فرحة عارمة و تفاؤل مبتهج بالموسم الفلاحي المقبل...ابتسامات عريضة تخفي شوقا عميقا للإرتواء و أملا بانبلاج انحباس خيّم على الأراضي منذ مدة...هذا ما أبانت عنه استجوابات الفلاحين بمناسبة التساقطات المطرية المهمة التي عرفتها البلاد خلال الأيام الأخيرة، ومقابل هذه السعادة"الفلاحية" المشروعة تتجلى مآسي و آلام خفية ،فأمطار الخير تلك كشفت عن واقع أقل ما يمكن القول عنه انه محزن ، فالمياه التي ضلّت طريقها للقنوات و مجاريها الطبيعية حلًّت ضيفة ثقيلة على أحياء بكاملها و احتلًّتها عُنوة متنقلة بين الأثاث و التجهيزات المنزلية و المواد و السلع التجارية، فأيقظت سكانها من سَكنهم الليلي دافعة إياهم للهروب منها و إخفاء ما يمكن عن أعينها ، فمن كان ينعم بطابق علوي قصده وحمل له ما خشي عليه التلّف ،و من لا يمتلكه اغرورقت عيناه بدموع دافئة علًها تقلل شدة برودة الأطراف السفلية السابحة في الماء و الوحل. أطفال ...نساء...شيوخ و عجزة متحملين البلل و بحماسة رغما عن أنف الوهن يقدمون يد العون للشباب و الرجال المنهمكين في فتح مداخل القنوات لتسمح بمرور المياه . خسارات قدّرها البعض بالملايين اصابت حي "اولاد احميد" الملتحق حديثا بركب الأحياء الحضرية ضمن المدار الحضري للمدينة والذي كان له النصيب الأوفر من التعرية فكشف عن ضعف البنية التحية و عن العشوائية التي رافقت اتساع رقعته الجغرافية . اما الممر الأرضي "المهزلة" الطي لم يفد سوى مكتب السكك الحديدية فقد امتلأ كلية. في حين حالف الحظ حي السلام''المرينة" و "سوق سبتة" اللذان وإن غمرتهما المياه فقد كانت لطيفة بالسكان و التجار فلم تؤذي المنازل و لا المتاجر. بين هذا و ذاك ...يبقى مشكل البنية التحتية بمدينة القصر الكبير قائما و عليه نتسائل بمشروعية: اما آن لأقدَم حاضرة بالمغرب أن تنعم بالتحضّر و التمدًّن؟ فينعم سكانها بها . أم أن دعوة "عبد الرحمان المجدوب" المزعومة ستظل لازمة أبدا...فصيفا نسبح غبارا و شتاء مياها و أوحالا؟ اما آن الأوان بعدُ لطي صفحة انتظارالإصلاحات الجذرية للبنية التحتية الهشة للمدينة مع ما عرفته من أوراش مؤخرا؟ و إلى ذلك الحين كلُ تساقطات و أنتم بوحل...