وقف الشرطي بجوار السيارة المهشمة الأطراف معدوم الحيلة حين عبر عن قلتها بهدوء : البلى المسلط يا لطيف… ولد المعاق بحي هامشي من المدينة بإعاقة حركية و حسية انضافت إليها توابل من أعطاب نفسية و انحراف مبكر ، عوامل كثيرة جعلت من صاحبنا مصيبة تتجول على عجلات ، لم يكن كرسيه المتحرك عائقا أمام سير حياته المريضة ، فكما ورث الإعاقة منذ الصغر ورث معها شغبا و صبا صاخبا , اليوم يمضيه بين الأزقة يمتهن التسول حينا و مسافرا بين أرجاء المغرب أحيانا أخرى ، لم تكن الإعاقة إلا جواز مرور لكل مأساة كان يرتكبها ، من الشجار إلى التسول مرورا حتى بالتحرش و الإدمان … ومن أمن العقاب أساء الأدب . شوهد ذات مرة على إذاعة إسبانية على برنامج خلال التصوير على الكاميرا بمدينة سبتة يلوح بيده باعثا تحايا من المدينة السليبة إلى كل أحبائه بجمل ترتيبها كان أشبه بفك رموز الكتابة المسمارية . لم يترك مدينة إلا و زارها بسفينته ذات العجلات الثلاث حتى لقب بابن بطوطة الزحاف . كل يوم على متن القطار يصول بين عرباته في سفره الإستجمام حتى اضطر معه الضابط المسؤول عن أمن القطار أن يحتجزه بإحدى العربات للمرة السابعة قائلا : والله يا مك حتى غتمشي معانا المراكش … نفي قسرا إلى مدينة مراكش عسى يضطره بعد الحال على مراجعة نفسه و الكف عن شغبه ، ليفاجأ الضابط به عائدا في اليوم التالي حين نزل من القطار بمحطة المدينة . كان الصيف قد حل و حلت معه أمواج من المهاجرين بشكل كبير و حينها السوق مزدحم أمام المعاق ليباشر تجارته في اعتراض السيارات و التسول بشكل عنيف مزعج ، حينها كانت سيارة نزل صاحبها زبونا عند النخشى تاركا سيارته و بباب مفتوحة و المفاتيح بها . انطلقت السيارة بين شوارع المدينة تهتز كأن بها جان و بسرعة مجنونة ، تتطوح ذات اليمين و الشمال أمام هول المارة و ركضهم إلى الرصيف لتجنيب أنفسهم صدمة سائق مخمور أو هكذا بدى الأمر . السلامة السلامة … قصدت مقهى الداخلة بسرعة جنونية باتجاه الباحة ، انفض الزوار نحو وجهة آمنة ، لتستدير بعنف نحو الشجرة القريبة مع بقاء الكلاكسون مشغل بعد أن ارتطم السائق به طويلا . حضرت الشرطة لعين المكان بدورية كانت قريبة حين تبين أن السيارة أجنبية و الصيد ثمين ، لكن الصدمة كانت كبير حين خرج المعاق منها يجثو على أربع إذ لم يصب بمكروه فقط هي ابتسامته من كانت تنبؤهم بأن الحادثة لا تستحق أن تروى في محضر شرطة .