لا شيء يُعفي مُواطِنا من عَيْشِ مُواطَنَتِه، و الشُّعور بالانتماء لِوَطَنه، هذا الانتماء الذي من خلاله ينبثق تواجُده المَدني، الحرّ و الديمقراطي… إنه إحساس داخلي عميق ، و لا وُجود لأيِّ سلطةٍ في العالم يُمكنها زَجر مَشاعر المُواطنة… لكن المُواطنة في زمننا الحاضر أصبحت صورية، مفرغة من مَعناها العميق، تحت ذريعة أن السلطة السياسية في البلاد هي السياسي و المُواطن… هل هو الجَهل ؟ أم هو البُخل و موت الهِمَم ؟ لا يبدو أن المسألة وارِدَةٌ من الجَهل لأنَّ الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة و هذه الصفة تكفي لِتَخلُقَ لَدَيْهِ إحساسا بأن وجوده الجَمْعي مُرتبِطٌ بالآخرين، في إطار ذلك التبادل الحتمي بينه و بينهم في إطار المصلحة المُشتركة… إنه البُخلُ إِذن و مَوت الهِمَم، فمواطن اليَوم لا يمارس مواطنته كما لها أن تكون، مُستسلمٌ للأحداث، يترقبُ نشَراتِ الأخبار في انتظار جديد وطنه… !! لِمَن تَركتَ إذن هذا الوَطن أيها المُواطن ؟ هل ستأتيك نجدةٌ من السماء كي تنفرجَ أَزمتك؟ أم أنك استيأست حتى الحضور بشكلٍ مَدَني و مُتَحَضِّر ؟ مُواطنَتك يُسَّجِلُها عطاؤك في عملك، علاقاتك بمواطنيك، خطابك اليومي ، اكثراتك لمصلحة الوطن ، و استنكارك لكل ما يهدد مصلحته و المُساهمة في كل ما يدفع بعجلة التقدم نحو الأمام… إنك المُواطن الذي وحده من يقرر لمن تكون الكلمة نيابة عنه في المنبر السياسي…