رسالة ... مفتوحة بمثابة إفادة لاستجلاء حقائق مفقودة ، مشفوعة بنداء استعطاف و استجداء لمن يهمهم الأمر.. من كائن مضطهد و في وطنه مغترب و جد مكترث لأمر ابنه اللاجئ اضطراريا لأوروبا و المهدد بالترحيل من الديار الألمانية ... مرفوعة دون تحفظ .. إلى : - كل الضمائر الحية المدركة جيدا لعمق أحاسيس و مشاعر الآخرين و المقتنعة بمبادئ و قيم الإنسانية النبيلة . - كل هيئات و منظمات المجتمع المدني ، المنشغلة بهموم و مآسي الإنسان كإنسان ، الداعمة منها و المدافعة عن ترسيخ مبادئ و قيم حقوق هذا الإنسان .. - كل الأصوات الحرة ، الساعية للتغيير و التحرر و العيش في أحضان مواطنة كريمة مكفولة بمبادئ و قيم حقوق الإنسان .. - كل منبر إعلامي حر ، مستقل و نزيه في أداء رسالته .. وكل مسؤول صاحب قرار حاسم و مُلزم به يتحدد مصير الأخر كانسان .. و أخيرا و ليس أخراً إلى السيدة قبل المستشارة و الإنسانة قبل المسؤولة " انجيلا ميركل " المرأة التي .. بجرأتها المعهودة في تدليل العقبات و حل الأزمات ذي البعد الإنساني .. كشفت عن الوجه الخفي لمواقف الأعراب المُخجلة و المثيرة للجدل بشأن أزمة المُهجرين من أوطانهم حتى لا نقول المهاجرين ، متشبثة بمبادئها مقتنعة بمواقفها .. و بذلك استحقت أن تكون رمزا للإنسانية جمعاء و سيدة المواقف الصعبة بامتياز .. - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - .... بعد تفكير طويل و تردد عسير ، أدخلاني في دوامة من أمري لكي اتخذ هدا القرار و ما هو بالأمر اليسير ، حين تعقدت الأمور بكل أشكالها و معها استعصت جميع الحلول المحتملة و بها استنفدت كافة الإجراءات المتاحة على الصعيد الداخلي بالتحديد ، عسى أن ألفي مخرجا مشرفا قد يشفي غليلي و يطمئن نفسي و يريحني عذاب الضمير ، في بحث مستمر للتعريف بقضيتي المصيرية هاته و كشف خباياها و لئن أوشكت على التناسي و النسيان و تنكر لها القاصي قبل الداني كما تجاهلتها الأعراف قبل إن تُهملها النصوص و القوانين و أنا تائه أعد الأيام قبل الشهور و السنين .. ولإضفاء نوع من الموضوعية و الجدية في طرح الشكل قبل المضمون ، فقد قررت الإبحار بقضيتي هذه كما أشرت لذلك سابقا ، عبر الفضاء الأزرق بتخطي العالم الواقعي المحفوف بالمظالم و الماسي و الالتحاق ولو متأخرا بنظيره الافتراضي الممتد لما وراء الحدود و ما أحدثه من ضجة إعلامية مدوية في تغيير للمواقف و قلب للمعادلات ، لكن بصيغة أخرى غير اعتيادية بالاعتماد على تغيير نمط الخطاب باستهداف شريحة معينة من المخاطبين ذو نزعة حقوقية محضة عن جدارة و اقتناع .. قد يختلفون في إبداء المواقف و الآراء ، لكنهم يؤمنون بنفس المبادئ و القيم في بُعدها الإنساني ككل .. إيمانا مني على صدق طويتي في سرد وقائع لا محيد عن ذكرها كما عايشتها و ليست ضربا من اللغو و القيل و القال ، و يبقى الغرض من ورائها استعادة و لو بصيص من الأمل ظل منشودا و كاد يتلاشى و يندثر ، لولا التشبث بالعزيمة و الصمود بعد نفاذ صبر طال و له حدود ، أضعفته معاناة امتدت لأكثر من عقد من الزمن ، ذقت خلالها ، كما قاسيت شتى أنواع المحن ، لا المواساة تزيل أثارها و لا علاج يشفي أعراضها و لا هيئة إنصاف مزدوجة المعايير تُجبر أضرارها ، كما طالت شظاياها آخرون يعيشون في كنفي ، لم يقترفوا أي ذنب ، ما عدا صلتهم بالدم و النسب .. هي مأساة إنسانية رهيبة أصابتنا في كبريائنا و لُفت بصمت قاتل كما حطت من كرامتنا كبشر ، فيها ظلم و جور و قهر ، بُني على قرار زائف و مُفتعل ، صيغ في بضعة اسطر ، جراءه مسار مهني طويل وشاق بجرة قلم انصهر و تبخر ، صانعوه جلادون في صفة مسؤولين يتأبطون شرا ليس أكثر .. و ببطشهم و جبروتهم تسببوا لغيرهم في أضرار لن تُجبر و لن يطالها تقادم ابد الدهر .. إلا بالقصاص ممن أجرموا في حقنا بذنب أبدا لن يغتفر ، رغم ما يجعل هذا المبتغى أمرا عسيرا و غير منتظر .. نخاله سرابا و حلما عابرا يراودنا في يقظتنا و أحلامنا و قد لا يتحقق مادام القانون بحذافيره فقط في المغرب على أمثالي دون سواهم يُطبق ، وعلانية من لدنهم يخُترق .. لا يُساءلون و لا يُحاسبون و خلف ظهائرهم السامية أمنون مطمئنون و وراء سلطتهم المُطلقة مُنزهون و مُحصنون عن كل مساءلة أو متابعة رغم أنهم مدانون ، فلا تشملهم قوانين و لا هم يحزنون .. من خلال هدا المُعطى البئيس الذي يجسد في مفهومه الواقع المرير بالملموس ، و بهكذا توصيف لما يدور وراء الكواليس و ما يُصاغ من قرارات تعسفية جائرة داخل دهاليز الأجهزة و المجالس ، و ما يشوبها من تبخيس و تدليس ، تُحاك تحت غطاء شعارهم المبتدع " دولة الحق و القانون " الذي به يتبجحون و سيرا على نهج السلف في تكميم الأفواه و إخراس الألسن و شراء الذمم يستهترون ، تمادوا في هضم حقوق الغير و قمع الحريات من حيث