كعادة كل جمعة، مقهى “الڭاعة” غاصة بالجالسين، الغارقين في أحاديث موحدة؛ الغول ملئ الدنيا و شغل الناس؛ بعدما خرج أول أمس من السجن، يستأنف نشاطاته باغتصاب طفل قاصر على ضفاف نهر اللكوس المحادي للمدينة. السعيد العامل بمصنع الشمندر السكري يدافع بقوة عن القاصر الضحية مدينا كل الإدانة الغول الذي كلما سمع مصطفى -جليس السعيد- اسم الغول انقبض قلبه و زاد قلقه و ضاق به صدره، يحاول التخفيف عن كربه بمجابهة السعيد أن أبوي الطفل لهما نصيب من المسؤولية و أن الكل يستشعر خطورة هذا الزمن في ظل الإهمال المخزني و توابع الإنقلاب الأخير، و انعكاسه على محيط القصر الكبير الإجتماعي الهش. تداخلت الأطراف في الحديث من كل حدب و صوب و تعالت حدة الأصوات و تشابكت الأراء من بين مدافع مسالم و محتج ثائر، لينتصب الغول بجسده الفارع حافي القدمين، يلبس قميصا مخططا بألوان باهتة و سروالا يكاد ينفجر من شدة ضيقه، بشعر أشعت و بصوت اد يقارب صهيل خيول “ماطا” يطالب بمقعد للجلوس. تسمر الجميع و انقطع سيل الكلام ليتسابق الجميع لإخلاء المقاعد للغول. قفز الروبيو” نادل المقهى مرحبا بالزائر الجديد، استقر هذا الأخير مكان مصطفى الذي سرعان ما انصرف مبررا انسحابه بشغل وجب قضائه، جلس السعيد إلى جانب الغول، تلاقت الأنظار مجترة مغامرات الماضي ،الكل يذكر شجارات الغول و “بّا السوسي” أب السعيد، لا يزال آثر الحقد يوقض دواخل حمان، بطش الغول لا حول و لا قوة لمجابهته. نظرا الإثنان مطولا لبعض، فبزق الغول في وجه الابن الحاقد، المتطلع للثأر و أتبعه و لطمة موجعة، هكذا دون سبب، هذه الصفعة كانت كفيلة بأن توقض غيض و حقد السنين الخوالي و ما كان يعانيه و هو معوز عن الرد، زادت قهقهات رواد المقهى الطين بلة، نهض السعيد منصرفا ليقفل راكضا نحو مطبخ المقهى، جالبا سكينة كبيرة، غرسها في ظهر الغول و أتوج المشهد بصراخ كان كافيا لأن يتسمر الجميع معاينين الغول يسقط أرضا و يترنح ثم يصوم عن الحركة. مات الغول ! قتلت الغول ! يصيح السعيد راكضا نحو ضريح “مولاي علي بوغالب ” ليحتمي بأسواره من المخزن، لكن الأمر خطير لأن يشفع مولا علي بوغالب للسعيد، قدم رجال المخزن للضريح و أخرجوا الجاني و ساقوه مشيا على الأقدام إلى المخفر بحارة السويقة.