يقع حوض اللوكوس في الشمال الغربي من البلاد داخل جهة طنجةتطوانالحسيمة، يحد شمالا بحوض طنجة، وجنوبا بسهل الغرب، وشرقا بتلال مقدمة الريف وغربا بالساحل الأطلنتي، ويحتضن تراب حوض اللوكوس عدة مراكز قروية تضم 65% من سكان المنطقة، أما الحضرية تضم 35% وتقتصر فقط على مركزي العرائش والقصرالكبير. كارثة حقيقية، يعيشها حوض اللوكوس، فتتضافر عدة عوامل في خلخلة المجال بمنطقة اللوكوس ككل، ولعل أهمها تلك المرتبطة بالتلوث من أصل منزلي أو التلوث الصناعي، بالإضافة إلى التلوث الفلاحي، وكلما ارتفعت أصوات السكان تستغيث من خطر التلوث، وينتظرون تدخل الدولة، تقرر هذه الأخيرة إضافة ملوث جديد أخطر من السابق. وتعتبر منطقة اللوكوس، وكرا لمجموعة من الأنشطة الاقتصادية والبشرية، التي تساعد على تدهور الوضعية البيئية بالمنطقة. فالحمولة البشرية التي تعرفها هذه الأخيرة تساعد بدون شك في إنتاج أكوام من النفايات، وفي ظل غياب محطات معالجة، تكون الطبيعة هي المستقر الأول والأخير لهذه النفايات، لاسيما وأن المنطقة تعاني بشكل حاد من مشكل الصرف الصحي، هذا من جهة علاوة على ذلك، نجد بأن المنطقة تعرف استقرار عدة وحدات صناعية، تفتقد لمحطات معالجة المياه المستعملة، وبالتالي الإلقاء بها في فوق سطح الأرض مباشرة، أو في حفر في جوف الأرض، هذا بالإضافة إلى أن المنطقة فلاحية بامتياز، وتعرف استعمال مفرط للأسمدة والمبيدات والإلقاء بنفايات من أصل فلاحي مباشرة في الطبيعة، وقرب الأودية كالبلاستيك المنتهي صلاحيته بعد جني المنتوجات الفلاحية خاصة الفرولة والبطيخ بنوعيه، مما قد أثر بشكل كبير على البيئة الطبيعة بالمجال. كما يعتبر حوض اللوكوس مستقرا للمنطقة الصناعية بالهيايضة، التي تضم عدة وحدات للصناعة الغذائية ومعمل لصناعة الأحذية بالإضافة إلى معمل غاز البوتان، وما لهذه الوحدات الصناعية من تأثير على المياه الباطنية على الخصوص، علما أن هذه الوحدات تقوم بتصريف المياه المستعملة في باطن الأرض. إن ساكنة منطقة اللوكوس تعيش وضعا بيئيا لا تحسد عليه، نتيجة تصريف المياه المستعملة في الطبيعة مباشرة، أو في حفر صحية ناهيك عن المطرح العمومي للأزبال الموجود بالصنادلة وجماعة العوامرة، الذي ينتج عنهما تسريب المواد السامة في باطن الأرض. لقد أنسى هذا التلوث ساكنة الإقليم مسلسل الإقصاء، والتهميش والعقاب الجماعي، وتعرضها لعملية استنزاف منظمة، بسياسة الإهمال طيلة عقود من الزمن، ومن تغييبها من مخططات الحكومة التنموية والاستراتيجية، وبرامج وكالة تنمية أقاليم الشمال، وتحويل المنطقة بقرارات سياسية مركزية، وتدبير ترابي غارق في مستنقع الفساد للمجالس لجماعية المتعاقبة، من حاضرة لحوض اللوكوس، إلى كارثة حقيقية على الحوض، مما خلق أوضاعا مزرية انعكست أضرارها الاقتصادية والبيئية والصحية والاجتماعية على ساكنة الإقليم، الشيء الذي سيصبح معه هذا النزيف البيئي الخطير مستقبلا الشغل الشاغل لكل المواطنات والمواطنين. ومنذ سنوات خلت انطلقت عملية الاستصلاح المندمج الفلاحي بالمنطقة، وكانت ساكنة الاقليم قد استبشرت خيرا بإطلاق هذا المشروع الوطني، وعقدت كل آمالها على الاستفادة من بعض عائدات ثرواته، لتحقيق إقلاع تنموي، لكن آمالها خابت ولم تحصد من هذا