سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ترجمة :امحمد أخريف _ محمد العربي العسري: مجلة إسبانية تنشر مقالا حول كتاب “يهود القصر الكبير” تحت عنوان: مدينة القصر الكبير جوهرة التعايش البشري طالها النسيان1
ترجمة :محمد أخريف _ محمد العربي العسري: مدينة تنتصب مثل بوتقة تعايشت فيها الثقافات الثلاث: المسلمة، واليهودية، والمسيحية. ظاهرة السياحة الجماعية: لقد أصبحت هذه الظاهرة إحدى علامات عصرنا تساهم في الترويج للتنمية، والتطور في البلدان والمناطق والمدن التي تجذب ملايين المسافرين كل عام في كل ركن من أركان الكوكب. بيد ان لها أيضًا وجها سيئا، يتمثل في تهميش وعزلة ونسيان أماكن أشرقت فيها مظاهر حضارية وثقافية، وكان لها تأثير في التاريخ عبر العصور، لتظل مثل هذه الأماكن خارج دائرة التأثير كما حدث مع القرى المهجورة، التي تعرضت لهجرات جماعية من البوادي. هذا هو حال مدينة القصر الكبير المغربية، التي دخلت التاريخ لسببين رئيسيين هما: كونها كانت المكان الذي وقعت فيه معركة الملوك الثلاثة، المعركة التي مثلت منعطفًا في مستقبل الإمبراطورية البرتغالية بموت الملك الشاب سيباستيان (دوم سيباستياو)، الذي كان قد هدد بتحويل جميع اليهود بالقوة إلى العقيدة المسيحية إذا نجح في غزوه القلعة الإسلامية، وهكذا، ونتيجة لهذه المعركةأمكن لليهود عبر القرون الاندماج النهائي في ذلك المجتمع الذي كان عبارة عن بوتقة للتعايش انصهرت فيه ثلاث ثقافات مهيمنة في ذلك الوقت: المسلمة، واليهودية، والمسيحية. وإذا كانت بعض المدن الساحلية في شمال المغرب، مثل طنجة، وأصيلة، والعرائش، ومولاي بوسلهام، وحتى تطوان، والقنيطرة إلى حد ما قد عرفت من مظاهر الرخاء والتنمية ووجهة لمئات الآلاف من المسافرين كل سنة، واستثمارات أجنبية ونمو اقتصادي، بيد أن دور القصر تأخر اندماحه في الإصلاحات المتعلقة بسهل الغرب الغني، التي عرفها أيام التوسعات الاستعمارية الفرنسية في الجنوب، والإسبانية في الشمال، رغم أن جزءا منه يسقي من نهر لوكوس. كان القصر الكبير، “القصر” بالنسبة للسكان المحليين، مثالاً للتسامح والتعايش المثمر بين العائلات ذات الثقافات والأديان والعادات المختلفة؛ وما زالت المعالم والمظاهر التي كانت تعيش فيها هذه الأسر باقية تتمثل في المقاهي، والمدارس، والمساجد، والكنائس، والبيع، والمقابر، شواهد تدل على الماضي المشترك والتعايش المثمر والبارز في الهندسة المعمارية الحضرية، مثل ضريح الحاخام يهودا بناسولي، والمسجد الأعظم ذي الأصل الموحدي، وكنيسة القلب المقدس، وضريح سيدي بوغالب راعي المدينة، وبيت هاهاجين أو المقبرة اليهودية. وفي بحر هذه السنة، نشرت جمعية البحث التاريخيي والاجتماعيي بالمدينة دراسة من تأليف الأكاديمين القصريين؛ محمد أخريف ومحمد العربي العسري، تحت بعنوان “يهود القصر: من جنة التعايش إلى جحيم الانفصال والكراهية”، ابرزا من خلاله أن المكون العبري كان “مكونًا قويًا في النسيج الاجتماعي للمدينة”، وأن أحد أسباب بقاء واستمرارية اليهودية في المغرب كامنة في “هويتها ورمزيتها الدينية” التي لم تصادر ولم تحارب. وهذا يتعارض مع الذين يدعون بأن يهود القصر كانوا يعيشون كإسبان وأنهم اندمجوا في مجتمع القصر حتى استقلال المغرب ومغادرة الإسبان للمدينة بعد نهاية الحماية. بينما البيانات الإحصائية تبرز أن الهجرات الرئيسية الأولى للمهاجرين العبريين كانت في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، جذبهتم دولة إسرائيل التي تم إنشاؤها حديثًا. وغادرت المجموعات الأخيرة المغرب في نهاية الوجود الإسباني. يهود القصر الكبير ترجع أصول المكون اليهودي في القصر إلى القرن الخامس عشر عندما استقر اليهود السفارديون البرتغاليون والأندلسيون على نطاق واسع في المدينة، وقد تركوا بصمات وشواهد في الملاح أو الحي اليهودي الذي عاشوا فيه في المدينة العتيقة، عملوا بجد في مهنهم التقليدية، مثل: صناعة القصدير ” الصدرية”، وصناعة البرادع، وصناعة الأحذية، وصناعة الفضة، ناهيك عن التجارة التي كانت مزدهرة في عهد الحماية. وأصبحت المدينة بفضل الراعي والمحسن الكبير عمرام كاستيل، والحاخامات يهودا بيناسولي، ورحميم ملول مكانًا لاستقرار المهجرين الباحثين عن أصولهم وروابطهم الاجتماعية، ومن الأسر العبرية التي تركت بصماتها في هذه المدينة نذكر؛ أسرة أزينكوت، وأسرة بناكون، وأسرة الباز، وأسرة بنيستي، وأسرة بناسولي، وأسرة مدينا، وأسرة كويهن، وأسرة الِغْرية، وأسرة