معركة الأساتذة المتعاقدين هي معركة كل أطياف المجتمع المغربي. قد يكون الشعار المؤطر للمعركة في الظاهر هو الترسيم، وقد يبدو للبعض أن المطلب هو فئوي. وقد نتفق من حيث المعطيات التاريخية أن الحركات الفئوية كانت دائما سوداء ونقطة ضعف في مسار الحركة الاحتجاجية ويتم استغلالها من طرف المخزن في إضعاف الزخم النضالي وكبح جماحه “المعطلين وحركة 20 فبراير نموذجا”… لكن إذا دققنا النظر وأعدنا قراءة المشهد وفق نفس المعطيات التاريخية دون انتقائية، سنعلم أن معظم الانتفاضات التي تركت بصمة لامعة في التاريخ السياسي المغربي كان محركها الأول قطاع التعليم “انتفاضات 1965، و1984، و1991…”. انتفاضات خلفت الآلاف من الشهداء والمعتقلين. اليوم نعلم جميعنا أن الحرب الأولى التي يخوضها النظام هي حرب ضد التعليم، وهي حرب بالوكالة ! فالنظام لن يدخر أي جهد في هدم ما تبقى من صرح المنظومة التعليمية في إطار حرب سياسية قذرة هدفها تكليخ ما يمكن تكليخه في أفق تكليخ شباب المغرب بالكامل، أو كما قال الفقيد محمد جسوس “إنهم يريدون خلق جيل من الضباع”، حتى يضمن النظام استمراره. والمحصلة أن استمرار الدكتاتوريات رهين بجهل وتخلف الشعوب. وهي حرب اقتصادية بالوكالة هدفها الأول ضرب مجانية التعليم وفق توصيات وأوامر مؤسسات الفساد المالي العالمي “صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية”. هي إذن معركة الجميع… معركة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، في الدفاع عن الجامعة المغربية وعن مجانية التعليم كمبادئ مؤسسة ومؤطرة للمنظمة وأساسها المادي. وفي النهاية فإن مصير الآلاف من الطلبة اليوم هو المجهول بعينه، فدور الجامعة أصبح تفريخ جيوش العاطلين، وفي أحسن الأحوال يد عاملة رخيصة في مصانع العبودية أو عقود عمل تحيلنا على زمن الاقطاع كما هو حال الأساتذة المتعاقدين. معركة النقابات، ويا للأسف ! كيف نتصور نقابة قوية قادرة على الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للطبقة العاملة في غياب قوتها المادية المتمثلة في قواعدها المناضلة، كيف يمكننا الحديث عن النقابة اليوم وحرية العمل النقابي تجهض على مرأى ومسمع من الجميع. إن الهدف من التعاقد اليوم إلى جانب العامل “الماكرو-اقتصادي” هو ضرب العمل النقابي واجتثاته… معركة الأحزاب الديمقراطية كيف نطمح اليوم إلى مشروع مجتمعي بديل بدون طليعة شبابية واعية ومنظمة وقادرة على فهم المشروع واستيعابه والدفاع عنه ومستعدة للتضحية في سبيل تحقيقه على أرض الواقع. كيف وواقع السياسة التعليمية قائم على انتاج وإعادة إنتاج التخلف. معركة الأسرة المغربية والأسرة التعليمية، وهذا لا يحتاج إلى تحليل أو توضيح فنحن نتحدث عن مستقبل أبنائنا.