من فضائل المدرسة الرمضانية النورانية، حصول الصائم على ثلاث جوائز ربانية في كل عشرية من هذا الشهر الجليل، فأما الجائزة الأولى فهي الرحمة التي تغشى نفس الصائم وتعم بركتها على حياته كلها. والجائزة الثانية مغفرة تكفر عنه سيئاته وتمحو خطاياه وتنقيه من دنس الآثام والذنوب، وتبقى الجائزة الأعظم والفوز الأكبر في هذه المدرسة الرمضانية التربوية هو الظفر بالعتق من النار. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *أول شهر رمضان رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.* رواه ابن أبي الدنيا والخطيب وابن عساكر ولعل عظمة وبركة هذه العشر الأواخر من هذا الشهر العظيم لا تكمن فقط في تحقيق الفوز بالعتق من النار، بل تتعداه إلى بركات أخرى ونفحات جليلة لكل من استطاع أن يجد ويجتهد في العبادة والذكر وتلاوة القرآن وفعل الخيرات. فهذه العشر الأواخر تفضل ما سبقها باشتمالها على أعظم ليلة وهي ليلة القدر، التي تتنزل فيها الرحمات والفيوضات الربانية والمنح الإلهية لكل من أخلص النية وأقام ليلها وصام نهارها واجتهد في إحيائها بكل ما يناسب جلالها وقداستها، باعتبار أن العبادة فيها تفضل عبادة ألف شهر. وما هذه العظمة إلا فيض رباني لعظمة القرآن الذي نزل فيها من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة واحدة، لينزل بعد ذلك منجما على سيد المرسلين وخاتم النبيئين سيدنا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم. إنها ليلة القدر التي تعم نفحاتها كل من أحياها بما يليق بقدسيتها وعظمتها باعتبارها أفضل وأعظم الليالي التي شرفها الله تعالى بنزول القرآن والروح الأمين والسكينة على عباده المؤمنين مصداقا لقوله تعالى: *إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ – وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ – لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ – تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ – سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ. * عضو خلية ذات النطاقين ، المجلس العلمي المحلي / العرائش