نشأ " التهامي" و ترعرع في قرية محاذية للنهر الذي كان ينساب بخريره في السهل المنبسط و المترامي على مدى البصر. كان " التهامي" قوي البنية ، ذو لحية كثيفة، سوداء فاحمة ، بشفتين ممتلئتين و تسقط السفلى منهما نحو الأسفل ، مما كان يعطي معه الانطباع و كأنه مشدوه أو أبله. عيناه ضيقتان و صغيرتان ، لكن بريق الذكاء و الحذر كانا باديان عليهما. و كانت أطراف جسده ممتلئة و كبيرة ، خاصة رجلاه و يداه و كأنها لشخص آخر غيره ، فارع الطول و متين القوام. تلقى تعليمه الأولي بمدرسة تبعد عن دواره بمسافة كبيرة ، مما كان يجد معها الطفل " التهامي" صعوبة للالتحاق بها ، خاصة في فصل الشتاء ، حيث كان النهر يفيض على السهول و يغرقها. نشأ " التهامي" يتيم الأب و لم يكن يتذكره ، و له 09 إخوة ، فيهم البنات و الذكور. في المراحل الأولى لطفولته تعاطى " التهامي" لرعي الأغنام و القيام بأشغال مختلفة في الدوار ، و في ما بعد أصبح بناء ، كما أنه في فصل الصيف يشتغل في الحصاد لفائدة الأغيار. و منذ طفولته كانت علاقته بأمه متوترة و صدامية. غادر " التهامي" الدوار و جاب البلاد طولا و عرضا من أجل عمله المختلف. و بعد طول غياب عاد أخيرا إلى قريته. كان قد تقدم بعص الشيء في السن ، و أصبح شابا يافعا، ففكرت أمه في تزويجه . رفض " التهامي" كل اقتراحات أمه و المتعلقة بمرشحاتها للزواج بابنه ، و اختار " رحمة" تلك الفتاة المليحة و اليتيمة الأبوين و التي كانت تعيش في كنف جدها . كان " التهامي " قد استلطفها ذات مرة. تزوج بها ضدا عن رغبة أمه ، و منذ ذلك الحين و هذه الأخيرة تناصب زوجة ابنه العداء و الكراهية. أنجبت " رحمة" للتهامي 03 أبناء ، بنتان و ذكر. يتبع…/