غادرنا إلى دار البقاء فجر الثلاثاء 24 ابريل 2012 الأديب والإعلامي المغربي المقتدر عبد الجبار السحيمي عن سن 74 سنة بعد معاناة طويلة مع المرض . ومعلوم لدى الجميع ولع المرحوم بعوالم الإبداع عامة ،وجنس القصة خاصة، إذ يعتبر علامة متميزة في سمائها حيث صدر له عن دار الخائجي بالقاهرة عمله مولاي 1965 ، كما اشتهر بمجموعته القصصية " الممكن من المستحيل " الصادرة بالرباط عن مطبعة الرسالة سنة 1965 والتي أزهرت طبعة ثانية بالدار البيضاء عن عيون المقالات سنة 1988. كما أصدر عملا مشتركا مع الأستاذ محمد العربي المساري وهو : " مجلة القصة والمسرح سنة 1964 . والى جانب الاشتغال على القصة كجنس إبداعي اشتغل الراحل على الكتابة الصحافية الإعلامية المتميزة برصانتها ،وقد ودعنا وهو مديرا لأقدم منبر إعلامي مغربي "العلم" الصادرة منذ 11 شتمبر46 19 ، وتميز الراحل بعموده الشهير (بخط اليد ) زمن المد الأوفقيري مما عرضه للمحاكمة ... وقد صدر (بخط اليد) ضمن سلسلة كتاب الشهر "شراع" " من طنجة . وعرف المرحوم بمواقفه لصالح الأمة العربية حيث كان أحد الثلاثة ( عبد الكريم غلاب – العربي المساري ) الذين أصدروا كتاب " معركتنا العربية ضد الاستعمار والصهيونية " وهو بذلك مدافعا عن الهوية،، كما كان أحد المتعصبين للدفاع عن اللغة العربية يقول عنه الأستاذ محمد بشكار المسؤول عن ملحق العلم الثقافي : " إن أمثال الأستاذ والمبدع القاص عبد الجبار السحيمي هم اللغة والذاكرة والإنسان أيضا ...أ جل عبد الجبار السحيمي هو اللغة التي لا ينحتها إلا بعد ترويض طويل لنمرة الصمت الشرسة " عبد الفتاح الحجمري يقول في مدخل موجز لإعادة قصة "الفاركونيت" الدائعة الصيت : هل نضيء النور ؟؟ كما يقول عن " الممكن من المستحيل ":... في سياق لحظات تطور السرد القصصي مطلع العقد الستيني، وهي اللحظات التي شهدت تبلور تصور للكتابة القصصية يتخطى منظور الخاطرة والكلام المرسل إلى تشكل نص قصصي يرادف الواقع ويحاكيه ، ويتناسب مع تلك الحقبة بما شهدته من تفاعلات سياسية واجتماعية، بما يعني أن تطور السرد القصصي اعتمد على " تجريب " أساليب جديدة من السرد، وتحديث أطر هدا النوع الأدبي بحسب اقتناع هذا الكاتب أوذاك وفهمه لجدوى الأدب ومسلماته الفكرية والإيديولوجية " ويقول عنه الأديب القاص محمد عز الدين التازي : "عبد الجبار السحيمي كاتب حداثي قبل الأوان وبعده" أما الباحث المبدع مبارك ربيع يقول : "عبد الجبار السحيمي قوة فكر ولطف معشر" وعن تعدد مواهب الراحل يورد الباحث الأديب نجيب العوفي:... " مبدع وفنان أنى نقل قلمه " أما الشاعر والباحث المغربي الشاب محمد العناز فقال :" قطعة بلور أخرى ترحل من مشهدنا الثقافي، تعازي الحارة إلى المثقفين المغاربة والعرب في فقدان الأديب والإعلامي عبد الجبار السحيمي الرجل الذي كرس حياته للإبداع القصصي وإسهاماته الإعلامية الرصينة من موقعه كرئيس تحرير لجريدة العلم لسنوات طويلة... رحل اليوم عنا بعد صراع مرير مع المرض عن سن تناهز 74 سنة. تغمد الله الفقيد بواسع رحمته، وتعازي الحارة إلى أسرته الصغيرة والكبيرة بالمغرب، وإنا لله وإنا إليه راجعون" ولقد قامت رابطة الإبداع الثقافي بالقصر الكبير بنعي الفقيد في كلمة مؤثرة جاء فيها : "بشكل مفاجئ تسقط ورقة أخرى من أوراق الأدب المغربي ..والأديب ترك بصمته الخاصة في المشهد الثقافي المغربي من خلال كتاباته المتعددة ومن خلال حضوره الإعلامي الوازن عبر منبر جريدة العلم الغراء فضلا عن صوته القصصي الرفيع ...كما نتقدم بتعازينا القلبية إلى أسرته وعائلته وإخوته في حزب الاستقلال لقد فقد المغرب اليوم مواطنا صالحا وكاتبا رفيعا .." تأبى خيوط النور إلا أن تتبدد، لكن شحنة التفرد بمقدورها أن تتجدد ....رحمة الله على روح طاهرة قنوعة حري بنا أن نقتفي أثرها ....