يشكل ارتياد الأسواق بصورة متكررة ضرورة ملحة لا يمكن الاستغناء عنها في أغلب الحالات ، ويصاب المتسوقون بالتذمر و الاستياء و الغضب عند ارتفاع أثمنة و أسعار المنتوجات و البضائع و السلع الاستهلاكية ، والتي يكون لها أثر سلبي سريع المفعول على جيوب الناس وقدراتهم الشرائية . فظاهرة الارتفاع المستمر للأسعار أضحت أمرا مقلقا ومخيفا ومحيرا لشرائح اجتماعية عريضة ، حيث يعجز أغلبهم عن اقتناء مجموعة من المواد الاستهلاكية الضرورية في ظل الارتفاع الصاروخي لأثمنتها الذي يفاجأون به من حين لآخر ودونما سابق انذار ، وتحت طائلة الدخل المحدود الذي يقيد حركتهم و الأجر المتدني موازاة مع كثرة المتطلبات و المستلزمات اليومية . ارتفاع سعر الخضراوات و الفواكه والأسماك وجشع التجار واحتكارهم لبعض السلع داخل الأسواق خلق توترا وتشنجا في الأوساط الاجتماعية ، توتر نتج عنه ارتفاع أصوات مرتادي الاسواق بالشكوى من الاكتواء بنار الغلاء ومن زاوية أخرى بتمسك الباعة بالثمن وعدم قابلية التفاوض بشأن السلعة المعروضة بمقابل غير الذي حدد له مسبقا ، ليجد المرء نفسه مجبرا على الاقتناء وفق ما هو مطلوب على لسان البائعين او الانسحاب في صمت . قد يستطيع الانسان صرف النظر عن شراء عدة أشياء ، لكن الأمر عندما يتعلق بالجانب الغذائي و بالتسوق من أجل تزويد الجسم المحتاج على الدوام الى الطاقة عبر غذاء صحي تتجانس فيه عناصر الفيتامينات والسكريات والبروتينات والألياف الغذائية وغيرها فان الوضع يختلف ، حيث لا يمكن بتاتا التوقف عن استقطاب المواد الاستهلاكية الضرورية مهما ارتفع ثمنها وغلا سعرها ، كما هو الشأن مثلا للطماطم حاليا والتي تعد قاعدة اساسية في تحضير عدة أطباق شعبية مغربية مألوفة لدى العامة ، و كذا البصل و الثوم والبطاطس و..و.. مثل هذه الخضراوات -اقول خضراوات وانا اعلم جيدا ان الطماطم تندرج ضمن لائحة الفواكه حسب خبراء التغذية – اذا تعذر توفرها داخل بيوتنا تسرب الجوع وتفاقمت الحاجة وشاع الفقر وتناسلت ظواهر اخرى وتشعبت . بسوق * اولاد حميد * الأسبوعي لمدينة القصر الكبير ، الاستياء باد على الوجوه والذعر يرسم ملامحه ، نساء انزوين في مكان ووقفن يحكين قصصهن مع التسوق في تجهم بعيدا عن هذا السوق الأسبوعي الذي يقصدنه كل أحد لقسمة الخضر و الفواكه مع بعضهن البعض ، عن الغلاء تكلمن ، وعند الطماطم استوقفهن الحديث لتفصح احداهن : * أبنائي يعشقون طهي البيض و الطماطم ، مهما حضرت لهم من أكلات تظل وصفة البيض و الطماطم المحببة لقلوبهم ، سعر الطماطم الآن مرتفع وأنا أضطر الى اخفائها عن أنظارهم الا أنهم يغضبون ويتوسلونني أن أجود عليهم بحبة أو حبتين لتحضير أكلتهم المفضلة *. لم تكد تنهي هذه السيدة كلامها حتى استرسلت أخرى قائلة : *أنا كل مرة أشاهد جيوب ابنتي منتفخة وهي ذاهبة الى المدرسة ، لم يخطر ببالي أنها تحمل معها طماطم ، لم أنتبه للأمر الا مع ظرفية الغلاء هاته ، حيث فتحت ثلاجتي يوما بحثا عن حبات طماطم كنت أحتفظ بها لوقت الحاجة فلم أجدها * . حديث هؤلاء دار حول الطماطم ولا شك أن هناك أحاديث عديدة تدور في زوايا الأسواق عن مواد وسلع أخرى عرفت ارتفاعا في السعر ونافست الطماطم في زيادة الثمن .وقد يغيب على الجميع استحضار قيمة الشيء عند توفره ولا يدرك ذلك الا عند فقدانه أو وجود صعوبة في الوصول اليه ، كما هو الشأن لبعض الخضراوات والمواد الاستهلاكية الضرورية التي تكون أثمنتها متاحة للجميع ولا أحد يكترث لوجودها من شدة وفرتها و ليسر وسهولة اقتنائها . عموما ، تضيع متعة التسوق مع الغلاء وتحلو كلما عم الرخاء وكانت الأثمنة مناسبة والبضائع رخيصة ، ويتحول السوق الى عذاب وارهاق نفسي متى نظر المتسوق الى قفته يتفحص حجم مشترياته فيجدها قليلة مقارنة مع المبلغ المالي الذي صرف لاقتنائها ، هذا اذا استثنينا بالحديث الفئة المعوزة التي تعجز عن توفير الضروريات في سائر الأيام فكيف لها في فترة الغلاء .