احتضنت قاعة الندوات بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط يوم الخميس 21 فبراير الجاري ابتداء من الساعة الثالثة زوالا ، ندوة علمية في موضوع : “التاريخ في خدمة التنمية : القصر الكبير نموذجا “، في إطار الحلقة الثالثة من اللقاءات الشهرية لمناهل التاريخ التي تنظمها الجمعية المغربية للبحث التاريخي بشراكة مع المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط و بدعم من وزارة الثقافة و الاتصال. وأمام نخبة من المفكرين والباحثين في شتى أنواع المعرفة افتتح الندوة الأستاذ عثمان المنصوري رئيس الجمعية المغربية للبحث التاريخي واضعا الحاضرين في السياق العام للندوة إثر علاقة وطيدة جمعت جمعيته مع مدينة القصر الكبير وجمعياتها المدنية الفاعلة ، حيث زارها على مستويات : عقد الندوات، رحلات علمية، إعداد أشرطة وثائقية، دعم الدبلوماسية الثقافيةالموازية بين القصر الكبير ولاغوس البرتغالية. وفي تحديده لمواصفات خطة العمل لدعم التنمية المحلية اقترح الدكتور المنصوري تسطير برامج قصيرة، ومتوسطة ، وطويلة المدى ، تأخد في الاعتبار قدر الإمكانات المتوفرة ، ومدى القدرة على التحمل لمواصلة تنفيذ البرامج، في إطار شراكات خارجية. كما اقترح توحيد الجهود بالتركيز على محور معين حتى يتحقق دور التاريخ في التنمية المحلية، وألا تبقى الجهود مشتتة. الاستاذ رشيد الجلولى رئيس فرع الجامعة للجميع للتعلم مدى الحياة أطر مداخلته بعنوان ” إسهامات الجامعة للجميع في بلورة استراتيجية توظف التاريخ لخدمة التنمية ” بحيث أشار لأهمية المكون الثقافي لتحقيق التنمية، ودعا أبناء المدينة كل من موقعه للمساهمة في ذلك بتسطير برامج تهتم بالتاريخ المادي واللامادي خاصة بعد الاهمال والتخريب الذي طال مجموعة من المعالم. وأشار الاستاذ الجلولى لكون السنوات الأخيرة خلخلت مجموعة من المفاهيم عبر اتخاذ مبادرات لصالح التاريخ المشترك المغربي البرتغالي، الإسباني ، اعتمادا على توجه يستند على : الديمقراطية ، الإرادة الإنسانية ، المعرفة ..ساردا بعض الأسماء التي عملت على إنجاح هذه الرؤية، السادة : عثمان المنصوري ، محمد أخريف ، انس الفيلالي ، محمد سعيد المرتجي ، حسن ساعف ، عبد الباري المريني …دون إغفال ذكر الدعم المقدم من طرف رئاسة المجلس البلدي لمدينة القصر الكبير. وفي تحليله للبعد السياسي الحاضن لخطة عمل المجتمع المدني المهتم بتاريخ المدينة وثراتها تحدث الاستاذ الجلولى عن الامكانيات الكبيرة التي سمح بها دستور 2011, وبالصلاحيات الممنوحة للجماعات ، بحيث سمح كل ذلك ببلورة مقترحات لصالح التراث المحلي … وتابع الاستاذ الجلولى عرضه بتدخل النسيج الجمعوي من أجل استثمار التاريخ لصالح التنمية عبر جمعيات : الجمعية المغربية للبحث التاريخي ، جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير ، جمعية مدينتي ،مؤسسة القصر الكبير للتنمية، جمعية التوثيق السمعي البصري. ومن نتائج هذا الحراك الجمعوي : ثلاث مهرجانات دولية بمناسبة معركة القصر الكبير، بمشاركة اسبان وبرتغاليين..