بنرويا، وأسرة ملول، وأسرة بناحيم. وفي الوقت الحاضر، يستخدم العديد من اليهود القصرين شبكة التواصل الاجتماعي لتبادل الأخبار والأفكارفيما بينهم، وطرح تجاربهم، وصورهم، واحيانا أوصاف المدينة. ومنهم سامويلا Samuela بكتاباتها العديدة حول “الحماية الإسبانية” التي جعلتنا نعرف أن اسبانيا كانت “مختلفة تمامًا عن طنجةوتطوان وبالطبع عن شبه الجزيرة الأيبيرية، التي اختفت منها العائلات اليهودية التقليدية تمامًا قبل خمسة قرون تقريبا “. يقولون بحزن: “إنها إسبانيا القديمة”، ولكن مع إضافة الثقافة الإسلامية المسيطرة، حيث اندمج اليهود فيها منذ زمن طويل، وعاشوا مع شعوبها”. أجيال من المثقفين والسياسيين والشعراء ربما يكون هذا الماضي من التعايش هو الذي اوجد تلك المادة الحيوية التي شكلت النسيج الاجتماعي عبر العقود وسمحت بخلق العديد من الفنانين والكتاب والسياسيين ورجال العلم والدين والأكاديميين والموسيقيين والشعراء والرياضيين المشهوين، وآخرين…. . ومن هؤلاء على سبيل التمثيل لا الحصر، نذكر: البروفسور الدولي مصطفى العزوزي في ميدان جراحة الأعصاب، وعبد الحميد بنعزوز عالم الأعصاب الدولي في مرض الباركنسون. ومن السفراء بوغالب العطار في كوبا، ومحمود الرميقي في بيرو، ومن الشعراء والكتاب والروائيين؛ محمد الخمار الڴنوني، ووفاء العمراني، ومحمد صيباري، ومحمد سعيد الريحاني، ورشيد الجلولي، وبهاء الدين الطود، ومحمد العربي العسري، وأنس الفلالي. ومن الصحفيين الإخوان الكنوني في هسبريس، وإدريس التيكي. ومن الفنانين التشكيليين المختار غيلان، محمد ريس، شفيق الزكاري، قرمادي عبد الخالق. ومن الموسيقيين والملحنين، عبد السلام عامر، ومحمد الرايسي، وحميد القصري. ومن الرياضيين الحاصلين على ميداليات أولمبية الأمين الشنتوف وعادل الكوش. إضافة إلى شخصيات أخرى في عالم السياسة، مثل خالد السفياني المنسق العام للمؤتمر القومي العربي، وإدريس الضحاك الأمين العام للحكومة. لقد تركت ولادة ومعيشة العديد من الاسبان بالقصر بصمة في نفوسهم وفي الحياة العامة، وفي قطاع الأعمال، واالبحث الأكاديمي الاسباني، وتحقق ذلك في إنشاء جمعية أصدقاء القصر الكبيروتطوان سنة 2003، بعدها بسنوات قليلة تاسست جمعية أصدقاء القصر الكبير. وفي سنة 2015 تأسس نادي أصدقاء المغرب برئاسة أحد الإسبان القصريين وهو، Pedro Bofill Abeilhé، النائب السابق للحزب الإسباني العمالي الاشتراكي PSOE ومندوب الحكومة في كانتابريا. إضافة إلى أسماء أخرى قصرية إسبانية مثل الكاتبة سونسوليس فاسكويز Sonsoles Vázquez، والمؤرخ توماس راميرز أورتيز، والمحامي أنطونيو جيا باربيرا الذي اشتهر بأبحاثه التاريخية حول مدينة القصر. وتتويجا لهذه الجولة التاريخية الصغيرة التي تربط إسبانيا بالمغرب، يمكن أن نستنتج، أنه على الرغم من أن الموجة السياحية لم تؤت أكلها في الميادين التنموية، هناك اليوم بدائل أخرى مثل السياحة الثقافية والسياحة البيئية والأنشطة التاريخية والفنية والثقافية التي تجذب المزيد من الناس الحريصين على معرفة التاريخ والسكان وتقلبات الماضي المشترك. ………………………. 1- مقال نشر بمجلة أطليار بين الضفتين ” Atalayar entre dos orillas ” أي المراقب لما بين الضفتين، وهي مجلة شهرية جديدة تأسست بتاريخ 27/03/2013 بمدريد إسبانيا، بتعاون مع السفارة المغربية في إسبانيا ومعهد سرفانتس، وبعض المؤسسات الأخرى. ورغم أنها أسست حصريا لتعنى بأخبار قادة البحر الأبيض المتوسط، فإنها تولي اهتمامًا خاصًا لما يحدث في شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط، دون إغفال العالم العربي، والقارة الأفريقية. فهي مرجع مهم للمعلومات السياسية والاقتصادية، والثقافية والاجتماعية والرياضية، وللتحليلات المتعلقة بدول البحر المتوسط والعالم العربي والإفريقي بأسره. 2- كاتب مرموق، له عدة مقالات في الكثير من المجلات واصحف طالت أربعين سنة من أعماله الإخبارية والتحليلة، ومنه مقاله الأخير في ججلة أطلايا تحه مدينة القصر الكبير جوهرة التعايش البشري طالها النسيان على إثر إصدار كتاب حول يهود القصر الكبير للباثثين القصريين محمد أخريف ومحمد العربي العسري. 3- قمنا بترجمة المقال المنشور في هذه المجلىة الصادرة في مدريد في شهر غشت من سنة 2019، ولم نتدخل إلا في تصحيح الإشكال الذي وقع فيه صاحب المقال المتعلق بغدراج بصورة ضريح سيدي بالعباس بمراكش، بدل صورة ضريح سيدي بالعباس بالقصر الكبير التي أثبتناها في الترجمة.