رحيمو وفطيمو تجمعهما أكثر من علاقة فهما صديقتان حميمتان وأيضا جارتان تسكنان نفس الدرب ، مؤخرا أصبحت تجمعهما رابطة الدم ، فولد رحيمو تزوج ابنة فطيمو كان بينهما ود قديم وتفاهم كبير ، الكل كان يعتقد أن هذه العلاقة سوف تصير أكثر متانة وقوة بعد مصاهرة العائلتين لكن عكس ذلك هو ما وقع ، أصبح ما يجمعهما فقط مجاملة عابرة وابتسامات صفراء ! عندما علمت فطيمو أن ابنتها قد وضعت طفلة ، لبست وخرجت بسرعة متجهة للمستشفى ، كانت تريد أن تصل إلى حفيدتها قبل غريمتها رحيمو ! عند مدخل المستشفى توقفت سيارتان للأجرة خرجت من الأولى السيدة رحيمو وفي نفس اللحظة خرجت من السيارة الثانية السيدة فطيمو ، بعد مجاملة سريعة وابتسامات مصطنعة بينهما، هرولتا إلى داخل المستشفى ، أخبرهما مركز الاستقبال أن الأم ورضيعتها في غرفة العناية المركزة بالطابق الثاني ، هرولتا من جديد وهما تصعدان السلم كانت كل واحدة تجاهد نفسها لتصل هي الأولى ، وصلت السيدة رحيمو أولا فلقد كانت أقل سمنة وأكثر نشاطا ، ما إن دخلت الغرفة حتى انتزعت الرضيعة من بين يدي الممرضة وهي تسمي الله وتقول – سبحان الله البنت صورة طبق الأصل من ابني ، عيناها ، انفها ، شعرها … بدأت الرضيعة تبكي عندما دخلت الغرفة السيدة فطيمو، مباشرة انتزعت حفيذتها من بين يدي السيدة رحيمو وهي تقول – سبحان الله البنت صورة طبق الأصل من ابنتي ، عيناها ، أنفها ، شعرها …. ابتسمت رحيمو وقالت معلقة على كلام فطيمو بالكثير من السخرية – على ما يبدو حبيبتي أنك بالفعل هرمت وضعف بصرك البنت سبحان الله تشبه أباها في كل حروف وجهها الجميل ضحكت خدوج حتى أدمعت عينيها – سلامة عينيك من عمى الألوان حبيبتي ، ولدك أسمر كالفحم أما البنت فهي شقراء ولون بشرتها مثل الحليب إنها تذكرني بجمال والدتي فابنتي تشبه أصلا جدتها رحمها الله لذلك سوف أطلب من ابنتي حبيبتي أن تسمي طفلتها كنزة على اسم جدتها لم تستطع رحيمو أن تسيطر على غضبها فقالت بنبرة حازمة – بل على إسم جدتها من أبيها الحاجة الباتول لعل البنت تأخذ من ذكاء ومهارة جدتها في الطبخ والخياطة أصبح صوتهما مرتفعا ، الممرضة نهرتهما وهي تقول – حرام عليكما المرأة تحتاج إلى الراحة، بعد عملية قيصرية منهكة ، اتركوها تنام بسلام ! فقط في هذه اللحضة تذكرت فطيمو ابنتها النائمة فوق السرير ، اقتربت منها أكثر ، أزاحت الغطاء من على دقنها فوجدت امرأة شاحبة وذابلة لكنها لم تكن ابنتها ، بدى على فطيمو الاستغراب والذهول – إنها ليست ابنتي ! الممرضة : ما اسم ابنتك ؟ – ابنتي اسمها بشرى الممرضة : السيدة بشرى خرجت من غرفة الانعاش وهي الآن في غرفتها رقم 19رفقة رضيعتها وزوجها بالطابق الثالت ! نهضت فطيمو ورحيمو استعدادا لمسابقة جديدة نحو الطابق الثالت قبل أن تضيف الممرضة – مبروك عليكما حفيدتكما " انجي" قالتا – فطيمو ورحيمو -بصوت واحد – من هي انجي ؟ الممرضة : انه اسم حفيدتكما الذي سجلتُه في الوثائق الرسمية كما طلبا مني السيدة بشرى وزوجها السيد أحمد ! شعرت فطيمو بحزن دفين فتقدمت إليها رحيمو فعانقتها وكأنها تواسيها – يا خسارة تربيتنا فيهما ، وسهرنا الليالي من أجلهما لم يستشيرا معنا حتى في اسم حفيدتنا الأولى ، كان الأجدر أن تُسمى باسم جدتها كنزة والدتُكِ ، كان جمالها يضرب به المثل ، كانت أميرة في زمانها – نعم حبيبتي جيل هذا الزمن قليل الذوق والتربية ! ما العيب لو اختارا لها اسم جدتها الباتول والدتك ، كانت امرأة كيسة وطباخة وخياطة ، كانت فنانة زمانها وصلت شهرتها الى خارج المدينة بعد أن مسحتا الدموع من على خديهما صعدتا السلم بخطى بطيئة ومتثاقلة وهما تسندان بعضهما البعض في اتجاه غرفة رقم 19