قال إن بصقة في ساعة غضب ضيعت عليه حلم الانضمام إلى برشلونة قال محسن ياجور، مهاجم المغرب التطواني، إن فريقه الأم الرجاء الرياضي، مهد له الطريق ل»الحريك»، حينما ضم اسمه إلى البعثة التي شاركت في دوري دولي بسويسرا سنة 2007. وكشف مهاجم الأسود، في حوار أجراه معه «الصباح الرياضي»، أنه حينها وقع عقدا مع كياسو السويسري بالبيضاء، وكان ينتظر فقط الحصول على التأشيرة للالتحاق بسويسرا من أجل بدء مسيرته الاحترافية، قبل أن يفاجئه الطاقم التقني للرجاء بضمه إلى القائمة التي ستشارك في دوري دولي، رغم أنه لم يكن أساسيا، ما سهل عملية «الحريك». واعتبر ياجور تلك المرحلة حاسمة في مسيرته، رغم الإكراهات والمشاكل التي واجهته، مؤكدا أنها كانت وراء تكوين شخصية مختلفة وقوية، وفسحت أمامه المجال للانضمام إلى أندية وطنية قوية، من قبيل الوداد والرجاء الرياضيين، قبل أن يوقع بداية الموسم الجاري ل»الماط». وتحدث ياجور عن فشل صفقة انضمامه إلى برشلونة، بعد المشاركة في مونديال الشباب 2005، وأرجع الموضوع إلى لحظة طيش أدى ثمنها غاليا، حينما بصق في وجه لاعب نيجيري، في نصف النهائي، وهي اللقطة التي تناقلتها العديد من المحطات، وتابعها مسؤولو برشلونة، الذين كانوا يضعونه تحت المجهر. ولم يخف ياجور رغبته في المشاركة في كأس إفريقيا، رفقة الأسود، وبطولة إفريقيا للمحليين، معتبرا الموضوع أفضل من الاحتراف في دوري خليجي، قد يبعد عن المنتخبين. وفي يلي نص الحوار: ما هو سر تألق ياجور في عقده الثالث؟ ليس هناك سر، كل ما هناك ظروف العمل المناسبة، التي توفرت في تطوان، وأشكر بالمناسبة كل فعاليات الفريق. لكن البداية كانت صعبة... بالفعل، لأسباب مختلفة، في مقدمتها تأخر التحاقي بالفريق، وعدم مشاركتي في معسكر بداية الموسم، هذا كله كان له انعكاس سلبي على مردوديتي في بداية الموسم. ثم هناك عامل ثان، يتمثل في عدم تأقلمي مع المعد البدني السابق، والطاقم التقني برمته، وبعد التغيير حصل الانسجام بسرعة، وعدت إلى التوهج من جديد، وهذا لا ينقص في شيء من قيمة الإطار الوطني العامري، لكنها الحقيقة، وهي واردة في كرة القدم، فكم من لاعب فشل رفقة مدرب، ونجح رفقة آخر. صرت هدافا للفريق سواء في المنافسة المحلية أو القارية، هل هذا راجع إلى تأقلمك مع نهج روبيرا، أم إلى شيء آخر؟ أكيد أن المدرب له دور كبير في ما أنا عليه اليوم، لكن لا يجب التنكر لمجهودات باقي الزملاء في الفريق، الذين يوفرون لي الظروف المناسبة للتهديف، والذين لولاهم لما حققت كل تلك الأهداف. قلت في السابق إن لقب هداف البطولة لا يهمك في شيء، وإن تتويج الفريق بالألقاب هو هدفك الرئيسي رفقة تطوان، هل مازالت تصر على الموقف نفسه؟ بالنسبة إلى المنافسة المحلية، مازالت أصر على موقفي، وأعتبر تتويج الفريق أفضل من تتويج فردي، أما بالنسبة إلى هداف عصبة الأبطال، فهذا لقب أتطلع لحيازته، وقيادة فريقي إلى أبعد نقطة في هذه المنافسة القارية الغالية. لقد سعدت بلقب الهداف التاريخي للعصبة، وشهادة بلاتير في حقي في المؤتمر الأخير ل»الكاف»، بحضور المسؤولين المغاربة، لذلك أحرص على التتويج بهذه الجائزة، لإضافتها لرصيدي الغني بالإنجازات. ما هي أبرز هذه الإنجازات؟ أولا اختياري من بين أحسن عشرة لاعبين في مونديال هولندا للشباب، وبالمناسبة، أشكر الإطار الوطني فتحي جمال، الذي كان وراء اكتشافي، ومنحني الفرصة للدفاع عن القميص الوطني في منافسة عالمية، ثم هناك إنجاز ثان كان رفقة الرجاء الرياضي، ببلوغي نهائي مونديال الأندية، واختياري ثالث أفضل لاعب في المسابقة، ثم مشاركتي الثالثة في حدث عالمي رفقة المغرب التطواني، رغم أن الإنجاز لم يكن في حجم التطلعات. أعتقد أن هذه الإنجازات لم يحققها أي لاعب قبل ياجور، ويصعب تحقيقها مستقبلا، لذلك تجدني فخورا بما تحقق لي إلى حد الآن، وينقصني لقب واحد لأدخل التاريخ من أوسع الأبواب، ألا وهو عصبة الأبطال، وإن شاء سأحققه رفقة الحمامة البيضاء. أعتقد أن انطلاقتك تأخرت بعض الشيء بسبب هجرة إلى أوربا في وقت مبكر، وبطريقة غير شرعية... صحيح، لقد أضعت ثلاث سنوات من عمري بسبب طيش الشباب، وجشع بعض الوكلاء، وكذا تعنت بعض المسؤولين في تسريحي بعد مونديال الشباب، ما دفعني إلى التفكير في الهجرة بأي طريقة، والنتيجة كانت كما تعرفون. هل لك أن تحدثنا كيف جاء التفكير في «الحريك» ومن ساعدك على بلورته إلى واقع؟ إنها ذكرى حزينة، لكنها جزء من مسيرتي، لذلك سأرويها لقرائكم الأعزاء. بعد التألق في مونديال الشباب، كانت هناك العديد من العروض، لكن تعنت المكتب المسير للرجاء ضيع علي الكثير من الفرص، قبل أن يظهر عرض كياسو الذي وقعت معه عقدا مبدئيا بالدارالبيضاء، على أن يتكفل الفريق بإعداد التأشيرة وكل الأمور الإدارية من أجل الهجرة الشرعية لسويسرا. وماذا حدث؟ الذي حدث في ما بعد، كان بمحض الصدفة، إذ عرض علي الرجاء مرافقته إلى سويسرا للمشاركة في دوري دولي، فقررت استغلال الفرصة للبقاء هناك، والانضمام إلى كياسو، دون الحاجة إلى المرور عبر القنوات الرسمية، وهذا ما حدث بعد نهاية الدوري. هذا يعني أن الرجاء ساعدك على «الحريك»... عن حسن نية، يمكن اعتبار الأمر كذلك، لأن وقتها كان يصعب الحصول على تأشيرات ولوج أوربا، خصوصا بالنسبة إلى لاعب هاو، ولولا الرجاء لما نجحت في اجتياز الحدود، لأنني كنت لاعبا شابا، ولا يربطني بالفريق عقد يخول لي الحصول على التأشيرة. ألم تندم على هذا الاختيار؟ حينما أعيد شريط الذكريات، أكيد أنني أشعر بقليل من الندم، لكن حينما أفكر في مدى تأثير التجربة على شخصية ياجور، أقول الحمد لله، لأنها فتحت أمامي أبواب العودة إلى وطني، عن طريق أكبر الأندية الوطنية، التي اعترفت بموهبتي ومنحتني الفرصة للتعبير عن إمكانياتي. وماذا عن برشلونة؟ هي حكاية أغرب من الخيال. فبعد التألق رفقة الأشبال تقدم برشلونة بعرض للرجاء إبان المنافسة من أجل ضمي إلى مركز التكوين، لكن للأسف حركة صدرت عني خلال مواجهة نيجيريا، جعلت الفريق الكتلاني يتراجع عن رغبته في الاستفادة من خدماتي. وما هي هذه الحركة؟ بعد الهزيمة أمام نيجيريا في نصف النهائي، بصقت على مدافع استفزني بشكل كبير في هذه المباراة، وكان لهذه الحركة التي تناقلتها القنوات التلفزيونية التأثير على قرار مسؤولي «البارصا». لكن الرجاء بدوره أبدى ترددا بالترخيص لك بالرحيل إلى البارصا... لقد طالب الرجاء حينها بحوالي 400 مليون سنتيم، في حين عرض برشلونة بعد متابعتي في دوري بنما رفقة الأشبال، الذي نقل على تلفزيون الفريق الكتالوني خصيصا من أجل مواكبة عطاءاتي، ضمي على سبيل التكوين، وبعد إثبات أحقيتي في الدفاع عن ألوانه، يتم مناقشة الجانب المالي في الصفقة، لكن حقيقة تراجع الفريق عن إبرام الصفقة، كان «بصقة» في حالة غضب. بماذا تنصح اللاعبين الشباب بعد كل هذه التجارب؟ أنصحهم بالاعتناء بالتداريب، والتريث في اتخاذ القرار المناسب، والاستشارة مع ذوي الخبرة، والابتعاد عن السماسرة، الذي يشتتون أذهانهم بالعروض الوهمية، خصوصا بعد تحسن مستوى اللعبة في بلادنا، وولوجها عالم الاحتراف. إذا كان مقدرا لهم أن يخوضوا تجربة خارج البلاد، فأكيد أن ذلك سيحصل، لكن بطرق قانونية تحفظ للاعب كرامته، ولا تجعله عرضة للإهانة في بلاد الغربة. نعود إلى أرض الوطن، ماذا تشكل بالنسبة إليك ثقة المدربين بادو الزاكي، مدرب الأسود، وامحمد فاخر، مدرب المحليين؟ ثقة أعتز بها، وتعوضني عن الاحتراف في الوقت الحالي، لأن خدمة الوطن بالنسبة إلي وسام على صدري، وأفضل من الاحتراف في دوريات متوسطة المستوى، ستبعدني لا محالة عن ارتداء القميص الوطني؟ ماذا تقصد بالضبط؟ لقد توصلت بالكثير من العروض من دوريات خليجية، لكنها لم ترق إلى مستوى تطلعاتي، إضافة إلى جشع بعض الوكلاء الذي يستغلون الفرصة لمص دماء اللاعبين، ويضربون بعرض الحائط القوانين المنظمة لعملية الانتقالات. من تقصد بالضبط؟ بعض السماسرة الذين يعبثون بالمهنة. شخصيا لدي عقد مع الدولي السابق ربيع العفوي، المشهود له بدماثة الأخلاق، وصديقه في المهنة، محمد فلحي الملقب ب»الجن» والمعروف في الأوساط الرياضية بأخلاقه ونزاهته، لكن هذا لا يمنع من دخول بعض السماسرة على الخط بين الفينة والأخرى، الذين يفسدون الكثير من الصفقات. في أي دوري تفضل الاحتراف؟ كما قلت لك في البداية إذا توصلت بعرض مغر جدا من أحد الأندية الخليجية، سيضمن لي الاستقرار في حياتي، ولفريقي الحالي قيمة مالية محترمة، فالأكيد أنني لن أمانع في خوض التجربة، لكنني فأفضل الاحتراف في الدوري التركي، الذي سيمكنني من المحافظة على مستواي، ومكانتي في المنتخب الوطني. هذا يعني أنك مصر على خوض كأس إفريقيا رفقة الأسود؟ أتمنى خوض «الكان» رفقة الأسود، وبطولة إفريقيا رفقة المحليين. فقمة السعادة بالنسبة إلى أي لاعب كيفما كانت قيمته، الاستماع إلى النشيد الوطني، في مناسبة دولية، وارتداء القميص الأحمر والأخضر، في مباراة تشد الأنظار والقلوب. إنها فعلا قمة السعادة. على ذكر اللونيين الأحمر والأخضر، هل تفكر في العودة إلى البيضاء؟ أنا لاعب محترف، وتربطني علاقة ود واحترام مع مسؤولي الرجاء والوداد الرياضيين، والأكيد إذا أتيحت لي فرصة تكرار التجربة رفقة أحد الفريقين، لن أمانع، رغم أنني في الوقت الحالي مرتاح رفقة المغرب التطواني. كيف تنظر إلى مباراتكم أمام الأهلي المصري في عصبة الأبطال؟ هي مباراة ككل المباريات، لكنها تظل بنكهة خاصة، لأن المنافس، هو فريق القرن في القارة السمراء، وتجاوزه يعني الذهاب في المنافسة بعيدا. ألا تخشى هذه المواجهة؟ أنا متعود على المباريات الكبرى والقوية، ولا تزيدني إلا حماسا وإصرارا، وسبق لي مواجهة الأهلي بقميص الرجاء، وفزت عليه في عقر الدار، وكذلك سجلت بمرماه بقميص الوداد، فلم لا تكرار السيناريو ذاته بقميص «الماط». ليس لدينا ما نخسره، فإذا انهزمنا فستكون مغادرة المنافسة على يد فريق عملاق، وإذا تجاوزناه فسيكون الأمر إنجازا تاريخيا، سيمهد لنا الطريق للتتويج باللقب. سؤال أخير يحير الرجاويين، لماذا غادرت الفريق رغم أنك فزت رفقته بأغلى الألقاب؟ سأكون صريحا معك، لم تكن لدي رغبة في مغادرة الفريق الذي تربيت بين أحضانه، لكن تماطل المسيرين في مفاتحتي بشأن تمديد عقدي، دفعني إلى التفكير في التغيير، فاخترت المغرب التطواني، ولست نادما على هذا الاختيار. لكنك تأخرت كثيرا قبل اتخاذ القرار... هذا ما يؤكد أنني كنت أرغب في الاستمرار، لكن للأسف هناك من لا تهمه مصلحة الرجاء، ويعمل على تدمير كل شيء جميل فيه. بورتري ياجور...عدو الحراس لا يختلف اثنان في أن تجربة محسن ياجور اختمرت في عقده الثالث، وأضحى سما للدفاعات ومرعبا للحراس، وهدافا لا يشق له غبار... ياجور، ولد باسباتة، من رحم المعاناة. لاعب من طينة الكبار، كلما تقدم في السن، ازدادت خبرته وتجربته في معترك العمليات... لا يؤمن بالانتماءات، سجل في مرمى الرجاء الذي تربى بين أحضانه، وهز شباك الوداد، الذي احتضنه بعد العودة من المهجر. مخلص للقميص الذي يدافع عن ألوانه، ووفي لجمهوره، لا تربطه علاقات حميمية مع حراس المرمى، لأنه يتحين أخطاءهم، ويصنع منها جزءا من تاريخه، ولا يفوت الفرصة لمعاقبتهم... ياجور الذي ضيع فرصة الانضمام إلى برشلونة، بسبب طيش الشباب، وحركة غير محسوبة. مؤمن بالقدر، خيره وشره، ويعتبر ما حققه خير وبركة، في زمن قلت فيه ”البركة”. خارج المستطيل الأخضر، خجول وحنون، قليل الكلام، لا يتوانى في تقديم يد المساعدة، مبتسم دائما، لا تعرف التجاعيد طريقا إلى وجهه. متفائل بالمستقبل إلى أبعد حد. قليل الانفعال ومتواضع، لم ينس أبدا جذوره وانتمائه إلى حي شعبي في زاوية من البيضاء، حيث داعب الكرة لأول مرة في حياته، ولا يتوانى في تكرار المشهد ذاته، كلما زار والدته... هكذا هو ياجور، لا يختلف كثيرا عن حقيقته، لأنه لا يتصنع، ولا يحب أن يظهر على غير عادته. بسيط في معاملاته، وجريء في اتخاذ قراراته... في سطور الاسم الكامل: محسن ياجور تاريخ الميلاد: 14 يونيو 1985 الطول: 178 سنتمترا مكان اللعب: قلب هجوم الفريق الحالي: المغرب التطواني الاندية التي لعب لها: الرجاء الرياضي وكياسو السويسري وشارل لوروا البلجيكي والوداد الرياضي يلعب للمنتخب الوطني