إن واقع حكومة بنكيران غريب إلى أبعد الحدود ،فقد بلغت دفة الحكم وإدارة البلاد بفضل ثقة الشعب المغربي بمرجعيتها الدينية المؤشرة للاستقامة ،والثبات على المبدإ والوفاء بالعهود،ونصرة الحق والعدل،لكنها خذلته وتنكرت لانتظاراته في تحسين أوضاعه،ومعالجة مشاكل الفقر والسكن والبطالة،والنهوض بالمرافق والخدمات الاجتماعية،ومنع استشراء الرشوة والفساد، والحيلولة دون العبث في استغلال النفوذ والسلطة ومواقع القرار للإجهاز على قيم المساواة والعدالة الاجتماعية، وما إلى ذلك من المعضلات التي لا يزال المغاربة من كل الشرائح الميسورة والمتوسطة والمستضعفة يكتوون بنارها الملتهبة، وينتظرون رجال سياسة نزهاء عمليين يهديهم الله تعالى بهديه إلى خير هذه البلاد، يعملون بصدق وتجرد عن ذواتهم ومصالحهم الشخصية، يملكون لباقة الحديث واحترام مخاطبيهم ومخاطباتهم، مثلما يتوفرون على جرأة المصارحة، والاعتراف بالخطإ وتقبل النقد البناء، والتواصل المستمر مع المواطنين ومشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية، للمساهمة في حلها بما يمتازون به من روح المبادرة والإيثار والحدب،والانفتاح بأريحية خالصة على العمل التشاركي المتعاون الكفيل بالتصدي للأزمات القائمة، وإيجاد سبل تنمية الموارد المتاحة وحسن ترشيدها واستثمارها ، دون الإجهاز على المكتسبات الاجتماعية والشعبية الإيجابية مع البحث عن مجالات حيوية جديدة، وإقامة مشروعات حقيقية ودائمة تسمح بإنتاج المزيد من الثروة الوطنية الفاعلة في كل المجالات، من أجل تغيير الواقع المغربي تغييرا عمليا وإجرائيا يلاحظه المواطن المغربي على أرضية الواقع ،ويستفيد من ثماره في العيش الرغد الكريم… وليس من خلال مبادرات ظرفية توهيمية تطال جماعة مختارة تفرزها اعتبارات مسفة ،وتدعو إليها دوافع المحسوبية والزبونية، كما يحدث في عهد الحكومة الحالية والتي دأبت في مواجهة الأزمة على توظيف سياسة اللف والدوران والتمييع والفكر المراوغ، وذلك عن طريق إيهام الرأي العام بإنجاز تعهدات سرعان ما يؤجل البث فيها أو تترك نهائيا، إلى جانب اعتماد الأسلوب الترقيعي القائم على إضفاء أسماء جديدة على مكتسبات قديمة توصلت إليها الحكومات السابقة ،للتظاهر بالقدرة على التجديد والإبداع، والإتيان للمغاربة بقيم تنظيرية ورؤى اجتماعية،وإنجازات سياسية وإدارية حديثة لم يأت به سياسيو البلدان المتقدمة المتواضعون، والمعترفون بأخطائهم والمبادرون إلى الإعلان عن تركهم المناصب التي يشغلونها، لاقتناعهم بعدم صلاحيتهم لها ،وعجزهم عن الاستمرار في أدائها كما يجب،دون أن يضطرهم إلى ذلك احتجاج محتج أو ثورة ثائر. فمتى نرى مثل هذه المواقف الشجاعة التي تؤثر مصلحة البلاد على كنوز المناصب وكراسي الامتيازات والأموال الطائلة في دولة الحق والقانون ؟