كان بوغالب حارسنا الوفي.. رجل أسمر بإسم إسباني استعماري "مورينو" … أخبرني ذات يوم أنه اشتغل خياطا مع يهودي يدعى خاكوب.. وأنه زار الرباط مرة في الستينات.. لكنه لم يتنازل يوما عن عشقه الأزلي "خينيبرا".. التقيت في حياتي بالكثير من الكحوليين المحترفين لكنني لم أشاهد سكيرا ملتزما مثله يشرب الجين الخالص بقداسة ويبكي على حال المدينة كل عصر.. كان خلوقا أكثر من إمام وحزينا مثل لقلاق.. ملحد بالفطرة ومؤمن بالقمح والسحاب.. حنينه الوحيد إلى زجاجة ويسكي نادرة شربها ذات خراب مع ظابط متقاعد يدعى الزرهوني. . لم يكن بوغالب يعبئ بالفصول ولا تعنيه نشرة الأخبار.. في الطفولة اوصلني إلى المدرسة كل صباح.. وعندما كبرت عاهدني على كأس مؤجلة في ميناء العرائش صحبة وجبة من السمك.. مات بوغالب حارسنا الوفي في مشفى الفقراء بالعرائش دون أن نشرب تلك الكأس الأولى بيننا.. غير ان زواره اخبروني أنه ظل يترقب باب الغرفة البئيسة منتظرا تلك الكأس المؤجلة.