عندما أحسست بطفولتي وأدركت أني أعي الأشياء وما يدور حوالي من أحداث بحيث ميزت نفسي والآخرين، أدركت أني طفلا وأني أعيش في أسرة مكونة من أب وأم وإخوة وأخوات، أول ما سألت عنه أمي وأبي هو إسمي فهو الشيء المهم الذي علمني مفهوم الإختلاف، فأنا عندي إسم يختلف عن الأخرين وأنادى به منذ الصباح عند الإستيقاظ حتى المساء عند النوم، بواسطة إسمي تعرفت على عالمي والأخرون تعرفواعلي به، أجابتني أمي عن سؤالي المتكرر والملح حول موضوع إسمي فقالت: كنت حاملة بك في شهري التاسع وكنت آناذاك قد دهبت إلى زاوية مولاي عبدالسلام فلما وصلت هناك أحاط بي الأطفال من كل جانب فقالوا بصوت واحد وموحد وهم يهتفون فاطمة ولدت صبي سمته عبدالعلي يا لطيف يا لطيف، فسميت بفضل هذا الحدث اللطيف والفريد عبدالعلي. لكل واقعة سبب ولكل إسم مسمى سبب، إذن استطعت أن أعرف قيمة إسمي وأن أعتز به، كنت أغضب كثيرا عندما يحاول أحدهم أن يستهزء به فهو جزء مني وأنا جزء منه كلانا واحد، ففي صبانا كنا نلعب بأسمائنا كأنها لعبة نتمتع بها في لحظة من اللحظات، فمنهم من كان يحول حروف الإسم عن مواضعها وبعضهم كان يلعب بالحروف باستهزاء وسخرية، أتذكرجيدا حبنما كانت هذه الظاهرة منتشرة بين الأطفال، الأخطر هو أن يشطب على الإسم بأكمله وكأنه غير موجود سواء في الحالة المدنية أو في البطاقة الوطنية، فيأخذ الشخص مكان إسمه الحقيقي كنية جديدة، فعوض الإسم الذي ضحى عليه الأبوين لإعطائه لطفلهما نجد الإسم تحول بصنع عقولنا الصغيرة إلى كنية يمكن أن يحملها الفرد معه إلى القبر، فإذا ولدا الطفل سمينا أو أسودا أو أعرجا ينعت بهذه الصفات الخلقية الموجودة فيه وكأنه اختارها لنفسه، فالسمين ولو كان إسمه جميل فهو في عين الآخرين سمين وهلم جرى على الباقي. الطامة الكبرى هو من يأخذ إسم مهنة أبيه عوض مناداته باسمه الحقيقي، فإذا كان أبوه زبالا يصبح هو والأسرة الكريمة بأكملها تكنى باسم هذه المهنة وكأن صاعقة نزلت على رؤوسهم جميعا فتصبح أسمائهم كالتالي: ابن الزبال بدل سعيد، ابنة الزبال بدل حسناء وتمتد هذه الكنية إلى العائلة الكبيرة مثلا إلى أخت الزبال وخالة الزبال وعم الزبال وهكذا دواليك... كبرنا وكبر معنا إسمنا وقيمته، فمن الأفراد من رفعه عمله إلى الأعلى وبالتالي رفعت أسهم إسمه في السوق والبرصة، ومنهم من نزل إلى القعر ونزلت معه قيمة إسمه في التداول بين الناس، الشيء الوحيد الذي لا يمس أبدا هي عفة المرء وعزته بنفسه وباسمه مهما كانت الأحداث، فلو كان الأغيار لا يقدرون الشخص وبالتالي الإسم ففي عين الشخص نفسه وفي عين الله سبحانه وتعالى يبقى إسمه رمز للطهارة والنقاوة وبعيدا عن الشبهات. وإلى أن نعطي قيمة لأسماءنا مهما كنا صغارا أو كبارا يبقى للمستور بقية.