لا يشعرون .. في تجاوب مع أسلوبهم السادي المقيت المستمد من المألوف ، عملا بالمقولة الشعبية الشهيرة ، المتداولة على نطاق واسع بين أطياف المجتمع و العشيرة ، مقولة و إن كانت في تركيبتها لا تتعدى بضع كلمات ، إلا إن بين طياتها تحمل دلالات و بين ثنايا مغزاها تبعث بإشارات و القائلة " إن كنت في المغرب .. فلا تستغرب ..! " فعلياً و حصرياً في مغرب المفارقات العجيبة و الطرائف الغريبة .. لا فائدة و لا جدوى من التساؤل و الامتعاض في بلد يعمه الفساد و الاستبداد ، تستوطنه أغلبية صامتة تُصارع من اجل البقاء و تتنافس صاغرة فيما بينها ، لنيل عطف و خدمة و طاعة ثلة من المارقين و الأسياد .. و لتأكيد صحة المعطيات بإزالة كل لبس أو غموض قد يكتنفان لب الحقيقة و تداعياتها ، مع قطع الشك باليقين ، حتى يتسنى للمتلقي إستيساغها مع مقارعة الحقائق بالدليل و البرهان ، تفنيدا لكل مغالطة أو تدليس و تحسباً لأي رد مُحتمل يهدف لتظليل الرأي العام ، بالتهرب من الأمر الواقع و التملص من المسؤولية باللف و الدوران ، و تحاشي الإقرار بالذنب ، باعتبار المسألة مجرد إجراء تأديبي ليس إلا .. فيما الطرف المتضرر محرر هذا الإرسال ، يرى عكس ذلك ، و لديه في هذا الصدد أكثر من تفسير مع الإدلاء بما يُفيد ، بالنظر لما انطوى عليه القرار من تناقضات فاضحة و مبررات واهية لا تمتُ للواقع بصلة ، و تتنافى و القوانين التنظيمية المعمول بها في هذا المضمار ، كما يتعارض مبدئيا مع ما يهتفون به من شعار ، زاد من استيائنا مخلفا حالة من الإحباط و الانكسار ، حتى أضحى المشهد برمته اعتياديا و لا يحتاج إلى توضيح أو استفسار ، بذيباجته في أسلوب مسرحي تراجيدي ، تدور وقائعه في قالب هزلي لا يخلو من استهتار و ابتذال ، يتقمصون فيه دور الإبطال و نحن " كمبارس " لا دور لنا ، يحتفظ بنفس الوجوه مع تبادل الأدوار ، بسيناريو مألوف و مستعار ، صار مع تعاقب الأجيال اسطوانة مشروخة ، مستهلكة من شدة التكرار ، يتم توظيفها بذهاء ماكر في خطابات عقيمة ، بها أرهقوا مسامعنا ببيع الأوهام و تسويق الأحلام و إستشراف الغد المشرق الموعود ، الذي طال انتظاره لأكثر من ست عقود ، و لن يتأتى أبدا إلا بكسر الأغلال و القيود ، و محاسبة من اغتالوا أحلامنا و صادروا حقوقنا ، بالتأمر و إجهاض مطالبنا المشروعة في ذاك اليوم المشهود .. لما حادوا عن مواقفهم و تنصلوا لمبادئهم ، أولئك من نكثوا العهود و اخلفوا الوعود .. انتهى التحليل للواقع بالمرموز .. ارتباطا بنفس الموضوع و في نفس السياق الذي يتناول في جانبه الأخر تشخيصا للوضع المُخزي بصيغة المفضوح ، المستشري داخل دوائر القرار و الغني عن كل تعليق و الدائر في فلك الممنوع ، محاطا بالسرية و الكتمان ، خصوصا لما يتعلق الأمر بمصير الأخر كانسان ، لما ينطوي عليه من اختلالات و ازدواجية في المعايير حين انفراد الجلادين بملف الضحية ، أثناء انعقاد لجانهم التأديبية في غياب المُستهدف من القرار ، المنزوع الأهلية من أي اعتراض أو استفسار ، مادام البث في مضمونه محسوم سلفا ، و لا مجال فيه للتعرض و الطعن أو التأويل ، بعد المصادقة عليه بالإجماع و دون تأخير .. و ما أحداث و فصول هذه القضية ، إلا مقتبسا من هذا الشق الأخير و التي ابتدأت أطوارها نهاية سنة 2002 ، و كانت بوابة الصحراء بأقصى جنوب المغرب مسرحا لها ، و حان الدور وقتها على هذا الستيني الذي يصادف عيد ميلاده ، ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أي 10 دجنبر من كل سنة ، لكنه لم ينعم أبدا سواء في طفولته أو خلال نشأته بحقوقه الأساسية و لا القانونية منها ، حين فُصل قسرا من عمله دون سابق إنذار ، منصب ظل يشغله لأكثر من ربع قرن بجهاز الدرك ، باعتباره من أجهزة الدولة الحساسة ، الخاضعة تنظيميا للهيمنة المطلقة للمؤسسة العسكرية و الجاثم على مفاصله ، لأكثر من أربعة عقود ، أعتى جنرال من العهد البائد و قيدوم الجلادين بشمال إفريقيا عموما ، كما تولى إدارة و قيادة جل الأجهزة الأمنية بكل تلاوينها ، ولا يزال إلى يومنا هذا يتقلد أسمى المناصب بأهم القطاعات الحيوية و الإستراتيجية و هلم شرا .. رغم بلوغه من السن عُتيا ، مما قد يُدخله عن جدارة و استحقاق في ابرز الموسوعات عالميا تحطيما للأرقام القياسية ، في مدى انفراده بسلطة القرار ، رغم وفرة أعداد من طينته و في مختلف الميادين المنتشرين كالفطر ، منهم المُثقلة أكثافهم بالنياشين و المزركشة صدورهم بالأوسمة و المتنفذين العاملين تحت الظل ، دون أي انجاز لهم يذكر .. سوى ما خصصوه لذواتهم من أجور سمينة و ما يتمتعون به من امتيازات خيالية ، و ما راكموا من ثروات ، لا تحصى و فاقت كل الاحتمالات ، ممن يعرفون جيدا من أين تؤكل كثف الغنيمة حين توزع فيما بينهم بتفاوت ، حسب نوعية المهام الموكولة ، ومستوى التملق و التفاني في خدمة الحاشية و العشيرة .. يهيمنون بقوة على مصادر الثروة برا و جوا و بحرا ، بها حولوا ربوع البلاد إلى محميات ، عبارة عن ضيعات فلاحيه متراميات و شركات متعددة الجنسيات و مقالع رمال و أحجار و أساطيل عملاقة للصيد في أعالي البحار ، كما لم يفوتوا الفرصة بالاستثمار حتى في الرياح و الشمس و ما ينهمر من السماء من أمطار ، كل في مجال استغلال نفوذه ، تحت عدة مسميات لشركات مجهولة المصدر و كذا رأس المال ، متخمون ريعا ، تاركين الأغلبية الصامتة تقتات على الفتات لسد رمقها ، غارقة بالنبش عن مخلفاتهم بحاويات القمامة و الازبال ، يتوارثون المناصب بين أقاربهم و عند نهاية مشوارهم المهني ، يتفرغون لمشاريعهم بتقاعد مريح ، لا يستثني الامتياز و النفوذ ، باعتراف صريح ، في حد ذاته لا يحتاج إلى توضيح .. عكس مرؤوسهم من أمثالي ، بعد انتهاء صلاحيتهم ، يُصرفون بإذلال مقابل دريهمات معدودة ، يُرمون بعدها كمناديل ورقية مستعملة ، مصيرها سلة المهملات ، عرضة للضياع و المعاناة .. كما هو الحال لهذا الدركي برتبة مساعد الذي كلفه القيام بواجبه المهني غاليا ، بالأمس كان سلوكه محمودا و اليوم أصبح منبوذا و تصرفه في ممارسة عمله أضحى إزعاجا و تشويشا .. من خلال استقراء لما بين السطور ، لمحتوى القرار المُنجز على صعيد القيادة الجهوية بباب الصحراء آنذاك ، تحت إمرة العقيد الجبار ع.لغراري الذي ذاع صيته في أوساط المهربين بالجنوب ، و استحق لقب إمبراطور المحروقات بدون منازع ، و الميليادير عبد الهادي الذي لا يُقارع ، متأبطا وساما من درجة فارس ، أتى به على الأخضر و اليابس ، بتجاوزاته الفاضحة رآكم الثروات و حاز الممتلكات ، مستقوياً بنفوذه الفاحش المُستمد من جهات نافذة في صنع القرار و المتدخلة باستمرار ، في قضايا الجهاز دون أدنى اعتبار للقائد الفعلي الذي يصبح مجرد دمية متحركة تتقاذفها الأوامر من كل حدب و صوب و ليس له خيار ، في إبداء الولاء و كسب عطف الكبار ، لضمان مزيد من الاستمرار على رأس الجهاز المُنخر بالفساد من الداخل ، و ما السمعة السيئة التي يمتيز بها بالداخل و الخارج سوى تحصيل حاصل .. في هذا الإطار يمكن وضع هذه الحالة لاستبيان ما يُحاك وراء الستار، حين لُفظت باحتقار من الجهاز و الإحالة على التقاعد الحتمي ، وفق المصطلح الجديد لديوان المظالم ، المختص في أدبياته في الرد بالتعليل ،عوض إنصاف المتضرر بالحكمة و الدليل ، سيما و التقاعد هزيل لا يتعدى 270 اورو شهريا ، بالكاد يكفي لتغطية مصاريف الإيجار و الماء و الكهرباء ، فيما الفتات المتبقى ، به عائلة من ست أفراد تُصارع عبثا من اجل البقاء ، لضمان امن غدائي مفقود ، و تغطية صحية عديمة الوجود ، ومستقبل غامض تائه في نفق مسدود ، هاته الكائنات المتأثرة سلبا من وقع الصدمة و انعكاساتها الوخيمة على سير حياتهم اليومية ، بها تبعثر مسارهم الدراسي و حرمانهم في عز شبابهم من ابسط متطلباتهم الشخصية .. هم أبرياء طالتهم يد البطش المدبر ، ودفعوا ثمنه باهضا دون ذنب يذكر .. هي عائلة كاملة أجهضت أحلامها عن بكرة أبيها و في عز نشأتها و ريعانها ، لينال كل فرد منها نصيبه و ربما أكثر ، عندما تملكهم اليأس و هم يواجهون محبطين حظهم العاثر ، سأحاول قدر المستطاع ولو على سبيل الإقناع تلخيص حالة كل واحد منهم على حدى ، من الأكبر إلى الأصغر ، باعتباره بيت القصيد و الذي تقطعت به السبل في ارض المهجر بحثا عن وطن بديل ...بدءا بالبنت البِكر في عقدها الثالث ، حاصلة على دبلوم من احد المعاهد ، مُنهكة تحاول جاهدة إيجاد شغل يحفظ كرامتها ، رغم كونها حاملة رسالة ملكية لم تجد طريقها للإنصاف كغيرها ، حين تعاملت معها السلطات المحلية بالإقليم بكل استخفاف و كان مصيرها الحيف و الإجحاف بتمييز عنصري فاضح و الكيل بمكيالين في تصنيف المواطنين إلى درجتين جد متفاوتتين .. "مُنعم عليهم و مغضوب منهم" .. . فيما من يليها في الترتيب العائلي ، ابن في أواخر عقده الثالث ، بدوره يحاول جاهدا استدراك ما فات ، في سنته الثانية الجامعية شعبة "الاقتصاد" حاصل على رخصة سياقه صنفي "ب" و " س " اجتاز بنجاح مباراة ولوج معهد الشرطة ، بكلتا مرحلتيه الكتابية و الشفوية ، إذ سرعان ما خيبت آماله بإقصائه عنوة لأسباب تافهة ، يُفترض من بينها انتماء أبيه لحركة 20 فبراير .. و بها افتخر .. مادمت أتوفر على اعتراف رسمي صريح بعضويتها ، وُجه إلي بغباء ضمن قرار رسمي لا يخلو من تهديد و وعيد ، مُوقع من أعلى سلطة محلية بالإقليم " والي الجهة " عن طريق مفوض قضائي ضمنه بمحضر بداية سنة 2013 ، ليس مستبعدا تم اعتماده تعليلا اعتباريا ، زاد من تحطيم معنوياته ، و كأن حركة 20 فبراير تنظيم مسلح شبيه بحركة "طالبان" الأفغانية بينما ستظل مرجعية في توجهاتها كحركة تحررية سلمية تسعى إلى التغيير و الإنعتاق من براثين العبودية خلف مبادئ شعارها الخالد.. "حرية .. كرامة .. عدالة اجتماعية.. " بهذا الأسلوب الفج ، المعمول به في اختلاق المبررات و إيجاد الأعذار ، في إطار البحث الاستقصائي في محيط كل وافد جديد ، على آي جهاز مماثل بالتشكيك في مغربيته و ربما تجريده معنويا من حقوقه الدستورية ، إذ تتفنن الأجهزة الإستخباراتية في تقييمها ، لتعليل مواقفها بتنسيق مع السلطات المحلية ، بهدف التضييق على الحريات والإجهاز على المكتسبات ، عوض تشديد الخناق و التصدي بكل حزم لمن استنزفوا الخيرات و راكموا الثروات و بددوا أضخم الميزانيات ، و عاثوا في الأرض فسادا ، ظالعين في تدهور الاقتصاد و تدني أوضاع العباد ، أما شقيقه الموالي قبل الأخير فقد تجاوز نصف عقده الثالث بقليل ، مثقل بالمتاعب ، محبط شارد الذهن و التفكير ، حاصل على الإجازة في الحقوق شعبة "القانون الخاص" بعد مسار دراسي عسير ، تم على مرحلتين : الأولى بجامعة " ابن زهر " باكادير ، ذات التكوين الهزيل المشهود له بالدليل جراء سوء التدبير ، و الثانية بجامعة " الحسن الثاني " بالدار البيضاء " ، لم يحظى إثناءها و لو بالاستفادة بالحي الجامعي ، على اقل تقدير بدعوى " دخل أبيه المريح " في الوقت الذي يصير فيه هذا الحق ، امتيازا و حكرا على أبناء المتنفذين من الميسورين في تبادل فاضح للمصالح بين الأخذ و العطاء .. غير أن ما ميز مساره الدراسي هذا ، لم يكن أبدا في الحسبان و تشيب لذكره الولدان ، حين تحول الطالب إلى ظنين ، ماثلا أمام قضاء فاسد و غير مستقل ، متحكم فيه عن بعد ، بواسطة الهواتف ، مقيدا بالتعليمات و الأوامر ، ليُدان بثلاثة أشهر حبسا نافذا و غرامة ، بتهمة مُلفقة و منطوق حكم ، اثأر كثيرا من الجدل ، و كان كافيا لتلطيخ سجله العدلي ، و بالتالي إقصائه نهائيا من ولوج سوق الشغل حتى إشعار أخر .. حدث ذلك في خضم مظاهرة طلابية مشروعة ، تمت خلالها مُداهمة الحرم الجامعي ، من طرف أجهزة القمع المخزنية بكل تلاوينها ، بالاستعمال المفرط للقوة ، كما كانت فرصة سانحة للأمن الإقليمي بالمدينة و النيابة العامة بها ، التلاعب في سير مجريات التحقيق و ما شابه من تزوير للمحاضر و تدليس للحقائق ، كما تحولت إلى صفقة رابحة طغى عليها المال و النفوذ ، بالإبقاء على خمس طلاب فقط من أصل العشرات تجاوز الستون موقوفا ، دون الحديث عن الظروف الغير الإنسانية الرهيبة ، أثناء تدابير الحراسة النظرية بالمخفر ، دون إشعارنا بها حتى ، و ما تعرض له الموقوفون من تعذيب و تنكيل و إهانة و إذلال لانتزاع اعترافات مفبركة ، بها تمت أدانة الطلاب الخمس .. و مما زاد الأمر استغرابا و استهتارا ، تجريد الطالب الموقوف على ذمة التحقيق حتى من حذاءه الرياضي ، المُقتنى حديثا و مصادرته و تعويضه بنعل صيفي بلاستيكي متلاشي لا يسع مد أصابع قدميه ، و لا يُنتعل ، و الذي بدوره ضاع من صاحبه في ظروف مماثلة ، أثناء حصص الاستنطاق و التعذيب .. و مهما خُصص لهاته الواقعة من حيز لسرد تفاصيلها ، بانتقاء الملائم من العبارات لملئ الصفحات و كشف الملابسات ، فانه من الصعب بمكان ملامسة لب الحقيقة الضائعة بين السطور ، و الوقوف على حجم المعاناة ، و ما تركته من عواقب وخيمة ، كان لها الأثر البالغ على تطلعات الطالب المستقبلية عموما و حالته النفسية بالخصوص ، البادية بجلاء على ملامحه ، كما تأزمت بشكل لافت ، أثناء قضاء محكوميته بالمؤسسة السجنية بانزكان و بعدها أيت ملول ، عندما يصبح السجين رهينة بين السجان و السجين ، المهيمن على المكان .. و حول هذا الفضاء الغريب ، حديث أخر يدعو إلى التساؤل و لا يبعث على الاطمئنان ، حين تُصبح الأمور سيان ، بين كل الأجهزة العازفة على وثر واحد ، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان .. و للمؤسسة السجنية نصيب في هذا الميدان ، باعتبارها مؤسسة عقابية لا إصلاحية ، تُساهم بشكل او بأخر في تفشي مظاهر الانحراف و الإجرام، بدل احتوائها ، نتيجة للإكتضاض و سوء التدبير و قساوة النظام ، كما لها أساليبها الاستثنائية العصية على الفهم و التفسير .. في بلد صار فيه العيش شبه مستحيل ، و البحث عن وطن بديل ، ممكن و لا يحتاج إلى تأويل .. هاته الواقعة ، شكلت موضوع شكاية مفصلة بكل مراحلها ، ناهزت (14) صفحة ، وُجهت الى وزير العدل و نظير منها إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان .. و ليس أي إنسان ..! تم تجاهلها ببساطة و كان مصيرها الإهمال ، فيما الوزارة الوصية ، سارعت بالرد بعد انتفاضة الحرية و الكرامة ، برسالة شكلية اُختصرت في بضع سطور ، مفادها أن القضية قيد الدرس و التحليل ، و بإمكاننا تتبع نتائجها عبر بريدها الالكتروني ، دون إن نلمس لحد ألان أي تغيير و اتخاذ أي إجراء أو تدبير ، و بها أُقفلت القضية و أحيلت على مستودع الحفظ و النسيان ، رغم تبوث ما يبطل صك الاتهام و مضامين الأحكام بالدليل و البرهان ، فيما يبقى العدد (17392) كرقم اعتقال ، عالقا في الأذهان ، لما تسبب فيه لهاته العائلة من محن و أحزان ، في انتظار تحقيق عدالة اجتماعية ، بقضاء نزيه و مستقل ، امامه المتقاضون سواسية بقوة القانون ، برفع الظلم و الجور و وضع القسطاس و الميزان ... أما الأخير باعتباره الأصغر سنا ،و مُتذيل الترتيب العائلي و بصفته كذلك صانع الحدث ، و إيقونة المشهد بكل افتخار، فقد تجاوز عقده الثاني بقليل ، لم يُسعفه الحظ كأقرانه في إتمام دراسته ، حيث توقف مساره الدراسي بطور التعليم الثانوي لظروف قاهرة لا داعي لإعادة تكرارها ، تدرج بعدها بأحد معاهد التكوين المهني " شعبة الكهرباء المنزلية " لمدة سنة .. و أي تكوين هذا المشوب باللبس و الغموض..؟ و لا يقدم حلولا ..! لم تخلو طفولته البريئة من مضايقات ، كما نال بدوره قسطا من المعاناة ،و تحت وطأة الفقر و الحرمان ، كان مجبرا على الهجر و الرحيل ، سعيا وراء غذ أفضل ، في البحث عن وطن بديل ، عسى أن يحفظ كرامته و يتحقق به مبتغاه ، و قد كانت هذه الخطوة في حد ذاتها ، مغامرة محفوفة بالمخاطر ، وكانت بمثابة رحلة الصيف و الشتاء بالهجرة نحو الشمال ، انطلاقا من جنوب المتوسط عبر منطقة البلقان، و للوصول إلى الهدف المنشود ، استوجب قطع المسافة الفاصلة جوا و بحرا و برا ، ليستقر بِه المقام أخيرا بالديار الألمانية ، حيث بيت القصيد .. في ريعان شبابه ، تعرض لاعتقال تعسفي ، غير مجرى حياته رأسا على عقب ، و هو لا يزال قاصرا ، من طرف عناصر أمنية مدججة بكل الأساليب القمعية ، بعد مطاردة بوليسية مثيرة بأزقة الحي الذي يقطنه ، انتهت في الأخير بتوقيفه و إخضاعه لاستنطاق صارم و مشدد ، يتعارض و المساطر القانونية ، أفضى إلى تحرير محضر مفتعل في حقه ، بتهمة الضرب و الجرح ، نُسجت خيوطها بناءا على شكاية كيدية بالإدلاء بشهادة طبية مشكوك في صحتها ، قُدمت من طرف الضحية بصفتها ابنة مسؤول امني نافذ بالمدينة ، برتبة عميد شرطة ، حينما استنفر بتعليماته المنفردة مصالح المنطقة الأمنية أمرا بإحضار المتهم و اتخاذ ما يلزم في حقه من إجراءات تعسفية ، دون التقيد مبدئيا بتعليمات النيابة العامة و إشعارها ، وفق ما تقتضيه المسطرة أمام مثل هذه الحالات .. في انتهاك صارخ للقوانين و دون أدنى مراعاة للأعراف و المواثيق الدولية ، خصوصا في شقها المتعلق بحماية الطفولة ، في غياب ولي أمره الشرعي أو وصي يقوم مقامه .. هذا الاعتقال التعسفي دام لعدة ساعات ، أدى إلى تحرير محضر استماع مُمنهج ، لم يخلو كالعادة من تعنيف و تهديد و ترهيب و تنكيل .. بعده اخلي سبيله في ساعة متأخرة من الليل ، شريطة المثول مجددا في اليوم التالي مرفقا بنسخة من شهادة الميلاد ، و بالتالي تكييف حالته كما تستدعي المسطرة حسب قاموسهم القضائي ، في إطار ما يصطلح عليه " قضايا الأحداث " التي تستوجب وضع الظنين إدا ما تمت إدانته ، بإحدى مراكز إعادة التربية و التأهيل ، حتى يبلغ أشده .. نزولا عند رغبة العميد الجلاد و إذنابه من عناصر الشرطة القضائية ، الذين لا يُحسنون سوى لغة التعنيف و الإذلال .. في وقت من هم في أمس الحاجة ، لإعادة التكوين و التأهيل ، لانقاذ ما يمكن أنقاذه قبل فوات الأوان ، بهذا الجهاز الأمني المنخور داخليا ، ووقف هذا النزيف من التسيب الأمني القائم و الشطط في استعمال السلطة المتفاقم ، ليس في منطقة بعينها فحسب ، بل في ربوع البلاد الغارقة في الاستبداد بالتمادي في انتهاك حقوق الأطفال منهم و العباد .. وقد ترك هذا الحادث الذي وجد فيه مُكرها و في سن جد مبكرة ، آثارا بالغة ، أثرت بشكل سلبي ، في تكوينه البنيوي اجتماعيا و نفسياً ، بالإضافة إلى أعراض جانبية أثرت في سلوكه بالخصوص ، تجلت بين نفوره من مقاعد الدراسة ، و تدني مردوده بها ، كما شكلت صدمة حادة تعذر تجاوز تداعياتها ، في غياب شبه تام لأطباء و مختصين في هذا المجال ، للتخفيف من معاناته النفسية و مواكبتها ، من موقعهم كفاعلين و ناشطين داخل المجتمع المدني عموما ، و بالخصوص منها من تعنى بحماية الطفولة ، و المستنبتة تحت عدة مسميات ، بدون أهداف واضحة و لا عنوان ، و الباحثة فقط على دعم مادي مقابل صمتها ، لحماية مصالحها و ضمان استمراريتها لا غير .. وقد كان لزاما أن تدخل على الخط في هاته النازلة ، المؤسسة العسكرية ، باعتباره ابن متقاعد ينتسب إليها ، بحكم انخراطه بإحدى مكوناتها الأساسية و المعنية بالمصالح الاجتماعية للمنخرطين بها و عوائلهم ، فيما يظل الجانب الاجتماعي بكل تعقيداته الغائب الأكبر و الحلقة المفقودة داخل هذا الفضاء ، رغم ما تحمله من رمزية في قانونها الدَاخلي و ما يشوبها من ضبابية و غموض تخفيها وراء عناوينها البراقة البادية بجلاء ، على واجهات مقراتها بالمناطق العسكرية و المتخصصة بالأساس في انجاز بطائق الانخراط ، المصممة خصيصا لولوج المؤسسة ، المقيدة بدورها بتعليمات ، و العاجزة كليا عن إسداء أي خدمات اجتماعية لحاملها ، الذي يصير مجرد رقم عابر ، تتداوله البيانات و تشير إليه الإحصاءات ، و هو تائه في مواجهة مصيره الحتمي لوحده ، مترددا باستمرار على مؤسسة عقيمة ، أفنى حياته من اجلها ، فتنكرت له بعد تقاعده ببيعه الأوهام ، مستسلما للأمر الواقع ، مثقلا بالإحزان ، يعود بعد كل زيارة خاوي الوفاض ، لا يلوي على شيء سوى تكبد المزيد من اليأس و الحرمان .. هاته الواقعة و لإثباتها كسابقاتها بالدليل و البرهان ، شكلت موضوع شكاية من أربع صفحات ، أحيلت على السيد الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف باكادير المختصة قضائيا و نسختين وجهتا تباعا ، الأولى إلى رئيس المرصد الوطني لحماية الطفولة بالعاصمة الرباط والتي بالمناسبة تَسير شؤونها نفس الشخصية التي تتولى شؤون المصالح الاجتماعية بالمؤسسة العسكرية .. و الثانية للمديرية العامة للأمن الوطني بها ، فاعتبرت بمثابة صرخة في وادي و كان مالها كسابقاتها سلة المهملات و لتدخل طي النسيان و تصبح في خبر كان ، و مادمنا كائنات من دنية القوم محرومون من ابسط الحقوق و ملزمون قسرا بالامتثال لكل القوانين و الواجبات .. و بهذا التشخيص المتواضع في سرد مجريات الأحداث كما توالت ، أكون قد تطرقت و لو بإيجاز ، لكل حالة خصت كل فرد من هاته العائلة المنكوبة حقوقيا ، و المنبوذة اجتماعيا ، بغض النظر عن المكون الأساسي لهاته الخلية و العنصر الفعال في "مجموعة الست" و هي ربة البيت ، ليس انتقاصا لأدوارها الكبرى في تحمل القسط الأوفر من المعاناة ، و باعتبارها كذلك الخاسر الأكبر في كل الحالات ، بالنظر لما تقمصته مُرغمة من ادوار بطولية ، على مدى توالي حلقات هذا المسلسل الدرامي المثير ، و ما أحدثه على ملامحها من تغيير .. حائرة بين كل هذا و ذاك في تضميد جراح المحبط المنكسر ، زيارة و إعالة السجين المتضرر و مواساة و دعم كل من يحتضر في صمت بالمجموعة من الأكبر إلى الأصغر .. غير مكثرته لحالها المزري و وضعها المتردي .. و هو المنظور الذي سوف يشاطرني إياه بكل تأكيد ، كل مهتم و متتبع تفاعل بشكل منطقي ، كما تعايش مع الأحداث بحس إنساني و بعد اجتماعي ، حيث تتطابق الآراء و تتوحد المواقف ، بالنظر لحجم المعاناة و ما ساغته لها الأقدار من ويلات ، بصفتها الزوجة و الأم في الآن ذاته ، وضع يبوؤها عن جدارة مكانة المتضرر الأكبر في وقت هي في أمس الحاجة أكثر من غيرها ، لرعاية صحية و اجتماعية فقط متوفرة على ظهر بطائق الانخراط ليس أكثر .. و قد كان من البديهي أن تمر هاته الوقائع و الأحداث مرور الكرام ، في ظل الصمت المطبق لكل وسائل الإعلام ، الدائرة في فلك النظام ، الخارجة عن التغطية و الحريصة على إتباع خطها التحريري المألوف بانتظام ، و بعيدا عن الواقع تُغرد خارج السرب ، دون أدنى اهتمام ، بتداوالها إخبار و وقائع مألوفة بها تُشغل الرأي العام ، مما تُذهب أخلاقية المهنة و مصداقيتها أدراج الرياح ، و بها تُفقد الوسائل سلطتها المعهودة لتصير أبواقا رهينة الخطاب الرسمي ، تواطئها في صمتها و تقاعسها في أداء الرسالة المنوطة بها ، لن يشفعا لها بالإمساك عن الكلام المباح .. كما أنني باستحضاري و لو جزئيا و بكل اختصار لأهم مراحل الأحداث و تطورها ، داخل هذا المحيط الأسري المحدود ، ليس الهدف من وراءه دغدغة مشاعر و أحاسيس الآخرين ، خصوصا منهم المشككين و المارقين ، ابتغاء نيل عطفهم و كسب ثقتهم من أصدقاء الأمس ، من ذوي المواقف الملتبسة و المبادئ المصطنعة ، بأقنعة مخادعة يتقمصون من ورائها أدوارا انتهازية ، بآراء متناقضة و مواقف لا مسؤولة تحت ذريعة تمثيلية المجتمع المدني ، بالدفاع عن قضاياه ، معتقدين أنهم على درب النضال سائرون و في كشف الحقائق هم مبادرون ، فيما هم واهمون و سقطت أقنعتهم تباعا ، بعيد إجهاض انتفاضة الكرامة التي لا تنازل عنها و كان لهم نصيب فيها ، بعد إن تبين مما لا يدع مجالا للشك أنهم مجرد أشباح غوغائيون ، زاغوا عن مبادئهم بابتلاع ألسنتهم و لأهداف الثورة تنكروا .. ومن مهد الحركة بشعارها الخالد ، اتخذوا منه معبرا به التحقوا بركب المستبدين و المفسدين لاقتسام الغنائم و السباق نحو الاستفراد بالمناصب و النفوذ خلف سيناريو مفضوح ، في لعب أدواره الرديئة وداخل فصوله يتنافس المتنافسون .. كما لا يخفى عن أي كان ، يعيش فوق هده الرقعة الجغرافية من الكون ، إلا إدا تغاضى عن ذلك عن قصد ، تهربا من الواقع ، داخل مغرب المفارقات العجيبة و التناقضات الغريبة ، حيث توجد حالات مماثلة وقعت و تقع ، و سرعان ما تُقبر و يتناساها أصحابها ، بمرور الأيام و الاستسلام للأمر المحتوم ، و بكلى القطاعين العام و الخاص ، لكن تبقى هده الرواية الفريدة من نوعها ، بالنظر لتسلسل أحداثها الممتدة على مدى عقد و نيف ، كما تغري فصولها المثيرة لمزيد من التشويق و الإعجاب ، علما أنها لم تستثني أي فرد من المجموعة ،حيت أضحت مثار شكوك تراودنا ، و موضع عدة عدة تساؤلات ، من أهمها : هل الأحداث تولدت و توالت بمحض الصدفة ..؟ أم مجرد بلاء و ابتلاء لابد منهما ..! أم أمر مُدبر و بخطة محكمة مسير ..؟ نُسجت خيوطه بصيغة الجمع ، ضميره مستتر تقديره هم ..! و هو بالتأكيد الاحتمال الصائب ، بحكم العلاقة ذات الصلة بالوقائع فيما بينها شكلا و إن اختلفت في المضمون ، بهدف التظليل و التدليس و صرف الأنظار حين انكشف المستور ، و بدأت ملامح الصورة تتضح أكثر ، و بات من الأكيد أن الخطة درست بعناية ، و اقتبست فصولها بمواقف و تحديات لها ارتباط بالمسار المهني ، و ما واكبها من أساليب التهديد و الوعيد ينتهجه جل الرؤساء إزاء مرؤوسيهم ، ممن عملت تحث إمرتهم و بها صفوا حساباتهم و نفذوا خططهم البغيضة ، بالتخلص مني كدركي من جهة ، و من جهة أخرى تقديمي لقمة سائغة لجلادين جدد من طينة أخرى للتكفل بالباقي ، مع محاصرتنا بقوانين ، ما أنزل الله بها من سلطان .. وكان أخرها ما يحاك ضدنا من دسائس ، لا تخلو كسابقاتها من تهديد و وعيد ، تستبيح كرامتنا و تستهدف استقرارنا ، منذ مطلع سنة 2013 ، و بالتحديد 20 فبراير منها ، حين تبليغي لإشعار مشفوع بإنذار مجاني ، يأمرني بإخلاء المنزل الذي نعتمره منذ عقد من الزمن ، صادر عن محام ثم توكيله لهاته الغاية من لذن فرقة من الورثة المالكين ، و هو التاريخ الذي يصادف تخليد انطلاق حركة 20 فبراير ،التي أضحت رقما تهابه السلطات و تاريخا مشؤوما تتجاهله الخطابات و البيانات ، رغم التزامنا ومواظبتنا بدفع أقساط الإيجار بشكل منتظم ، و جعله أولوية لا محيد عنها ، خشية الضياع و التشريد ، و لو على حساب باقي المتطلبات الأساسية ، في مسعى منا لتكريس مبدأ " الإيواء مقابل الحرمان " و تفادي ما قد يعرضنا لا محالة لمزيد من الذل و الهوان ، في حالة ما إذا فقدنا مستقرنا الأخير ، باستصدار حكم قضائي يلزمنا بالإفراغ ، و هي الدعوى التي تحملنا من اجلها ما لا طاقة لنا به ماديا و معنويا بالامتثال صاغرين لأوامر الجهاز القضائي الذي يعاني اختلالات في المقتضيات و المضامين ، كما تحوم حوله شكوك في استصدار الإحكام الفاقدة للنزاهة و الاستقلالية كمبدأين أساسين لضمان العدالة المنشودة ، يجعل القانون فوق الجميع ، لا سيفا مُسلطا على على رقاب المستضعفين من المتقاضين ... وبما ان أن الشيء بالشيء يذكر ، فبينما أنا بصدد اختتام مقالي هذا ، بلغنا ما لم يكن في الحسبان ، و جاءنا القضاء المستبد بالخبر اليقين ، و بمنطوق الحكم الصادم الأليم و أبى الجهاز استصداره مع اقتراب الذكرى المجيدة للحركة ، و بالتالي إنهاء جلسات مراطونية دامت لأربع سنوات انتهت من حيث ابتدأت في الزمان و المكان .. و بهذا الحكم القاسي الجائر تكون هذه الخلية قد فقدت أخر معقل لها المتمثل في السكن و المستقر ، و به تنطاف السلطة القضائية لنظيراتها المؤسسة العسكرية و الإدارة الترابية ، في دق أخر مسمار في نعش هاته الآسرة المنكوبة بتفكيكها عن أخرها عبر مراحل متفرقة .. و جعلها عبرة لمن لا يعتبر و تمرد على محيطه مطالبا بحقوقه .. فيما يبقى المتقاضي تائها بين ردهات المحاكم ، باحثا عن عدالة مفقودة معبر عنها بالرمز الأبدي المتوفر فقط على واجهات المحاكم و ملحقاتها المنتصبة كمحاكم صورية تحتضن جلسات مراطونية تُختزل فصولها في أخر المطاف بنصوص قوانين و مقتضيات أحكام غير عادلة تتعارض و المفهوم الفضفاض السائد في إرساء معالم " دولة الحق و القانون " ... إدا كانت الغاية تبرر الوسيلة ، فإن الدليل القاطع لتحقيق العدالة بكل مفاهيمها ، يبرر منطوق الحكم ، شكلا و موضوعا ، باعتباره أساسيا في إكمال فصول المتابعة و تعليلها ، كما تقتضيه القوانين و بغيابه في مثل هذه الحالة ، يُفرغ الحكم من محتواه ، فيصبح مثار شك و ارتياب و غير ذي جدوى ، باعتباره حكماً قطعياً و منحازا لطرف بعينه ، عندما يُلزمنا بالأداء و الإفراغ ، رغم دحضنا لهاته الادعاءات الشكلية ، كما صاغها دفاعهم و بقيت حبراً على ورق في مذكراتنا الجوابية ، و بالتالي تطبيق مدونة الأكرية الجديدة ، التي بموجب بنودها ، تُحمى مصالح المكتري على حساب المكترى له ، كما تمت المصادقة عليها من طرف من يمثلون سوى أنفسهم بمجلس النوام ، من موقعهم كمضاربين عقاريين لحماية مصالحهم ليس إلا..! وربما كنت من أول ضحاياها ، كما تمت الإشارة لذلك في مضمون الحكم ، كقانون من بين القوانين المجحفة