كلام في الحجر الصحي يوميات يعدها الاستاذ محمد أكرم الغرباوي لاستقراء آراء فاعلين جمعيويين ، مثقفين ، رياضيين ، شراح مختلفة …ترصد تجربة الحجر . الحلقة 11 مع الدكتور عبد السلام دخان: الحجر الصحي وفن العيش *** على نحو غير مألوف يتشكل فن العيش وفق سنن الحجر الصحي، فيختفي شرط الحرية، ومعهود حقوق الإنسان لصالح إرادة البقاء، وإرادة حفظ الحياة. وزيادة منسوب التواصل كممارسة الاجتماعية، والتفاهم الأسري المشترك، لتحقيق نشاط تواصلي لفاعلية الذات في أنساقها الاجتماعية والأخلاقية. لقد فشلت طرائق بناء الحياة وفق أنموذج رأسمالي متوحش، وتكنولوجي يلغي الذات الإنسانية، ويجعلها مجرد سلعة لا أكثر. ووجب – بموجب هذا الفشل- الإنصات لصوت الحكمة، واستثمار كل الإمكانيات من أجل مجتمع تسوده العدالة والكرامة والمساواة القيم الإنسانية والروحية. الإفراط في النزعة الذاتية يكاد ينحصر في حالات محدودة لصالح نزعة شمولية، تتخذ من صوت الإنسانية- في أديم الأرض- هدفها المنشود. وفي الآن نفسه وأمام حالة التطابق والتشابه في أنماط العيش لدى سكان المعمور بفعل الحجر الصحي، نمتلك قدرا من الحرية لاستشراف المستقبل، وفي الآن نفسه معاودة الصلة بأثر الأسلاف في ضوء ما يهدد اليوم أنساق الحياة. ربما رغبة في محو سمة الاغتراب وتأكيد طابع الهوية وعمقها التاريخي. هذه الصلة تأكد مرة أخرى أن الهوية في بعدها الحضاري والإنساني مكون ينبغي إعادة التفكير فيه وفهمه على نحو جديد، وتحديد سياقاته وأهدافه، ومنها ضرورة تجديد الوعي الاجتماعي والتحلي بقيم التضامن والتكافل الاجتماعي، وهو أمر يجعل الخطاب السياسي( البرغماتي) يتراجع لصالح إرادة إنسانية نبيلة تجعل من التفكير في الغير أساسا جوهريا لممارستها الميدانية. وملء الحياة بهذا القدر من النبل يتطلب فرسانا وعزيمة تستثمر الطاقات الخلاقة من أجل الآخرين، ومن أجل المدينة والوطن. وما يجسده فرسان النبل وفق هذه السنن ( تجربة القصر الكبير أنموذجا) ليس فقط ترسيخا لقيم إنسانية نبيلة، بل بناء لواقع جديد يتشكل الآن ليؤسس الغد المختلف حتما عن معهود الحياة.