أنجبت حاضرة القصر الكبير الكثير من المواهب الكروية التي تألقت على المستوى الوطني والدولي، وتركت بصماتها بارزة حاضرة بقوة في الميادين الكروية المغربية والعالمية، ومن بين هؤلاء الحارس العملاق التهامي الفاسي الذي استطاع بجده و اجتهاده وانضباطه وأخلاقه الحميدة، وإخلاصه وحبه لكرة القدم، وغيرته على القميص الذي يلبسه، أن يكون محل تقدير واحترام أينما حل وارتحل، وأن يكسب عطف وحب الجماهير الرياضية بالقصر الكبير ومدن الشمال وباقي أنحاء الوطن الكبير. ولد التهامي الفاسي سنة 1945 بمدينة القصر الكبير، بدأ اللعب مثل باقي أطفال حي المصلى الذي كان يسكنه في صغره، بالساحات والملاعب التي كانت تنتشر على طول وعرض المدينة خصوصا ساحة المصلى وبوحوت وبلعباس، ومن الأصدقاء الذين شاركوه اللعب في ذلك الوقت عبد السلام ذروق محمد صاكالا الهادي العيساوي الدوكي الحبابي الفويسي الرويفي بوعشا السبيعي الشرقاوي اليفاوي كومينار السبتيوي حمود المودن بوعجاج العجان حموزو... وغيرهم. شارك في الدوريات التي كانت تشهدها المدينة وتتنافس خلالها فرق الأحياء إلى جانب فريق حي (دار الدخان)، وفي إحدى مقابلات دوري الأحياء، شاهده المدرب الإسباني خواكين الذي كان يشرف على تدريب فريق النادي الرياضي القصري، فأعجب بأدائه المتميز فألحقه سنة 1962 بصفوف الفريق الذي كان يتولى تأطيره، ومنذ ذلك التاريخ أصبح يحمل ألوان الفريق القصري الأول باقتدار كبير. قضى أربعة أعوام بأحضان النادي الرياضي القصري، وتمكن خلالها من البروز بشكل ملفت للأنظار، وأصحبت الكثير من الفرق الوطنية المنتمية للقسم الأول والثاني تتسابق لضمه إلى صفوفها، حيث كان في نهاية المواسم الأربعة التي قضاها بصحبة النادي الرياضي القصري يتلقى عروضا للالتحاق بالعديد من الأندية المغربية، إذ رغبت أولمبيك وزان، سطاد المغربي الرباطي واتحاد الشرطة الرباطي وغيرها في ضمه، إلا أن المسؤولين بمكتب الفريق القصري كانوا يرفضون السماح له بالرحيل للعب بالفرق التي ترغب في الاستفادة من خدماته. في الموسم الكروي 1964/ 1965 انتقل إلى الجزائر للعب للفريق (وداد تلمسان) الذي كان يمارس بالقسم الوطني الثاني، وحقق معه الصعود إلى القسم الوطني الأول، إلا أن إقامته بالجزائر لم تدم أكثر من موسم واحد، إذ اضطر للعودة إلى المغرب. وفي الموسم الكروي 1965/ 1966 أقنعه رئيس فريق المولودية الوجدية بالوقيع للفريق الوجدي الذي كان يمارس بالقسم الوطني الأول، ويضم في صفوفه أجود وأمهر اللاعبين من أمثال: الفيلالي مغفور العزاوي المدني قدور موسى مغدر وغيرهم من الأسماء اللامعة التي كانت تلعب لفريق عاصمة الشرق في عهد رئيسه المرحوم مصطفى بلهاشمي الذي يعد من المسؤولين الذين عملوا على وضع الأسس الأولى لحركة كرة القدم المغربية. ظل بصفوف المولودية الوجدية إلى حدود سنة 1970 وفي الحين الذي كان يلعب للفريق نودي عليه لحمل قميص الفريد الوطني المغربي للأمل سنة 1967، كما لعب للفريق الوطني المغربي للكبار في نفس السنة حيث لعب حارسا لمرمى الفريق في اللقاء الذي جمع المنتخب المغربي بنظيره الروسي وكان فيه الحارس الهزاز بديلا له ومن الأسماء التي شاركته اللعب بالمنتخب في ذلك التاريخ (الهزاز الكزار غاندي بيتشو...) وغيرهم. كما أنه عغندما كان يلعب بوجدة كان يتناوب مع الحارس علال على الفوز بأحسن حارس في البطولة الوطنية. ومن خصوصيات هذا الحارس الكبير، كونه صنع نفسه في البداية اعتمادا على إرادته الصلبة وإصراره القوي، على أن يصبح نجما متألقا، إذ كان يتدرب على التقاط الكرة وحده ودون مساعدة، حيث كان يقصد بعض الأماكن المهجورة ويضرب الكرة في الهواء ويقذف في اتجاه حائط ويعمل على التقاطها بمهارة. ومن الذكريات التي تحتفظ بها وتختزنها ذاكرته، أنه عندما كان يلعب للنادي الرياضي للقصر الكبير، كان بعض المحبين للفريق يرتبطون به بعقود مكتوبة تلزمه منحه مكافآت مالية شهرية مقابل الالتزام باللعب لفريق المدينة وعدم مغادرته. وفي سنة 1970 اتصل به محمد السدراوي رئيس فريق المغرب التطواني وألحقه بفريق تطوان الأول، ولم يتمكن من مجاورته أكثر من موسم واحد، إذ توقف عن اللعب مجبرا بعد أن أصدرت اللجنة التأديبية بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم حكما ظالما بتوقيفه عن اللعب مدى الحياة، وجاء ذلك على خلفية قرار جائر من طرف الحكم العلوي الذي احتسب إصابة سجلها عليه اللاعب فتاح في لقاء جمع فريق الفتح الرباطي بالمغرب التطواني، وكان التخامي قد التقطها إلا أن لاعب الفتح المذكور دفعه إلى الأمام وأدخله الشباك، وبدل أن يتدل الحكم لصالح الحارس ويعلن عن خطأ، انحاز للفريق الرباطي وأقر مشروعية الإصابة، فلم يتمالك التهامي أعصابه، حيث تهجم على الحكم، فصدر في حقه حكم التوقيف النهائي عن اللعب. في سنة 1972 ألغت الجامعة قرار التوقيف وصدر العفو عنه، فربط مسؤولو الرجاء البيضاوي الاتصال به قصد الالتحاق بالفريق الأخضر، إلا أنه كان قد رتب أمر مغادرته للوطن في اتجاه الديار الألمانية، وبذلك اعتزل اللعب ورحل إلى ألمانيا حيث استقر هناك. ومن النوادر التي يحتفظ بها عشاق كرة القدم بمدينة القصر الكبير والذين أتيحت لهم الفرص لمشاهدته في الميدان، أنه كان يلتقط الكرات العالية بطريقة بهلوانية، كما أنه كان يتمتع بقدرة خارقة على التصدي لضربات الجزاء، إذ نادرا ماكانت تسجل عليه، كما أنه كان يلعب دورا أساسيا في الانتصارات التي تحققها الفرق التي يلعب لها.