زكرياء الساحلي محمد القاسمي مع إقتراب موعد الانتخابات التشريعية للسابع من أكتوبر المقبل، يتجدد السباق حول زعامة لائحة حزب العدالة و التنمية بإقليمالعرائش . الصراع برزت حدته خلال الأيام الأخيرة و بدت تأثيراته واضحة حيث " الانفجار " بين تيارات الحزب أضحى واردا في أية لحظة لطبيعة الحسابات الخاصة بكل تيار تزكيها فكرة الوصول " المضمون " لقبة البرلمان بعد 7 أكتوبر لما يتوفر عليه الحزب من شعبية واسعة على صعيد الإقليم . التيارات كشفت نفسها للعيان ؛ بعدما كانت يقتصر وجودها داخل كواليس الحزب ؛ مع بداية إعمال مسطرة الحزب في اختيار مرشحي إقليمالعرائش للبرلمان ، و وصلت حدة الصراعات بين التيارات إلى تصريحات حادة على الفايسبوك تهدد وحدة الحزب و تنذر بانقاسمه على المستوى الداخلي ، بل إن بعد أقطاب هذه التيارات لم يتوانوا في إشهار ورقة الرحيل في وجه " مخالفيهم " . هاد الصراع كامل علاش ؟ يتوفر الحزب بإقليمالعرائش على قاعدة شعبية مهمة من المتعاطفين و الأنصار ، إضافة لعدد كبير من الأعضاء العاملين و المشاركين المنتشرين بكل من حاضرتي اللوكوس و القري و المداشر بالإقليم و يقدر بالمئات ، كما أن الحسابات السياسية تضمن للحزب مقعدا " شبه مؤكد " داخل الخارطة السياسية بالإقليم . و قد تمكن سعيد خيرون من ضمان مقعد للحزب بالبرلمان على مدى ثلاث ولايات ، كما استمر تسييره للمجلس البلدي للقصر الكبير على مدى إثنا عشر سنة ، إضافة إلى رئاسته للجنة المالية بالبرلمان و هو ما يجعله قريبا من دائرة القرار داخل الحزب و خصوصا الأمانة العامة للحزب . الغاضبون على خيرون يعتبر خيرون أحد أوجه الحزب محليا و إقليميا نظرا للمكانة التي يحتلها داخل الحزب وطنيا و نظرا للدور الذي لعبه في إشعاع الحزب منذ بداية الألفية و هو ما أهله حينها للجمع بين عدد من المهمات و المناصب . هذه الحظوة و المكانة التي نالها خيرون ، كان لا بد أن تجلب له معارضين داخل الحزب ، حيث سينتفض في وجهه عدد من الأعضاء خلال الانتخابات التشريعية الماضية سموا أنفسهم التيار التصحيحي و الذي ضم آنذاك عدد من المناضلين المحليين و أعضاء الشبيبة ، و من ضمن المنتفضين ضد خيرون كان هناك الكاتب الإقليمي الحالي أحمد الخطيب ، و وصل الأمر بالمعارضين لخيرون إلى القيام بحملة انتخابية تحث الناس على عدم التصويت لخيرون و لائحته خلال الانتخابات التشريعية . الانتفاضة انتهت بانسحاب أغلب أعضاء التيار التصحيحي و تشكيلهم لائحة العداء خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة فيما فضل بعض من لم يقطع شعرة معاوية مع الحزب الأم العودة إلى " حضن الحزب " . عقب الانتخابات التشريعية ، سيقوم الحزب بعقد مؤتمره الإقليمي بعد استقالة المنصوري الذي تزعم لائحة العداء ، حيث سيصل الدكتور أحمد الخطيب إلى قيادة الحزب إقليميا . على المستوى الإقليمي ، يوجد تيار عرائشي يرى أن هيمنة القصريين على الحزب ؛ لعوامل تاريخية ترجع لبدايات الحزب محليا و علاقته بالجمعية الإسلامية ؛ تهميشا لهم و تقزيما لدورهم داخل الحزب و ثانويين ، و هي ما يغذي لدى هذا التيار الرغبة في قيادة الحزب و قد بدأت معركة التيار حول الزعامة مع القصر الكبير منذ مدة طويلة و كان أبرز وجوهها أشرف الطريبق الذي لا يخفي مطامعه في ريادة المشهد الحزبي و السياسي سواء عن طريق الانتخابات الجماعية أو البرلمانية . كيفاش ناض الصداع من جديد ؟ أولى تجليات الصراع و التي ستكون لها نتائج عكسية فيما بعد، هي عملية اختيار المناديب الذين سيكون لهم حق التصويت إقليميا لتشكيل لجنة الترشيحات و التي لها الحق في اقتراح الأسماء التي تتشكل منها لائحة الحزب للانتخابات التشريعية ، و قد حصل عدد من مناضلي الحزب ؛ خصوصا الوجوه الشابة الجديدة ، على أغلب الأصوات ، لكن كان لافتا للانتباه عدم تمكن المستشار مصطفى الحاجي من الحصول على أصوات كافية تؤهله لكي يكون ضمن الأربعين مندوبا، فيما حصل أخوه الدكتور سعيد حاجي على صفة مندوب ، لكن عند التوجه لمدينة العرائش ، سيكتشف مناديب القصر الكبير أن لجنة الترشيح سيطر عليها العرائشيون إلى جانب الدكتور الحاجي و ثلاثة أو أربعة أعضاء من القصر الكبير ، و كان لافتا أن جل التصويتات تطابقت فيها الأسماء ، ما جعل العديد من المناديب القصريين يشككون في أن الأمر " مكولس " حسب تصريح مصدر حضر العملية ، و تم الطعن لدى الكتابة الجهوية التي بعد اطلاعها على أوراق التصويت ، أمرت بإعادة اختيار لجنة الترشيحات و هو ما تم فعلا يوم الثلاثاء 16 غشت الجاري و لكن يبدو أن لعنة الطعون لازالت تلاحق اختيارات المناديب ، حيث علمت بوابة القصر الكبير أن طعنا من مناضلي الحزب بالعرائش قد عرف طريقه إلى الكتابة الجهوية . أنصار خيرون أو " البيجيدست الأكثر كفاءة بالإقليم " رغم انتخابه لثلاث ولايات برلمانية و ترأسه للمجلس البلدي مرتين ، و تحميله مسؤولية تضرر صورة الحزب من طرف معارضين ، يصر أنصار خيرون على اعتباره قائد المرحلة و لا زال لديه ما يمكن أن يفيد به الحزب و الوطن ، و يمكن أن يكون قائدا لسفينة الحزب بالإقليم بل يرون أنه يحظى بشعبية و ثقة القواعد . أنصار " الزعيم " كما كان يصفه الشخص الذي ظل إلى حدود بداية الشهر الأقرب إليه ، يصرون على أن عدد الولايات لا يطرح بحدة سوى في إقليمالعرائش ، و يتهمون الجهة التي تروج لهذا الخطاب بمحاولة " دغدغة " مشاعر المواطنين ، متهمين نفس الجهة بأنها هي من خرجت تطالب الناس بالتصويت ضد خيرون سنة 2011 ، و يستغربون من إثارة القلاقل على الطعن رغم أنه آلية من آليات الحزب حسب تصريحهم ، متسائلين هل سيتم نسبة الطعن الجديد الذي قدمه أعضاء من العرائش لخيرون أيضا . و يرى التيار المناصر لخيرون ، أن هذا الأخير لم يعلن عن ترشيحه ، بل أن الترشيح يتم حسب مساطر الحزب من طرف لجنة الترشيحات و تزكيه الأمانة العامة ، فيما على مستوى إقليمالعرائش لم يتم أي اجتماع للجنة الترشيح للنظر في الأسماء التي ستتزعم اللائحة ، متسائلين عن مدى انضباط تيار الغاضبون لقرارات الحزب و مساطره ، متهمين خصومهم بالبحث عن منافعهم تطبيقا لشعار " آمولا نوبا " في وقت أشار فيه أكثر من مصدر ممن تحدثت معهم بوابة القصر الكبير إلى نفي خيرون لأي نية له في الترشح . هل ينقسم الحزب على نفسه ؟ يجمع كثير من المتتبعين للشأن السياسي المحلي على أن الصراع الحالي يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على حصيلة الحزب في انتخابات 7 أكتوبر ، بل قد يتسبب في حصول الحزب على نتائج كارثية على مستوى الإقليم . فمن جهة ، أنصار خيرون ، و حتى و إن تمت تزكية الكاتب الإقليمي الجديد ، الدكتور الخاطب ، فهم لم " يغفروا " له خروجه مع الحركة التصحيحية في انتخابات 2011 و يتساءلون " كيف سنعمل و نضحي مع شخص عمل ضد مصلحة الحزب في الانتخابات الماضية " . أما تيار الغاضبون فيرون أن سعيد خيرون قد استنفذ مده حكمه و آن الأوان ليحل محله شخص آخر لا زالت بكارته السياسية " عذراء " بعدما وصل خلافهم مع خيرون إلى نقطة اللاعودة . فيما تيار العرائش يرى أن الوقت قد حان ليكون قائد سفينة البيجيدي على مستوى الإقليم عرائشيا و أن الطريق إلى البرلمان سالكة و إن اقتضى الأمر وضع اليد في يد تيار الغاضبين في محاولة لقطع الطريق على خيرون و ربما يكون متزعم اللائحة في حال نجاح اتفاق مثل هذا هو أشرف الطريبق ينوب عنه الدكتور الخاطب . وفي ظل هذه التجاذبات و الصراعات التي تنهش الحزب من الداخل ، يبرز على الساحة إسم آخر يرى في نفسه الأهلية للترشح بعدما كان نائبا لرئيس المجلس البلدي ، بل تشير عدد من المعطيات إلى أن المعني بالأمر اذا واجه معارضة من داخل الحزب محليا ، لن يجد حرجا في الخروج ضد الحزب. فهل سيتجح الحزب في الالتفاف على اسم يحظى باحترام المناضلين و لا يختلف على كفاءته صقور الحزب في حال التخلي عن منطق " نوبتي دابا " ؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة