لا يمكن لنا ونحن نحلل وضعية أحزابنا السياسية الوطنية، أن نتجاوز ملاحظة أساسية في بنيتها أو بنائها، وهي أنها تنطيمات مغلقة ولو ادعت غير ذلك..، لا يسقط صحة هذه الملاحظة زيف تنوع الأسر السياسية التي تملك القيادة وتناوبها، إذ المقصود هو ذلك الانغلاق في وجه منابع وقاعدة التنظيم..! في أزمنة الاكتساح السياسي لبعض التيارات السياسية، تضطر هذه التنظيمات لطرح شعارات الانفتاح، طبعا تحت ضغط الضرورات الانتخابية التي تفرض تغطية الدوائر الانتخابية، لكن هذا الانفتاح توضع له شروط مستقبلية تحول دون ريادة الوافدين الجدد على مستويات مركزيات هذه التنظيمات، وأشد ما يكون ذلك في التنظيمات الراديكالية… لا يمكن تصنيف هذه الظاهرة السياسية إلا في خانة الدكتاتوريات الحزبية، بعضها يتناقض حتى مع أدبيات ومذهبيات هذه التنظيمات بعينها، و شكل عنصر الضعف لديها، ولم يجانب الصواب من يصف بعض هذه التنظيمات الحزبية بالدكاكين الانتخابية، مادام أن له ملاكا أبديين لا يورثونها إلا للعشيرة السياسية المغلقة على نفسها، مع التسربات الاستثنائية المشروطة بالانسجام التام مع العشيرة..، وإلا فمصير هذه التسربات الزوال والانشقاق المميت..! إن تحليل هذه الظاهرة لا يمكن تمييزه عن الثقافة السياسية السائدة، هذه الثقافة التي لم يتم تطويرها في اتجاه الاقتداء بالتجارب الديمقراطية العالمية، أؤكد على أهمية هذا الاقتداء لأن التجربة في حد ذاتها لا سند لها في تاريخنا العميق. فإذن فإما أخذ العبر من التجارب الرائدة، أو كان علينا الاستمرار في النظام العشائري القديم، الذي كان فيه التنافس القبلي العرقي والمذهبي هو السائد، بدل هذه الأحزاب والتيارات المغلقة التي لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.. موضوع رسالتي له سند في تجربتي السياسية، خضته داخل تنظيم وخارج كل هذه التنظيمات، إذ يظل التخوف على مكاسب العشيرة السياسية هو السائد، ولو ظللت تؤكد بممارساتك أن لا ناقة لك بالريادة والرياسة، وهذا إما ينالك منه الأذى والنكاية والمكر من العشيرة، أو التخوين والتدليس من غيرهم..! (يتبع)