الانفتاح على الثقافات المحلية, الانخراط في الدبلوماسية الموازية( تبادل الزيارات بين لاغوس البرتغالية وبالقصر الكبير) ، الانضمام الى الشبكة الدولية سبع شموش سبعة أقمار ، تبادل الأفكار في أفق مشاركة رجال الاعمال والفاعلين الاقتصاديين، النهوض بالسياحة، تشوير المعالم التاريخية وتحديدها…. شارك الأستاذ عبد الباري المريني بعد ذلك بموضوع مآثر وتراث المدينة العتيقة للقصر الكبير من خلال التوثيق السمعي البصري، بحيث أبرز عبر صور موثقة تقسيم مدينة القصر الكبير بين باب الواد والشريعة ، وإشارته لأهم المعالم بهما من مساجد وزوايا واسوار وابراج ، وأبواب ، واماكن ممارسة بعض الحرف كالدباغة والدرازة. وتحدث الاستاذ عبد الباري المريني رئيس جمعية التوثيق السمعي البصري عن البعض من عجائب المعمار بالمدينة كالصابات ، والصومعة السداسية ، وصومعة البنات ، ومدفن سبعة رجال ، مع الختم بضرورة تثمين كل ذلك ودعوته الحاضرين لمتابعة نموذج توثيقي في إطار سلسلة تعدها جمعيته. تدخل بعد ذلك الأستاذ المهدي المجول نائب رئيس جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير مستعرضا مسيرة الجمعية منذ التأسيس في ماي 1988, ودواعيه ، واهداف الجمعية من قبيل محاولة كتابة تاريخ المدينة ، تخليد الأحداث التاريخية، ابراز التقاليد والعادات المحلية ، فهرسة الدراسات التاريخية ذات الارتباط، اعداد دراسات…دعم المكتبة المحلية والوطنية بالانتاج المحلي . الأستاذ المهدي المجول عدد البعض من أنشطة الجمعية محليا ووطنيا ودوليا ، كما سرد لائحة لمنشورات الجمعية من الكتب والتي بلغ عددها 38 كتابا تمحورت حول التعريف بالمدينة وأعلامها ، و0نتاجاتهم في مختلف فروع المعرفة، بإمكانات جد ضئيلة، ودعم من مجلس المدينة، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وجهة طنجةتطوانالحسيمة …الى جانب دعم ذاتي للغيورين من أبنائها. كل هذا رسخ اسم الجمعية مما جعلها تحظى بثقة المشاركة في ملتقيات وطنية ودولية ومنحها شواهد التقدير من منظمات دولية كاليونيسكو وغيرها… باقي المداخلات تمحورت حول قراءة في مؤلف قراءة في كتاب يهود القصر الكبير لمؤلفيه محمد العربي العسري ، ومحمد أخريف من طرف الاستاذ عمر المغيبشي ومن خلالها توقف عند أهمية المنجز مقارنة بما كتب حول اليهود بعدة مدن إذ لم يتعد شذرات هنا وهناك، نظرا لقلة المصادر وضآلتها . الاستاذ عمر المغيبشي قدم قراءة عامة في الكتاب الذي تضمن حوالي مائة وثيقة اعتبرها نفيسة ، وتطرق للجوانب الواردة في المنجز حول الحياة الاجتماعية ، والدينية ، والاقتصادية ، والتعليمية ، والثقافية …ومدى التعايش الذي عاش في ظله اليهود في المدينة والذي كان من نتائجه تقاسم العادات …. آخر مداخله في هذا العرس العلمي كانت للأستاذ بوجمعة رويان: قراءة في كتاب المجتمع القصري خلال النصف الأول من القرن العشرين للمرحوم الاستاذ محمد بنخليفة بحيث اعتبره كتابا يعتمد على الذاكرة ، يتميز بغزارة المادة التاريخية ، في أسلوب عربي مثين عرض لمظاهر الحياة بمدينة القصر الكبير وعادات سكانها…. المداخلات التي اعقبت الندوة تميزت بإضاءات هامة مست جوانب هامة حول نشأة التعليم الحر بالمدينة وغيرها……وضرورة التفاعل مع كل المبادرات الإيجابية