المعهد الديني بالقصرالكبير " قلت لا بأس بعرض نظرة مجملة عن الكتاب لأهميته ، ذلك أننا نعيش زمنا عزَّ فيه العلماء ؛ فدراسة تراجم العلماء الأعلام والأئمة الكرام، تُعوِّض شيئًا من النقص، وتعوض شيئًا من هذا من هذا الفقر و الخواء . ولأنه يضيق المجال هنا لعرض الكتاب كله ،ساكتفي بعرض مضامينه … الكتاب بعنوان " إتحاف القاري بترجمة العلامة عبد السلام بن الخضرالجباري " من 160 صفحة بتقديم كل من الأستاذين الجباري مصطفى والشريف مصطفى الطريبق ومقدمة للمؤلف ، مما جاء في المقدمة ص 23( وقبل الشروع في كتابة هذا البحث المتواضع ، توجهت إلى الله عز وجل راجيا منه المدد والعون ليوفقني سبحانه وتعالى للكتابة فيه ، ورمت ذلك إتحاف القارئ الكريم بهذا الموضوع الذي وسمته " إتحاف القاري بترجمة العلامة عبد السلام بن الخضر الجباري " اشتملت خطة البحث على عدة مباحث اندرجت تحتها عدة مطالب ، فضلا عن المقدمة والخاتمة ) واكتفي بتقديم المباحث المبحث الأول اسمه ونسبه المبحث الثاني دراسته ببلدته المبحث الثالث رحلاته العلمية مكانته وظائفه وخططه المبحث الرابع شيوخه والمبحث الخامس وظائفه وخططه المبحث السادس ، نشاطه الثقافي وأبحاثه العلمية ، المبحث السابع وفاته .. كما ضم الكتاب أكثر من 30 وثيقة ، ما بين ظهائر وإجازات ومخطوطات عدلية ورسائل وفتاوى وأشعاره وأشعار غيره فيه .. أما التعريف الذي توصلت به من الأستاذ لخضر الجباري الحسني مشكورا عنونه ب ( الفقيه العلامة المحقق شيخ الجماعة سيدي عبد السلام بن الخضر الجباري الحسني القصري ) ولد عام 1323ه الموافق 1905 م بمدينة القصر الكبير وحفظ القرآن على الأستاذ سيدي عبد الله الصرصري وجوده بعض التجويد عليه عمنا المقرئ الفاضل سيدي محمد بن محمد بن الطاهر الجباري ، ثم حفظ من المتون صغرى الامام السنوني والمرشد المعين والالفية والعاصمية والزقاقية ومختصر الشيخ خليل وكان حزابا به في جامعة القرويين وغير ماذكر من المتون الصغيرة مع احاديث مختلفة ثم اخذ العلم من علماء بلدتنا على الفقيه الاستاذ سيدي احد مومن وسيدي على المجول وولي الله تعالى سيدي الحسن السوسي البعقيلي والقاضي سيدي علي نخشى وسيدي محمد المرير حين كان قاضيا بالقصر ، ثم قصد فاس فاخذ العلم عمن كان متصديا ، إذ ذاك للإفادة والتحرير والإجازة بجامعة القرويين وذلك في صفر عام 1242 فقرا على العلامة المحقق مولاي احمد بن المامون العلوي البلغيتي وملاي عبد السلام العلوي وسيدي إدريس المراكشي والمحقق مولاي عبد الله الفضيلي والمحقق سيدي الراضي السناني وسيدي محمد الطايع بن الحاج وسيدي العباس المزطاري المكناسي ومولاي محمد العلمي الميقاتي وسيدي محمد البكراوي وسيدي الحسين العراقي وسيدي أبي الشتاء الصنهاجي وأخيه سيدي محمد وحضر دروسا على الفاضل المحدث سيدي محمد بن جعفر الكتاني والحافظ سيدي أبي شعيب الدكالي وسيدي الفاطمي الشرادي والقاضيين سيدي عبد العزيز بناني وسيدي بن احمد الزرهوني وغيرهم ، وأجازه منهم كتابة مولاي عبد الله الفضيلي ومولاي احمد العلمي الميقاتي ومن ذكر بينهما كما أجازه سيدي إدريس المراكشي مشافهه وتواريخ هذه الشهادات كلها عام 1350ه الذي هو عام رجوعه إلى القصر الكبير ، ثم تعاطي مهمة الإفتاء بقرار وزاري مؤرخ في سابع ذي القعدة عام 1354 موافق فبراير 1936 ثم خطة العدالة من الدرجة الأولى بقرار مؤرخ في جمادى الأولى عام 1354 موافق 6 غشت 1937 ثم عين عضوا مستشارا بمجلس الأحباس الذي كان أسس بتطوان بقرار مؤرخ في محرم عام 1385ه موافق 25 فبراير 1939م . كان رحمه الله أصوليا بارزا وفرضيا فذا ونوازليا بارعا ، شغل منصب ا لإمامة بالمسجد السعيد بالقصر الكبير مدة خمسين عاما كما كان عضوا مرموقا بلجنة التشريع المنبثقة عن مؤتمر رابطة علماء المغرب ، وقد عين في فترة مرضه رئيسا شرفيا لفرع رابطة العلماء بمدينة القصر الكبير ، وعرف رحمة الله عليه بالصلاح والتقوى والورع والجدية في العمل تخرج على يده العديد من الأطر المثقفة ممن تزخر بهم دواليب الدولة المغربية في التعليم والقضاء والإدارة وغيرها رحلته إلى الحج سنة 1938م كان الشيخ سيدي عبدالسلام الجباري ضمن العلماء الوعاظ المشاركين في الرحلة التاريخية للديار المقدسة عام 1938 والتي ضمت حجاج المنطقة الخليفية بالمغرب إبان الحماية الاسبانية ، والتي ضمت إلى جانب إخوانهم من حجاج الصحراء المغربية ( الساقية الحمراء ووادي الذهب ( وقد روى الفقيه مشاهداته خلال الرحلة على متن الباخرة التي أقلتهم من سبتةالمحتلة إلى مدينة جدة عبر مدينة طرابلس وبور سعيد بالقطر المصري ، وابرز ما أثر فيه هو إقامة الحجاج بضعة أيام بالعاصمة الليبية طرابلس ، وهي يومئذ ترزح تحت نير الاستعمار الايطالي البغيض حيث ذكر أن الحجاج المغاربة أدو صلاة الجمعة بمسجد الباشا بطرابلس ، حيث طلب الخطيب من الحجاج أن يبتهلوا الى الله عز وجل في الرحاب الطاهرة قصد رفع هذا الاحتلال الفاشي عن بلادهم ، وقد بكى الخطيب وأبكى من معه من المصلين . وقد أشار سيدي عبد السلام الجباري رحمه الله أن هذا المستعمر الغاشم كان يكبل المجاهدين الليبيين بالسلاسل ويلقي بهم من طائرته الحربية وانه كان يمنع الآذان . انتقل إلى جوار ربه في شهر شتنبر 1982 ميلادية ، رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جنانه ودفن بالزاوية القادرية البدوية بمدينة القصر الكبير آثاره المكتوبة ن خلف رحمه الله العديد من الرسائل والفتاوى الفقهية ( والجميع خطوط )كما كان ينظم حيانا في مواضيع مختلفة كالتوسل والمساجلات العلمية والتقاريظ وغيرها رحم الله العلامة سيدي عبد السلام بن الخضرالجباري الحسني