سيبقى يوم 25 فبراير 2010 منقوشا في ذاكرة الالاف من ساكنة كل من بلعباس والمجزر القديم وحي المناكيب، ففي هذا اليوم شقت مشكلة ملكية أراضي هذه الأحياء طريقها نحو الحل العادل الذي يضمن لسكان هذه الأحياء التملك الفعلي والقانوني للدور التي يسكنونها بعد عشرات السنوات من المعانات والمتاجرة بقضيتهم لغايات انتخابية (قرار 1993 مثلا). الخميس 25 فبراير 2010 صوت المجلس البلدي بالمصادقة بإجماع مكوناته على قرار اقتناء القطع الارضية المعنية وعلى تفويتها لمستغليها بمبلغ رمزي لا يتعدى 15 درهم للمتر المربع بعد مراسلات ولقاءات متعددة ابتدأت منذ 2004 مع كل من الأملاك المخزنية ووزارة المالية وانتهت إلى التوافق على حل تقتني بموجبه الجماعة الحضرية للقصر الكبير الأملاك المعنية من الأملاك المخزنية لتفوتها بعد ذلك إلى السكان. منذ سبعينات القرن الماضي، طفى هذا الملف الإجتماعي الشائك إلى واجهة الأحداث في أكثر من مناسبة، فعلى مشارف الإنتخابات قام مجلس البلدي برئاسة الاستاذ بوحيا سنة 1993 بتبني قرار يقضي بتفويت لأراضي المناكب إلى السكان مجانا لكنه لم يحول اي وثيقة قانونية استند إليها إلى الوزارة الوصية (الداخلية) ليبقى القرار بمثابة شيك بدون رصيد للسكان جنى من اصدره من ورائه قرابة الألف صوت خلال الإنتخابات التالية ضمنت له المرور الآمن والسهل إلى برلمان 1994 وتركت السكان في مشكلتهم فيما يمكن تسميته فضيحة بامتياز. وسنة 2008 ايضا عاد الملف إلى الواجهة، بعد توصل السكان بمطالبات بأداء السومة الكرائية للمنازل التي يستغلونها. فبعد أن جرت العادة أن تتنازل المجالس المتعاقبة عن تحصيل هذه الرسوم، انتقلت مسؤولية التحصيل إلى القباضة عوض مصالح البلدية بفعل التعديل القانوني الذي هم جبايات الجماعات المحلية على المستوى الوطني سنة 2007، ومرة أخرى وجدت العديد من الجهات في الحدث فرصة للممارسة التسخينات الإنتخابية على مشارف 2009 ولتهييج السكان ضد خصوم انتخابيين، وتمت تمنية السكان من قبل بعض الجهات حينها بأن الحل صار على بعد ايام قليلة ليعود الموضوع بعد ذلك طي النسيان. سنة 2010 ايضا لم تشكل استثناء في مسلسل المتاجرة بقضية السكان العادلة، فمع بدايات السنة وبعد انتشار خبر توصل المجلس البلدي إلى اتفاق يحل المشكل، تناسلت اللجان والهيئات التي تكالبت لتقتطع لنفسها قطعة مما تعتبره كعكة انتخابية جاهزة، وتناسلت الروايات التي تنسب الفضل لنفسها حتى قبل أن يتخد المجلس البلدي قراره في تعبير صارخ عن الإنتهازية السياسية التي صارت سمة غالبة على المشهد السياسي والمدني بالمدينة. لكن حبال الكذب القصيرة ذابت حين اعلن خلال مناقشات المجلس في دورة فبراير أن قرار الإقتناء يهم 8 مناطق بالمدينة من بينها سيدي بلعباس والمجزر القديم التي تعاني نفس المشكل وليس فقط حي المناكيب. للأسف إن اللعبة التي يمارسها البعض تجاه كثير من مشكل المدينة، هي اشبه بالسمسرة التي يمارسها المحتالون على ضحاياهم من مجتازي مباريات التوظيف، إن حل المشكل فهم اصحاب الفضل وإن بقي على حاله فهناك "جهات" تعرقل. إن المشاكل الاجتماعية تحتاج إلى منطق التعاون والتكاتف كل من موقعه وليس إلى المزايدة الرخيصة والبحث عن المكاسب الشخصية من معاناة الغير.