للوهلة الأولى وأنا أشاهد فيديوهات دورة مجلس بلدية العرائش الأخيرة، غلبتني الحمية واستفاقت في أحشائي نخوة البطولة العربية، وأنا أشاهد تدخلات حماة الديار، الواحد تلو الآخر يبكي ويتوعد بإعدام الفاسدين ومسؤولي الملفات وكل البنايات والمركبات المغشوشة التي سقطت وأسقطت أبرياء منا في صراعنا الأبدي مع كسرة خبز نحن معشر الفقراء. تدخلات من الأغلبية ومن المعارضة ، من اليسار ومن اليمين – أقصد طبعا الاتجاهات وليس المبادئ- . كلها تتضمن شهادات تصب في خانة تحمل المسؤولية وتطالب بفتح المحاضر واستدعاء رجال القانون لإحالة الملفات على القضاء، وتصل إلى حد التهديد بالاستقالات الجماعية. جميلة تلك الحمية التي هبت فجأة على المجلس الجماعي، حيث افتضح كل شيء، نواب للرئيس بالاسم فقط لا يستشارون إلا فيما فضل عن صفقات الرئيس. وتحالف هش بدون تنسيق أو تغطية سياسية، واعترافات بالموظفين الأشباح من مهندسين وتقنيين... وبالغش أيضا، حتى أننا بشرنا بقرب سقوط أشغال الشرفة الأطلسية. غدا ستقام دورة المجلس للمصادقة على الحساب الإداري، لي رغبة جامحة لأرى كل تلك الملفات الفاسدة فوق تلك الطاولة الكبيرة تسلم للقضاء من أجل فتح تحقيق... أم أن مجلسنا الهمام سيصادق على صرف ميزانية، التهمتها شركة هركول للبيئة – عفوا هنكول- ونفقات الموظفين" والعهدة على الراوي" . واحتوت كذلك على بعض الدريهمات التي جيد بها على الجمعيات والنوادي الرياضية. التي حكمتها منطق "الوزيعة" حتى شاهدنا كيف أن بعضها كوفئ دون غيره بدعم سمين يفوق الآخرين لأنه رئيسها أو أحد أعضائها مواظب على رفع اليدين من اجل المصادقة على النقاط المدروسة من طرف المجلس .... وعلى كل شيء.. حقيقة لا أدري لماذا يبدأ كل مسؤول بالبكاء فقط عندما تذكر الأرقام المتعلقة بالموظفين والعمال والبسطاء كحال ميزانية الموظفين أو كميزانية صنابير مياه الفقراء التي أقفلها المجلس بدعوى ارتفاع التكلفة على الرغم أنها تقارب ما صرفه مستشارونا ومن كل الفرق السياسية المشكلة للمجلس بمدينة تطوان هاته الأيام بدعوى حضور أيام تأطيرية حول المدن العتيقة. كم من الأموال التي تعادلها صرفت كالماء المسكوب في الرمل بدون جدوى، أو شفرها أحدهم عيني عينيك. أم أنها الحكرة فقط... لو رفض الحساب الإداري.. يعني طبعا زيارة قضاة "جطو" في المجلس الأعلى للحسابات للمدينة وافتحاص كل تلك الملفات التي قيل عنها الكثير، ولو مر الحساب الإداري يعني أن مصلحة أخرى غلبت مصلحة المدينة. سنرى حقيقة كل ذلك العويل والوعيد وكل تلك المسح التي ظهرت فجأة على أعضاء مجلسنا المحترمين. سننتظر ما سيقع غدا، وكما يقول المثل العربي: "إن غدا لناظره قريب".