تتحرك كوامن نفسك المفعمة بالشجن، ينتابك الحزن والملل ، يستيقظ الألم المختبئ في ثنايا صدرك ، تتراقص الصور المبعثرة أمام ناظريك ، تتأرجح ذات اليمين وذات الشمال ، آخذة بتلابيب عقلك المصهور في بوتقة من الاسى القاتم لا تدري أنت نفسك أهي من صنع يديك ام هي من تدبير القدر...؟ هو الصمت الأخرس الساكن في أعماقك، يتفجر حمما وبراكين غضب ملتهبة، يلعلع هادرا، منذرا ومعلنا ثورتك على دنيا القيم الزائفة ، دنيا القيم الرخيصة المبتذلة، يشتد الحزن داخلك، يسربل أنفاسك بقتامته، تعانقك أطيافه من بعيد، تحاول الانفلات من براثنه دون جدوى، تنتفض كطائر جريح، يختلج صدرك، يلهج بذكريات هي صدى الأمس القريب البعيد '' غدا تشرق الشمس من وراء السحاب ... ويتوسط القمر كبد السماء فينيرا حلكة أيامك..'' تهيم أنت في عالمك، في دنياك البريئة، تسربلت نفسك بأثواب العفاف والفضيلة ، وتدثرت بدثار الصفاء والطمأنينة.. آه ، قد غسلتك أمطار الطهر من رأسك إلى أخمص قدميك ، ووهبك الإله جمال الروح ونقاء السريرة...لكنها شوائب هذا الزمن الأغبر انتقلت إليك ذراته... ويمضي العمر هاربا ، تزحف السنون مسرعة، مخلفة آثارها على قلبك، أخاديد عميقة حفرتها يد الزمن ، لكنها أبدا ما استطاعت أن تمحو طيبتك ، وسذاجتك التي بلا حدود. مازلت تنتظر ، والانتظار أصبح مملا وباهتا ...مازلت تحلم ، والحلم أصبح سرابا ..وهما محترقا تذرو دخانه رياح الشجون... أبدا ما أشرقت الشمس ...توارت ، تلفعت بالضباب... وأبدا ما بزغ القمر ...أفل وغاب ..وانسل يختبئ عن وهج عينيك....