بعد مغادرتي للدراسة في أوائل الألفية الثالثة كان حلمي أن أَلِج سلك الشرطة أو الدرك، لِما لها من هيبة آنذاك. أذكر أنني استخلصتُ الوثائق المطلوبة لاجتياز مباراة حُراس الأمن مرة واحدة لا غير، و رغم أن وزارة الداخلية بعثتْ لي بِدعوة لإجتياز الإمتحان فقد خرجتُ بِخُفّي حُنين، لأن والدي لم يكن يتوفر على صديقٍ ضِمن كبار مسؤولي الأمن لِأسمع كلمة "بّاك صاحبي" مِن المسؤول. و أيضاً تراجعتُ بعد أن فكرتُ في الولوج لأحد معاهد التكنولوجيا التطبيقية، تمنيتُ أن ألِجَ فرع النقل الطرقي واللوجيستيكي حبذا لو كان النقل دولياً. كنتُ أهوى الشاحنات الكبيرة و المقطورات لحد الجنون. لم أفعل شيئاً من هذا أو ذاك، و بعد كرٍّ و فر قررتُ ان "أُزَيِّرَ السّمطة" فاقتنيتُ سيارةً أو بالأحرى "مُقاتلةً" ببضعة آلاف من الدراهم حصلت عليها عن طريق التأمين، كانت السيارة شبيهةً "بالبرويطة" معظم أجزاء هيكلها مربوطة بأسلاك كنتُ أقضي معظم وقتي بجانب گراج الميكانيكي الذي يُصلح أعطابها اللّامُتناهية. عمِلتُ بها في مجال النقل السرّي، أصبحتُ معروفاً لِكُلِّ حاجزٍ أمني، فما إنْ يراني الشرطي أو الدركي حتى يبتسم و يقول لي "آفايْنْ آولدْ الحاجْ، تْوَحّشناكْ" لِأختار بين أمرين إمّا مدّه بالورقة "المْكْمّْشَة" أو المحجز البلدي. لم أجني سوى "صداع الراس" من هذه المجازفة. إلى أن التقيتُ بصديقٍ لي والده يعملُ في مجال "التسْمسيرْ" كان "مُخَلوِضاً" ماهراً بشهادة الجميع. أخبرني صديقي أنّ والده "طاحْ على هْمزة" و يريدُ سيارةً لصديقه "المرشّح" تُعِينُه على "قوالبه" الإنتخابية بأجرةٍ مُغرية. وافقتُ على الفور و من دون تردّد. كانت هي أول مرة آرى فيها "المرشح" أبو يحيى، كان من حزب الإتحاد الدستوري على ما آظن لأنّ كلُّ ما أتذكّره هو أنّهم ألصقوا صورة حصانٍ بزجاج سيارتي المقاتلة. يُتبع…