حميد الهزاز، واحد من الحراس الكبار الذين أنجبتهم الساحة الرياضية بالمغرب، تعملق أمام كل المهاجمين، وحول المغرب الفاسي إلى فريق يحتفظ بعذرية شباكه على مر الدورات. كان الجمهور الفاسي يعشق الهزاز، ومعه كل المغاربة الذين تعلقوا بهذا الحارس الرائع الذي سحرهم يوما بتدخلاته الرائعة، وحول المرمى إلى منطقة محرمة على كل المهاجمين. كان الهزاز قد شهد مع المغرب الفاسي أحلى اللحظات، وداخل المنتخب المغربي أكمل حكاية الإبداع كلها. في فاس، تعلم الهزاز أولى أصول اللعبة، فقد أخذه يوما عبد العزيز الدباغ إلى المغرب الفاسي حين أحس بنمو مواهبه، كان ذلك في بداية الستينيات من القرن الماضي، بعدها قطع الحارس أشواط التألق، تدرج عبر الفئات كلها ووجد نفسه حارسا لكبار المغرب الفاسي في وقت كان يفخر الفريق بوجود حارس كبير آخر اسمه الأبيض. استطاع الهزاز أن يكسب رسميته داخل الفريق، ومع المتخب المغربي، وقد جاءته أندية أخرى تطلب وده، ولكن تمسك الفاسيين بحارسهم الكبير منعهم من السماح له بالالتحاق بفريقي الوداد والمولودية الوجدية. لعب للمنتخب المغربي مدة عشرة أعوام، شارك معه في العديد من المباريات، قبل أن ينهي مساره متعلقا بقميص المغرب الفاسي الذي أحبه حتى النخاع. كانت كل فاس تعرف هذا العشق الذي يجمع بين حارس كبير وفريق طموح. وفي سنة 1984، وضع الحارس قفازيه وودع ميادين التباري وما زال يكمل مساره الرياضي كمسير. عاش الهزاز مجموعة حكايا طريفة مع المنتخب، ففي مونديال مكسيكو 70، ضد المنتخب الألماني في لقاء المغاربة الأول، كان الهزاز يجلس في كرسي الاحتياط، كان علال يومها هو الحارس الرسمي. كانت بداية اللقاء في الساعة الثالثة بعد الزوال، في جو حار جدا، كانت هناك مدرجات مكشوفة وأخرى مغطاة، وحدث أن تحولت الشمس إلى الجهة المغطاة، بينما انتقل الظل إلى الجهة الأخرى، وهو ماجعل اللاعبين يلعبون في نصف الملعب، قام بعدها المدرب فيدينيك ليأمر اللاعبين بالانتشار الجيد داخل رقعة الملعب، لكنه وجد حتى لاعبي الفريق الخصم يلعبون المباراة في نصف الملعب، «كلشي كيقلب على الظل»، وهو ما أثار ضحك كل الحاضرين. وفي سنة 1976، كان المنتخب المغربي يلعب لقاء نهاية كأس إفريقيا، وكان الهزاز في كل مرة يجد نفسه محاطا بالطبيب الذي أخبره بضرورة إجراء عملية جراحية لأصبعه الذي كسره الغزواني بقذفة قوية في فترة التداريب. فأثناء استراحة ما بين الشوطين التي كان يخصصها المدرب للاعبين لقذف الكرة، تشاء الصدف أن يتعرض المنتخب المغربي لهجوم خطير، تمكن الهزاز من التصدي لكرة قوية كانت ستستقر في الشباك، ولكنه أبعدها بفضل الأصبع المكسور. وحين انتهى اللقاء، جاءه طبيب الفريق ولكن هذه المرة ليس بغرض طلب إجراء عملية جراحية مستعجلة، ولكن فقط من أجل إخباره بأنه أصبح من المستحيل إجراء عملية تقويم الأصبع المكسور الذي بفضله كسب المنتخب لقاءه النهائي.