"فبراير.كوم"تنفرد بنشر المقاطع الساخنة لحسن أوريد الذي قلب الكثير من المواجع مع طلبة الاعلام والتكوين الصحافي في الدارالبيضاء. لماذا اخترتُ الكتابة؟
يزعجني كثيرا أن أجري مطابقة ومقابلة، ولكن دائما أعطي سابقة شخص استخلص عصارة التاريخ، حينما كان له طموح سياسي، وقام بأدور سياسية..
أعني به ان خلدون، وقد اشتغل في دولة بني مرين ثم قام بأعمال السفارة في الأندلس واشتغل حاجبا لدى حكام بجاية، وأدرك لفترة أن نفس المشهد يتكرر، أو بتعبير آخر أدرك أن الوضع جامد، وفضل أن ينزوي في مكان خلاء بقلعة ابن سلامة في الجزائر، وكتب كتابا استخلص فيه عصارة التاريخ.
لا أقول أنني ابن خلدون، ولكن أقول أني شعرت بأن الأشياء لا تتغير، بحيث أن هناك خيط ناظم بين كتاب "مرآة الغرب المنكسرة" و"المورسكي"، أحدهما فلسفي والآخر رواية، أحدهما بالعربية والآخر بالفرنسية، ولكن هناك تشريح بطريقة مغايرة لوضعية معينة..
أعفيت من المهام، وكان ينبغي عوض أن أرد بكيفية ربما بدائية، أن أفكر، لماذا وقع ما وقع؟ وما هي الأسباب؟ واستخلصت أن هناك بنية تتجاوز حتى الأشخاص الذين اتخذوا القرار في حينها، وكان من نتائج هذه العزلة، كتاب "مرآة الغرب المنكسرة".. قمت بأشياء قد تكون كبيرة في الدولة ربما، ولكنها على أية حال ليست ملكا لي، وهي ملك للدولة. فكل ما يشتغل في الدولة هو ملك للدولة، لكن مرآة الغرب المنكسرة ملك لي والكورسكي ملك لي
أنا أحب "الموريسكي" ومرآة الغرب"، لأني فيهما فككت بنية، وتوقعت أشياء وقعت، طبعا لا أقول بأنني على علم، ولكن كنت أشعر أن الوضع الذي كنا نعيش جامد، وهو بداية لأزمة أعمق، وسوف تشمل الدول "المرتبطة بالنظام العالمي"، وقلت أن الطبقات الوسطى سوف تضطلع بأدوار مهمة في المرحلة القادمة، وسطرت الكتاب، ببيت شعري لشاعر ايرلندي:"حتما هناك ثورة في الأفق"، ووقعت الثورة.
في نهاية الرواية، شهاب الدين يعتزل، وعزلة شهاب الدين هي عزلتي في نهاية المطاف، يعتزل في واحة، اخترت أن تكون توزة، واخترت أن يكون جليسه ومجالسه فقيه من فقهاء توزة، وهو الشابي، على أساس أني كنت أتوقع، على أساس أن تنبأت بأن الشابي سيأتي في المستقبل.
بتعبير آخر كنت أشعر بأن الوضع جامد، وأنه لا يمكن ان يستمر على هذا النحو، وجعلت آخر مقطع في آخر لكتابي "المورسكي"، المنفرجة "اشتدي أزمة تنفرجي"،
طبعا هناك أسلوبان للتعامل مع تجربة أي شخص، فيمكن أن نعبر عنها بمرارة، والمرارة في نهاية المطاف غير مجدية، ما دفعني لأن لا أستسلم، بل أتعامل مع ما وقع كواقع، ولكن جعلت منه أداة للتفكير في قضايا الوطن، فطبعا لا يمكن من خلال مساري، ما يسمى بالفرنسية، خطأ في الاختيار وفي "الكاستينغ" ان صح التعبير، لا يمكن أن أنطبق مع صورة نمطية لتاريخ رسمي، لا يمكن، عشت في خضم الحركة الأمازيغية، فككت بنية الخطاب الاسلامي، تأثرت بالثقافة الغربية..؛ لا يمكن أن لا أسائل أوضاع معينة، من غير المنطقي.. فطبعا كتبت الموريسكي،
أنا الظهور لا يعنيني، لما استدعى إلى شيء ألبي، لكني لا أطلب.
اخترت خيارعلى اعتبار أنه خيار صعب، ولكن أعتقد أنه أفيد وهذا أملي..
يمكن أن أجزء مساري إلى ثلاث مراحل، الأولى حينما بدأت أكتب في الصحافة الصحيفة، وكانت هناك جرأة، تنسجم وتنطبق مع ما كان يمور به مغرب التسعينات، من بداية مغرب، ونهاية مغرب، والذي عبر عنه شباب بصموا المغرب بطابعهم وأسلوبهم، من حيث انتاجهم الثقافي.. كنت جزءا من هذه المنظومة..
وبعد ذلك انغمرت في ركاب الدولة، ومن أجل هدف معين، وكنت أفضل بدل أن أكتب، هو أن أرى مجموعة من الرؤى التي أكتب عنها تطبق على أرض الواقع، وفي نهاية المطاف، تقريبا أمسكت عن الكتابة..
وكتبت أشياء قليلة، أشياء ذات طابع يكاد يكون رسمي، إلى غاية 2009، كتبت "مرآة الغرب" لنفسي، بجرأة أو بجرعة بعبارة أصح نقدية، لأن الكتابة لا يمكن إلا أن تكون نقدية، والمثقف لا يمكن أن يكون إلا نقديا.. وكان الكتاب نوعا من تزجية الوقت، لكن مع الوقت، تبدا لي أن الأمور لم تتغير، ما كنت رصدته لم يتغير، الشيء الذي دفعني لنشره.
وأنا فقط في بداية المسار أتمنى أن تتاح لي الفرصة مستقبلا لأكتب وأنشر..