استجابة للتوصيات الصادرة في تقرير التربية على القيم الذي أصدره المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والتي تدعو كافة الفاعلين للعمل على التعريف بهذا الوثيقة الهامة، وتنزيل مقتضياتها، انخرط المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية في التعريف بهذا الورش البالغ الأهمية، حيث استضاف صباح الأحد 14 ماي 2017 بمركز التكوينات الملتقيات الوطنية بالرباط كاتب الدولة في التعليم العالي وعضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وأحد أعضاء اللجنة التي اشتغلت على القيم الدكتور خالد الصمدي. وتحدث الضيف الذي استضافه المركز المغربي في سياق سلسة اللقاءات العلمية الشهرية القيم والعمران التي دأب المركز على تنظيمها مع عدد من الخبراء والباحثين، في بداية العرض الذي تابعه مجموعة من الطلبة الباحثين بمركز الدكتوراه وطلبة الفوج الرابع والخامس لماستر التربية والدراسات الإسلامية، بالإضافة إلى عدد من الأساتذة المهتمين، عن هذا التقرير الذي أصدره المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وبين سياقه والكيفية التي تمت إعداده بها، ثم تطرق إلى أهم المضامين التي اشتمل عليها. واعتبر الصمدي عند سرده لقصة التقرير أنه الأول من نوعه على حد علمه على المستوى العالم الإسلامي والعربي، وسيكون له ما بعده من حيث تنزيل مقتضياته. وذكر المتحدث بأن المجلس الأعلى فور إعلانه عن الرؤية الاستراتيجية للمنظومة التربوية التي تتضمن التوجهات الكبرى والأسس العامة، ولا تدخل في تفاصيل بعض القضايا كموضوع التربية على القيم ، والتعليم الخاص، وتمويل المنظومة ، إحتاج إلى تعميق النظر في هذه القضايا التي لم تنل حظها وقسطها من التفكير، فشكل لجنة اشتغلت على قضية القيم أكثر من سنة، وأعدت هذا التقرير الخاص بمنظومة القيم، وهو عصارة الدراسة الموسعة التي أجريت لفائدة المجلس حول القيم التي تم فيها رصد تجارب تسعة دول ، وكذا عصارة لخلاصة التجارب المغربية في الموضوع . وأضاف أن من بين أهم ما جاء في هذا التقرير هو دعوته إلى فتح وحدة خاصة بالتربية على القيم بمراكز التكوين، إضافة إلى توجهه لإعداد ميثاق قيمي للعمل في المنظومة التربوية، كما أوضح المراحل التي مر منها التقرير إلى أن وصل إلى شكله النهائي الحالي. وإذا كان من الإشكالات التي تطرح دائما عند الأكادميين والباحثين، ويثار حولها الجدل هي قضايا الهوية والتنمية، فإن التقرير استطاع أن يجمع بينهما حتى لا يبقى التفكير في أحدهما بمفصل عن الآخر على حد تعبير عضو المجلس الأعلى، وأبرز أن دستور 2011 قد لعب دورا أساسيا في النتيجة المحصل عليها، لأنه كان واضحا فيما يخص قضية الهوية، وموقع اللغات في الهوية الوطنية بدوره جاء واضحا، وفيه الحديث عن الحق في الهوية ( الهوية الدينية، والهوية الثقافية ….)، كما أفرد الدستور كذلك لمنظومة القيم عناية خاصة، حيث تم التنصيص في ديباجته على مجموعة من القيم بعينها تتعلق بحقوق الإنسان والمرأة والطفل، والمساواة ، وحقوق ذوي الإعاقات وذوي الوضعيات الخاصة تشكل القاعدة الأساسية لبناء منظومة قيمية مغربية على مستوى الاختيارات. و يكمن الإشكال الثاني في قضية تنزيل التقرير في الميدان، أن الأمر في القيم لا يتعلق بمذكرات تدبرها الوزارة، بل هو قناعات وثقافة وتصور يقتنع به الناس ويعملون على تنزيله على أرض الواقع، ويحتاج هذا إلى وقت لترسيخ ثقافته، وهذا التقرير يعتبر بداية الطريق لبناء هذه الثقافة. فيما تبقى كيفية إدماج هذه القيم في الكتب المدرسية، وفي الوثائق التربوية، وفي مناهج تكوين المدرسين من ضمن الإشكالات أيضا. بعد ذلك انتقل الدكتور الصمدي للحديث عن المنهجية التي اتبعت في إعداد التقرير، والمرجعيات والمستندات التي ارتكز عليها كالدستور والخطب الملكية وميثاق التربية والتكوين، وكذا الرؤية الاستراتيجية… ليصل إلى ذكر أهم الصعوبات والاختلالات التي تعترض التربية على القيم،والتي أجملها في العمل ببرامج متعددة ومتتالية دون اعتماد مقاربات إدماجية قائمة على ترصيد المكتسبات، وضعف المواكبة المنتظمة للمناهج والبرامج، والتفاوت بين أهداف البرامج وواقع الممارسة التربوية في المدرسة المغربية، ومحدودية الطرق التربوية المعتمدة، وكذا اعتماد تكوينات ذات طابع موسمي واحتفالي للفاعلين التربويين في التربية على القيم … وحصر عضو لجنة القيم بالمجلس الأعلى التحديات في أربعة أساسية: تحدي قدرة المنظومة التربوية على المساهمة في عملية تنمية وتأهيل الرأس مال البشري باستثمار البعد القيمي في تكامل مع المعارف والمهارات، تحدي الانسجام الداخلي للمنظومة في مجال التربية على القيم، وتحدي التكوين الجيد للفاعلين على اختلافهم، وأخيرا تحدي عمل المنظومة التربوية على تطوير شراكاتها المؤسساتية وتحديات المنظومة القيمية في محيطها… ويبقى الهدف من هذه الوثيقة هو تمكين المنظومة التربوية بأدوات وآليات لتقوم بوظائفها المحورية المتمثلة في التنشئة الاجتماعية ، وتجويد خدماتها التربوية وترسيخ البعد القيمي لتسود في المجتمع القيم الكفيلة بحفظه وصونه وليقوم بأدواره الطلائعية. وقد كانت استضافة الخبير التربوي خالد الصمدي فرصة للطلبة الباحثين للوقوف على عدد من المواضيع والاشكالات التي يمكن سبر أغوارها بالبحث والدراسات، وجعلها عناوين لأبحاثهم لنيل شهادة الماستر و الدكتوراه..