المشروع إلى التلوث والعطالة، مما أدى إلى تدهور خطير في الأوضاع البيئية والصحية والاقتصادية والاجتماعية على حد سواء، انعكست أضرارها على حياة الإنسان والحيوان والنبات. ومن اجل فهم المشاكل البيئية المرتبطة بالاستصلاحات الهيدروفيلاحية والأنشطة المرتبطة بها منذ سبعينات القرن الماضي وصولا إلى مخطط المغرب الأخضر (2008-2020)، يمكن تلخيص أهم الإكرهات التي تعاني منها منطقة اللوكوس في: – تلوث جودة المياه السطحية بمقدمة سد المنع (ارتفاع نسبة الفوسفاط والأزوت، تقلص نسبة الأكسجين المحلول) وذلك نتيجة الحمولة الهامة الأملاح المغذية الناجمة عن النفايات والمياه العادمة المنزلية والصناعية. – تدهور جودة المياه الجوفية بواسطة النترات على مستوى فرشة الرمل مؤشرا واضحا على الاستعمال المفرط غير العقلاني للأسمدة الأزوتية والمبيدات. – ضعف انخراط الفلاحين الكبار في عقلنة استعمال المخصبات الأزوتية، على الرغم من المجهودات المبذولة من طرف المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي باللوكوس في إطار الإرشاد الفلاحي مما أدى إلى تعميق مشكل النترات بالمياة الجوفية. هذا بالإضافة إلى مرور خط القطار الفائق السرعة الذي كان ضرره أكثر من نفعه على المنطقة ككل وجماعة العوامرة على وجه الخصوص حيث يقطع تراب هذه الأخيرة بشكل طولي، أي من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي على مسافة تتجاوز 20 كلم، وقد خلف مروره هذا بعض التأثيرات السلبية يمكن إجمالها في حدوث إرباك مثير للمشهد الطبيعي بالجماعة وما له من تأثير على مستوى المواصلات، بين الدواوير فيما بينها وبين هذه الدواوير والمركز الحضرية للإقليم ثم أيضا تشويه الصورة الجميلة التي ترسمها المشاهد الفلاحية بتراب الجماعة. إذن يمكن القول أن التأتيرات البيئية التي خلفتها تدخلات العمومية في المنطقة، و على مستوى القطاع الفلاحي على وجه الخصوص كانت وخيمة جدا وذلك جراء التدبير غير المعقلن لاستعمال الأسمدة والمبيدات وغياب دور الإرشاد الفلاحي المتعلق بترشيد استغلال التربة والماء، ينضاف إلى ذلك مشكل استغلال المقالع والأضرار البيئية الناجمة عنه أبرزها التأتير على الشبكة الطرقية وتشويه المشهد العام لجزء من الشاطئ الموجود من الناحية الغربية لجماعة العوامرة ثم أيضا الضجيج الذي يقلق راحة الساكنة المجاورة للمقلع خاصة بدوار أولاد اصخار دون أن ننسى الغبار المتطاير الذي يلحق بالمنتجات الفلاحية جراء مرور الشاحنات المحملة بالرمال بالقرب من الاستغلاليات الفلاحية، على الرغم من بعض تأثيرات المقلع الإيجابية في ما يتعلق بتوفير فرص الشغل بالمنطقة. إن هذا النزيف البيئي والعطب الذي أصاب البيئة الطبيعية بمنطقة اللوكوس نتيجة مخلفات الوحدات الصناعية يعود من جهة إلى رغبة المخطط المغرب الأخضر عبر دعم الفلاح الكبير في مضاعفة الإنتاج باستعمال المخصبات العصرية بشكل غير مسؤول، ومن جهة أخرى غياب دور الرقابة من الجهات المسؤولة على حماية البيئة، والالتفاتة المتأخرة لحماية البيئة في الوثائق الرسمية المهتمة بذلك، وهو ما يستدعي وقفة حقيقية لتحديد المسؤوليات، والوقوف على حجم الكارثة المحدقة، وهو ما يقتضي معالجة ما يمكن معالجته، وجبر الضرر الذي أصاب الإقليم.