الكاريكاتوريست خالد الشرادي في الماضي لم نكن نفهم معنى التلوث البيئي ولم يكن مثلا لمصطلح المواد المسرطنة من وجود حتى ظهور اشهار ديتول في عهد بعثة البارابول بالهدي شخصيا ..وأصلا حتى مصطلح بارابول، لم يحقق المغاربة حوله إجماع الأئمة، الا بعد مجهود فادح بذلته جموع المواطنين في تهجي هذه الكلمة الدخيلة… فحسن الفران كان يناديه ب"البانابور" فيما كان صطوفي ومراد ولد عيشة يسميانه البالابور بينما كان حشد كبير من سكان مدينة القصر الكبر قد سموه من البداية "بالرادار" بعدما لمحوه ذات صباح منتصبا فوق سطح احد كبار الإقطاعيين بالمدينة .. لم نكن نعرف آنا ذاك ان الخضر فيها الخصرة " البيو " و"غير البيو " كان كل شيء بالنسبة الينا طبيعيا وبيوائيا جدا وفيه البيطامين ..كان النعناع القصراوي العظيم المسقي على ضفاف الانهار بقادوس الواد الحار يجوب كل انحاء المغرب في حافلات السدراوي وبعيني هاتين التي سياكلهما دود القز، كنت اشاهد جموع المواطنين وهم يستقبلونه في "سطوب بني مكادة" بطالاعا البدر علينا من تاني يأتي الواداع .. عندما كنت أستقل الحافلة السدراوي صحبة امي لزيارة جدتي وأخوالي الرائعين .. كان والدي يشرجينا كالحمير بكثير من النعناع "البيو" لنفتخر به في طنجة، لأنها ورغم كونها مدينة "داولية"، لم تكن تتوفر على واد حار محترم لإنتاج النعناع الاحرش، مثل مدينة القصر الكبير الهتاكة .. كنا نحضر معنا ايضا الفلفلة الخضراء والبرقوق، وكثيرا ما سافرنا انا وامي وإخوتي بدلاحة كبيرة في بداية العطلة الصيفية .. كان يدردبها لنا الكريسون من الكار في نهاية الرحلة ،كي نواجه مصيرنا في حملها نحو اقرب طاكسي اسود… يا حسرة على الخيرات المغربية كانت كلها " بيو " رغم أنهم كانوا يرشونها بسم الفئران وبأنواع قاتلة من "الدواء" الذي كان اشهار الفلاح في التلفزيون كل يوم ،يحث اخي الفلاح على شرائه مع الميلاص ..لم نكن نعرف يوما اننا نتناول المواد المسرطنة في كل شيء بداية من خطب الحسن الثاني في عيد العرش وحتى آخر بواطة سيفيانة بائسة .. !!!! "تاريخ الصلاحية" نفسه لم يشرفنا في الحومة قبل وصول أغلبنا الى مستوى الباكالوريا .. وها نحن اليوم والحمد لله ، وبعد ان أكلنا كل الانواع المورطاديلاء الفاسقة المحشوة بنقانق الدناصور الكازاوي الغشاش.. وبعد أن أوشك أكثر من نصف نساء المغرب على الفناء بالسرطان … نكتشف اخيرا ان حكومة "البيئة" في المغرب تستورد لنا البتاع لتحافظ به وبكل مسؤولية على بيئة مواطنينا الصالحين في الطاليان …!!!