في نسخته الرابع نظمت جمعية "اوبيدوم للإعلام و التواصل بالقصر الكبير "،و بشراكة مع المديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية يوم السبت 06ماي2017 كرنفالها السنوي، و بمشاركة المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية بالمدينة وعدد من جمعيات المجتمع المدني، حيث خرجت ساكنة مدينة القصر الكبير لمتابعة عروض من الكرنفال التربوي على امتدد شارع علال ابن عبد الله الى مولاي علي بوغالب فكانت الانطلاقة من مدرسة المنصور الذهبي ، وتناولت المؤسسات المشاركة مجموعة من المواضيع المتنوعة تعكس التراث المحلي و الوطني وقيم المواطنة بمجسمات متحركة( البراق والاقنعة وشخوص متنوعة الشكل و اللون …)، و بتيمات des thèmes" بيئتنا في خطر معا لحميتها "، و" المغرب في افريقيا غصن له جذور"…، تعكسها استعراضات و عروض راقصة و لواحات ابداعية ،و ألبسة و أزياء تقليدية تجسد وحدة الامة المغربية بتنوع جغرافيتها و تراثها الحضاري من شمال المغرب "جبالة" الى جنوبه "الصحراوي" ،و بقيم المواطنة الصادقة تجلت بتوشح التلميذات و التلاميذ باللون الاحمر و الاخضر تتوسطه نجمة خضراء ،و يحملون في أياديهم العلم المغربي خفاقا. ورغم ما تخلل الكرنفال من لوحة تعكس قبض التلميذ بزي العسكري على تلميذة منقبة /بالخمار و هو ما اثار استياء العديد من المتتبعين ،ربما في مغزاه التربوي لم يكن الاستاذ او الشخص الذي ذهبت مخيلته الى ابداع هذه اللوحة مصيبا ،لأنها تسيء بشكل كلي الى صورة الاسلام وتمثلاته لذا الطفل/ التلميذ و كذا المشاهد/ المتتبع ،فهذه مسألة يجب مراجعتها مستقبلا في دراسة معمقة للمواضيع الكرنفال بشكل أكثر عمقا و بعد نظر في احترام لحرية الابداع في نسخته القادمة . وقد سبق لي أن كتبت مقال بنفس العنوان في نسخته الثانية مساهمة من جانبي المتواضع في قراءة مبسطة لمواضيع الكرنفال ، فمخطئ من قال أن الكرنفال ليس تربويا ،فعندما تتأمل في ذلك الطفل / التلميذ بعيدا عن أسوار المدرسة التي تحتجز إبداعاته و ميولاته لتنقله إلى الفضاء الخارجي فقد حررت ذلك الطفل / التلميذ من قيود الروتين و الرتابة ،و فتحت له فضاء جديدا بطعم و إحساس يختلف عن تواجده فيه دوما عندما يرغب باللعب في الحي أو عندما يتأبط ذراع والديه و يتجول بشوارع المدينة ،فالعمق التربوي للكرنفال تجلى في تكريسه للفكر التربوي المعاصر من خلال هذا النشاط انطلاقا من: البعد السيكولوجي: للطفل/ التلميذ بتقمصه لدور النجم الذي يشد إليه الأنظار على امتداد جنبات الشوارع من خلال الجماهير المتابعة بشغف لمسيرة الكرنفال ،وهنا يستحضرني أيام كنت بالمدرسة الابتدائية و عندما كانت المؤسسة تقوم بالاستعدادات للاحتفال بعيد العرش من خلال الإعداد لورشات العروض الفنية و المسرحية و التشكيلية يبدعها تلاميذ و تلميذات المؤسسة فكنا آنذاك نتنافس و نتدافع نحو إبراز كل منا موهبته و طاقاته في إحدى المجالات ،كما كنا جد فرحين عندما يقع علينا الاختيار للمسيرة الاستعراضية لعيد العرش نتقاسم شعور الفخر و الاعتزاز مع آبائنا و أمهاتنا عندما يظهر ولدهما بمظهر مختلف جدا و تتوجه إليه الأنظار، كل هذا يفضي إلى تفجر الموهبة و الإحساس بالثقة و الرغبة في الاجتهاد و البذل و المزيد من العطاء باعتبار المحفز الذي يتم وضعه للتلميذ هو ذاك الكرنفال الذي ينقله من فضاء يتسم بالروتين، إلى فضاء رحب يحس فيه التلميذ انه يحلق بعيدا بمخيلته و إبداعاته و مواهبه و لو لفترة زمنية صغيرة إنما تكون لها انعكاسات ايجابية في الشعور بالسمو و القدرة على الفعل من داخل المجتمع . في بعده الاجتماعي: انفتاح الطفل/ التلميذ على محيطه الخارجي يخلق لنفسه جسور التواصل مع الأخر، ويواجه التأثيرات الخارجية باكتسابه لتجربة ذاتية وخبرات خاصة تسقل مهاراته و ميولاته و اهتماماته ف" التربية هي الحياة "كما قال "روسو" بالاعتماد على أنشطة خارجة المؤسسة التعليمية في انسجام التلميذ مع عالمه الخارجي، ليس كعدو له أو متربص به لما فيه من مخاطر في إطار تمثلات سلبية تنقل دوما للتلميذ تجعله منعزل عن عالمه الخارجي لما يسئ لتربيته و لا يقدم له إضافة معرفية ، تأثر على منظومته التعليمية و السلوكية و التربوية بخلاف المدرسة فالكرنفال القصري جسد ذلك الإبداع التربوي و ثقافة مواطنة بإثراء التنوع لدى التلميذ، و زرع ثقافة الابتكار و الإبداع و التشبع بالتراث الحضاري المحلي و كذا الوطني في إطار موضوعات des thèmes رغم التنافسية، إلا أنها ذات حمولة قيمية و تربوية هادفة تغذي لذا الطفل /التلميذ القصري الإحساس بالمواطنة الحقة. ويمكن القول،أن النقد البناء للكرنفال يعزز من فرص النجاح والابداع والتجديد في نسخته المقبلة ،الى جانب التحفيز والتشجيع و يضمنان فرص الاستمرارية، فالشكر موصول للجهة المنظمة.