جلست على حافة الجبل تتامل تارة في السفح حيث صوت الوادي وكانه نغمة موسيقية وتارة تنظر الى القمر والنجوم التي تتراقص حوله و في سهوة منها اغمضت عينيها الحزينتين لتجد نفسها تدخل الى قصر ليس ككل القصور، باب حديقته زهر وليمون ، جنانه اعناب وتفاح اخضر احمر وما بين الاشجار اطفال يلعبون وبأيديهم بالونات ملونة , يلبسون لباسا ابيضا وفي اخر الطريق حيث المدخل رجال ونساء ينتظرون قدومها بورود وياسمين وفرقة موسيقية تعزف ارقى المعزوفات، كان شغفها ان تستكشف ما يوجد داخل القصر وعند اول خطوة، اندهشت وكانه كوكب اخر، الاضواء مختلفة الالوان خضراء صفراء حمراء ،مربوطة في اعمدة ذهبية، اناس يبتسمون لها كانها اميرة .في الجانب الاخر وضعت المأكولات والمشروبات والحلويات ،هناك لم يكن ينقص شيئا لا مكان للاحزان، كل من راته كان مسرورا السعادة تتكلم من عيونهم تمنت لو جاؤوا اهل حيها ليشاركوها بهجتها، تقدمت نحوها سيدة وطلبت منها ان تصاحبها الى غرفة مجاورة لتغيير ملابسها، البستها فستان الاميرات وزينت خصلات شعرها بتاج مرصع بالاحجار الكريمة، ووضعت قدميها في حذاء ابيض ذو كعب عال. وحين خروجها من الغرفة مع السيدة ، بدت اميرة صفق لها الجميع. و لكن في لحظة انشغل الحاضرون باحاديثهم ورقصاتهم و مأكولاتهم ،و بقيت وحيدة لم تعرف اين تجلس ولا مع من تتحدث ولا ماذا وكيف تآكل واي شراب ستشرب، تائهة بدت عليها معالم الحزن، تأكدت انها كانت مجرد لعبة ارادوا ان يستأنسوا بها للحظات علها تبعد عنهم الملل قليلا، وبعدما اكتفوا بسعادة مزيفة في البحث عن الجديد تركوها تعبث في القصر كما تريد، لا يهمهم ماذا ستفعل وماذا ستاخذ . اشتد عليها النعاس فخرجت الى الحديقة وجلست وحيدة على كرسي تبكي على حالها، كانت تظن انها فعلا بنت القصر ،غفلت عينيها للحظة الى ان اهتزت على طلقة بندقية فزعت واستفاقت لتجد نفسها تحت النجوم تجلس فوف الجبل. انذاك فرحت وابتسمت لأنه كان قصرا من وهم ،وان حياتها بخير مادامت بين ابناء حيها يبادلونها حبا بحب حتى وان كان الفقر قدرها فالمحبة هي زادها وارتواءا لعطشها. أتعلمون من كانت ،انها الفتاة الحالمة والمتطلعة الى حياة القصور، التي تنجرف مع تيار المال و الجاه لتجد الطريق السهل امامها ،وبسبب شغفها لتغيير حالها من البؤس المحيط بها الى امتلاك ما هو اثمن تنصاع مع التيار، وتوهم نفسها انها بنت الباشا ،وبمرور الوقت تكون قد وصلت الى منتصف الطريق لتدرك انها كانت مخطئة في اختياراتها ،ولا يبقى لها الا ان تعود الى بيتها حيث تربت، او ان يجرفها التيار الى المجهول حيث المال و كل انواع الخبث حيث السعادة المزيفة. تلك كانت قصتها ،هي الان سعيدة بحياتها تتمتع في ليلها برقصات النجوم وصوت الوادي وتعلمت ان السعادة تبنى من القلوب وبالقلوب وليس بقصر من وهم.