طيلة أيام طفولتي وانا كلما هل شهر رمضان , أجلس كل ليلة أمام النافذةأنتظر المسحراتي*الطبال* وهو يدق على طبلته الصغيرة , يوقظ النيام في حينا . وجود المسحراتي في حياتي خلال شهر رمضان , كان يبعث في نفسي الرضى والقناعة , والأمل بقدوم الخير عاجلا. وكلما ازداد بي العمر , كلما تراجعت دقات طبلة المسحراتي ,وبذلك تتراجع الروح الطيبة في نفسي , نحو القسوة والجمود. أتذكر كيف كنا صغارا ونحن نحوم حوله ونعطيه بعضا من القمح والدراهمالمعدودة , وحيث أمهاتنا يصرخون في وجوهنا مخافة أن نذهب برفقة المسحراتيالى مكان بعيد عن منازلنا. ونظل نحن نحوم بكل لهفة وحب وبراءة حول المسحراتي. طفولة جميلة وبريئة , براءة ذاك الرجل الشيخ اللذي كان يرتدي جلبابا هرماويضرب على طبلة بقد كفيه , وهو يردد أغنيته الشهيرة : طاب طاب طابا عجنوا لمخمرة ..........., في محاولة منه بكل جدية ومسؤولية الى ايقاض النيام للسحوروالتوجه للمساجد للصلاة. مشاعر جميلة للأسف فقدها الآن أطفالنا , غابت عنهم ثقافة المسحراتي أو كماهو مشهور عندنا *الطبال* , طبعا ليس الاشكال فيهم , وانما الاشكال هو فيعدم تمسكنا نحن الكبار بهذه الثقافة الجميلة , اللتي ترسخ مبادئ التعاونوالتكافل الاجتماعي والبساطة والعفة . وبهذا حرم أطفالنا نشوة مرافقة المسحراتي في الدروب والأزقة والأحياء , فيمحاولة الى الألفة والمحبة ومنح النفس الكثير من الطمانينة والسكون. على أمل أن يعود صوت الطبال وطبلته يوما ما خلال هذا الشهر الكريم....