انتفض أهل القرية جاؤوا إلى بيت العبادة صاخبين مزمجرين، كما تجيء الصواعق والأعاصير. سدوا منافذ المعرضين ومد أحدهم يده في جنون، واقتلع المقرفص من مكانه. وفي لمح البصر،اصطكت الأسنان وجرت دماء الواهنين. في كل مرة يتراشقون هنا القوم لا يتفقون. ولحظة العراك انزوى الخائفون. لم يحضر رأس الحربة، كان في غفلة من أمره، يعيش سراب الخلود. قصة فقيه مغرور أسدل إلى الأبد الحصائر، وتوهم ألا يغادر، كان حقودا لا يرحم. إذا رأى غرماءه بصق على الأرض ومشى ممتعضا يشتم في همس متكتم. ظنه العامة من البسطاء عالما سيد الفقهاء. فتعلموا في مجالسه أن ينحرفوا عن طريق الله، ويتهاونوا عن الدعاء، هجروا إنسانيتهم، وما عادت عصارة المحبة تنداح من قلوبهم المنكسرة. يحكون عن صدق فقدوه، وعن الأواصر المغدورة، بأقوال علمتهم الخيانة، وسقتهم الانتقام علقما. لكنهم من غفلتهم أفاقوا، وعلى الفقيه أطبقوا ناقمين… وقبل أن يقدموه إلى المقصلة، انسل مثل الحية، وغادر الدوار إلى غير رجعة…