عرفت المدينة منذ حوالي عشر سنوات تدنيا في مستوى الخدمات الاجتماعية، وتراجعا ملحوظا في الإنجازات التنموية، وهي بالمقارنة مع أغلب المدن المغربية ظلت خارج اهتمام برامج الإصلاح، وعلى هامش الفعل التنموي. فمدينة القصر الكبير قد خسرت الرهان بسبع ضربات فوق في سباق التنمية ومباريات التشغيل، والتنافس لكسب المشاريع وإنجاز المنشآت ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي، ومعذرة لمحترفي "الگولف" وهواته، الذين لن تتأثر ملاعبهم الخضراء الشاسعة بندرة المياه وسلبية الجفاف، معذرة على استعمال مصطلحهم الرياضي "ضربات فوق"، فسكان مدينة القصر الكبير، وكثير من مدن الشمال التي ضرب على أغلبها حصار التهميش الاقتصادي، والاستثمار التنموي، يمارسون لعبة الگولف بعيدا عن البساط الأخضر، ومجاري المياه المتدفقة، وواحات النخيل الساحرة، فهم يلعبون الگولف على بساط من المسامير، وأرض من الوحل، وفوق الرصيف، وفي دروب الحياة ومسالكها الوعرة: من أجل الهروب من شبح الجوع والبطالة، يركضون وراء لقمة العيش، ويلاحقون ملفات طلب الشغل في هذا الميدان أو ذاك، في هذه المؤسسة أو تلك، يكدحون ويلهثون ويتسابقون للفوز بمنصب شغل، ولما لا برقم تأجير في سلك الوظيفة العمومية؟!، غير أنهم يفتقرون إلى عصى الگولف، ولا يملكون عصى موسى، فخسروا الرهان بسبع ضربات فوق. ففي مجال النظافة والاهتمام بالبيئة، تعرف المدينة تقلصا متزايدا في المناطق الخضراء، وشرها كبيرا في أخطبوط البناء، وجبروت الإسمنت الذي التهم أغلب الحدائق وكل الفضاأت، ولا شيء غير الإسمنت، كما تعرف عجزا مطلقا في عملية جمع الأزبال وقمامة المنازل بسبب الفقر في الآليات والتجهيزات، وقلة في عدد عمال مصلحة النظافة، وذلك بسبب إلحاق عشرات المنظفين و"المنظفات" جبرا للخواطر وإرضاء للأحباب بالمكاتب الإدارية من طرف المجلس البلدي السابق، بدل تشغيلهم في ميدان النظافة الذي ينتمون إليه أصلا، ويتقاضون أجورهم من ميزانيته، فلا يتجاوز عدد المنظفين الممارسين لمهمتهم ثلاثين شخصا، الشيء الذي جعلهم يعجزون عن التغطية الشاملة للمدينة، فانهزمت المدينة في هذا الميدان الحيوي بسبع ضربات فوق!. كما أن مدينة القصر الكبير تعيش الظلام الدامس، وتوالي الانقطاعات في التيار الكهربائي، وتوقف الضخ المائي بسبب هشاشة البنية التحتية، وتواضع الأطر التقنية المشرفة على الشبكة الكهربائية والمائية، والأغرب من ذلك أن السكان "يموتون" عطشا في مدينة توجد بين أحضان سد وادي المخازن، الذي امتدت سواقيه وشرايينه إلى آلاف الهكتارات لتبعث فيها الخصب والحياة، وتنكرت لأحفاد أبطال معركة وادي المخازن، فلم يجد عليهم بقطرة ماء يسدون بها رمقهم، ويروون عطشهم، وبما أن مدينة القصر الكبير لا تتوفر على الماء الشروب الكافي، والشبكة الكهربائية الصالحة، فهي حتما تخسر رهان التنمية بسبع ضربات فوق كذلك!. أما في ميدان التشغيل فتكمن الطامة الكبرى، فالأفق مسدود، وفرص الشغل قليلة جدا، والمتبارون والمتنافسون من أجل الفوز بإحداها كثيرون، الآلاف منهم ينتظرون الجواب على ضفاف المقاهي، والمآت منهم أعياهم الاعتصام بباب المؤسسات الحكومية، وبالمقابل لا يوجد بالمدينة إلا معمل "السونابيل" للسكر الشمندري، أغلب عماله جيء بهم من الضفة الغربية لنهر اللكوس، ومن جهات بعيدة، وكما يبدو لجمهور رياضة الگولف، وحسب تقرير حكام المباريات الذين لم يلتزموا بتطبيق قانون اللعبة، فإن مدينة القصر الكبير خسرت رهان التشغيل بسبع ضربات فوق!. جريدة الميثاق الوطني / الخميس 7 شتمبر 1995