المدير العمري شغل اسمه الأساتذة والطاقم الإداري وتلميذات وتلاميذ الثانوية المحمدية في حقبة الثمانينيات بالتحديد ، رجل فارع الطول قوي البنية ذو شارب أسود كثيف ونظرات تغني عن البحث في مكامن القوة الأخرى لشخصه ، عندما كان واحد منا يرتكب مخالفة كحلوله بالثانوية متأخرا وبعدما يجتاز صراط الحارس الصلب " با عبيدة " رحمه الله فإنه يدعو الله صادقا ألا يجد المدير العمري واقفا تحت قوس مدخل الإدارة ببدلته الزرقاء الأنيقة وربطة عنقه الوردية لتجنب نظرة قد تسبب له بولة ساخنة لاإرادية في مقدمة الصباح . هذا المدير الصارم عندما ضاقت بنا السبل ذات يوم عصيب تحول من نسر إلى حمامة وديعة ، كان ذلك في تظاهرات 1984 ونحن تلاميذ في المرحلة الإعدادية ، كنا ضمن مجموعة من شباب متظاهر بقوس المحلة رافعين شعارات تتجاوز سننا وحجمنا ، بل نردد فقط ما نسمعه من كلام صاخب ، عند وصولنا إلى مقر التفتيشية فاجأتنا قوة من الجيش مسلحة بهراوات آتية من جهة مدرسة المنزه ، تفرق الجمع بسرعة في اتجاهات مختلفة ، واتجهت ضمن مجموعة تفوق العشرين تلميذا نحو الباب الخلفي للثانوية التي كانت مشرعة بلطف من الله ، أطلقنا سيقاننا للريح وقوة وراءنا تركض وتصدر كلاما متوعدا نابيا ، عند الحجرة اليمنى الأولى سنرى المدير العمري يشير علينا بالدخول إليها والانبطاح أرضا ، دخلنا مذعورين بمساعدة حارسه العام العمراني حفظه الله ، امتثلنا ، وقف المدير بباب الحجرة فلم يتجرأ أحد من الجند أن يطلع ما بداخلها حتى ، مكثنا وقتا ليس بالقصير حتى انسحبت القوة ، أخرجنا الجنرال العمري حينذاك وأشار علينا بالمغادرة فرادى إلى منازلنا . عظم في أعيننا المدير العمري ، لأن ظرفا عصيبا احتجناه فوجدناه مديرا رحيما .