و الفضفاضة ، التي دأبت حكومة "المصباح" الهجينة شرعنتها ، منذ وصولها للسلطة ، مُمتطية صهوة الربيع الديمقراطي ، دون عناء و دون أدنى ضجيج أو ضوضاء .. ظاهريا ، حكومة شكلية ، مُقيدة بتعليمات ، مأمورة و مُرتبكة ، تتقادفها المكالمات طمعاًً في الحكم ، ابتلعت الطعم عن أخره ، حين استدراجها كطرف في اللعبة و وقوعها صيداًً ثميناًً في شراك المخزن المهيمن المراوغ ، باستعمالها واجهة لتمرير قرارات و اتخاد إجراءات ، بها أجهزوا على ما تبقى من مكتسبات ، مما زاد الأوضاع تعقيدا كتدني الخدمات الاجتماعية ، تدهور المستوى المعيشي وتهديد الأمن ألغذائي ، في غياب رؤيا واضحة بإجراءات ملموسة ، منبثقة عن إرادة شعبية لا وصاية عليها ، يُجسد فصولها دستور ديمقراطي حداثي ، بموجبه وحدها الجماهير الشعبية كفيلة في تقرير مصيرها ، المبني أصلا للمجهول ..! في خضم محيط جهوي و إقليمي مضطرب يسعى إلى التغيير و لسنا بمنأى عنه و لو استبعده الانتهازيون الموالون .. ممن يعتقدون أنهم منقذون .. و ما هم إلا متآمرين مارقين .. اغتالوا في المهد نداء حركة الأحرار المطالب بالعيش الكريم ، المتمثل عموما في ابسط الحقوق الأساسية و إقرار مبدأ العدالة الاجتماعية لصون كرامة الإنسان ..لا أحلام مؤجلة بوعود كاذبة ، زادت من تفاقم الفوارق الاجتماعية ، ما فتئ المواطن البسيط يدفع ثمنها غاليا و لا يحرك ساكنا ... في ظل مستوى تعليمي هزيل منهار يختصر .. منظومة صحية عليلة لا تقدم و لا تؤخر ..سكن غير لائق ، ليس بالأمر الهين لأي كان .. يتوفر ..أما الحصول على شغل أو عمل قار ، فذاك موضوع أخر لا يحتاج إلى تعليق ..الباحث عنه مفقود و قد يؤدي به إلى ما هو غير منتظر .. أمام هاته المأساة الإنسانية و ما خلفته من أزمات و تبعات ، نتيجة مواقف متصلبة أفضت إلى قرارات بإجراءات تعسفية ، كلفتنا سيلا من الماسي و المعاناة للتحسيس بجسامة وقعها في أبجديات الخطاب ، مع التدقيق في لب حقائقها الصادمة استوجب صياغتها إلى معاني مختصرة في كلمات .. ليست كالكلمات ، بإخراج صوتنا إلى العلن ، بكسر القيود و رفع التحديات ، في صراع محتدم و غير متكافئ .. فُرض علينا خوض غماره ، في مواجهة مصيرية ، استعملت فيها جميع الأساليب القمعية و خسرنا كل جولاتها بالضربات القاضية، و كانت أخرها الموجهة إلينا من طرف القضاء ، بصفته أخر حصن لرفع المظالم عن المستضعفين .. فيما اثبتت التكنولوجيا الحديثة إن قلبت الموازين ، بالنظر لما أحدثته من تغيير على جميع المستويات و الميادين ، خصوصا في مجال حرية التعبير .. إذ صار الفضاء الأزرق بمواقعه التواصلية منبراً لمن لا منبر له ، و منفذا لمن لا مخرج له .. أملا منا ، في ان تجد توسلاتنا أذانا صاغية بها تحظى قضيتنا هاته بما تستحق من العناية و الاهتمام ، بعد ان ضاقت بنا ارض الوطن بما رحبت ، فأشتد الخناق و به جميع الأبواب صُدت ، .. تبددت الأحلام و ضاعت الأماني و معهما الأحقية في حياة كريمة انتُكست .. من طرف القائمين على شؤوننا ، أدخلنا مكرهين في نفق مظلم .. فيه نحن إلى اليوم تائهون .. بموطن الإباء و الأجداد أصبحنا مغتربون و بسوط القوانين المُشرعنة حسب هواهم صرنا مطاردون .. كأقلية هم أمنون مطمئنون يجمعون بين كل السلطات و في مستنقع الفساد منغمسون .. أ على هذا المعيار يا معشر الأوروبيون تصنفوننا أمنون ..؟ فيما نحن مستعبدون خانعون و في تلبية نزوات الخليجين خاضعون .. نقدم كقرابين بين الفينة و الحين لساسة التظليل و التخوين .. فأين المفر ..؟ بعد فقدان الأمل و المستقر ..! في عالم تنهار فيه المبادئ و القيم .. عالم ممثلاً في منتظم دولي بدوره انحنى لسلطة المال و استسلم .. .. كخلاصة لمُجمل القول ، لا يسع واضع هذه الأسطر ، من موقعه كمجني عليه و المتضرر الأكبر و مدافع شرعي عن ابنه المضطهد المُهجر ، دون كلل أو ضجر.. إلى أن يلتمس من الجهات التي يهمها الأمر ، اخذ المبادرة لرفع هذا الضرر مع تمكيننا من حماية اجتماعية بنزعة حقوقية و أبعاد إنسانية .. فيما تبقى هاته الحالة ، إلا الشجرة التي تخفي غابة كثيفة من الماسي و الأحزان ، تعود بنا إلى غابر الدهر و الأزمان .. هي أوضاع كارثية بظروف صعبة ، يندى لذكرها الجبين ، في مغرب القرن الواحد و العشرين .. وضع كهذا يُرغم صاحبه ، الفاقد لكل هوية أو عنوان ، ليس على الهجر و الرحيل ، كما هو الشأن لهؤلاء المهجرين الذين باتت قضيتهم وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء .. بل الذهاب ابعد ما يمكن ، في البحث عن وطن حر بديل ، كملاذ امن لا يحتاج إلى تأويل و قابل للتفعيل.. .. فهل من أذان صاغية ، بضمائر حية تؤمن بمبادئ الديمقراطية لتحقيق العدالة الاجتماعية و حفظ الكرامة الإنسانية.. .. و انتهى الكلام .. عن هدهد فبراير من جنوب "المغرب الأقصى"