فرح الفلاحون و بائعو المظلات بالأمطار التي نزلت على بلادنا في الأيام الماضية ، و صلى الناس ركعتين شكرا لله ، لكن السيد أوزين لم يكن متوضئا فضاع منه الأجر ، لذلك بكى بدموع ساخنة ، و عسى أن تكون تلك الدموع دموع حسرة و ألم على المأساة التي جرت في مركب الأمير مولاي عبد الله . و يبدو أن الشركة التي كلفت بإعادة تعشيب الملعب ، قد نسيت أن تضع فوطة صحية كبيرة تحت الأرضية ، فمن فوائد الفوطة الصحية أنها تمتص البلل و تجنب المسؤولين الحرج أمام رجال الفيفا ، و لا أحد يدري هل كان ما جرى نتيجة لجهل صارخ بالتقنيات الحديثة لتصريف مياه الأمطار أم نتيجة لعملية تخسيس متعمد لوزن النفقات بغرض تسمين الجيوب الخلفية ؟ لو وقعت المصيبة في مباراة من مباريات البطولة الوطنية لهضمنا ذلك ، لكن ما يغيظنا هو أنها وقعت في الموندياليتو ، حيث العيون الكبيرة تحدق فينا بكل وقاحة و سخرية ، و حيث الكاميرات مصوبة نحو عورتنا التي انكشفت أمام الدول الشقيقة و الصديقة و بنت الكلب . و لن ينسى العالم مشاهد شفط المياه بواسطة « الكراطة » ، و لن تغفر لنا الفيفا ذلك أبدا ، و لو فكر المغرب يوما في الترشح لتنظيم مسابقة عالمية فإن كارثة مركب الأمير ستكون حاضرة في الأذهان كوصمة عار لا تمحى . و من الغريب أننا تركنا ملعب طنجة الذي يستجيب لمعايير الفيفا ، و أبدينا إصرارا غبيا على إقامة الموندياليتو فوق أرضية ملعب مشهور تاريخيا بعشبه الرديء ، و رغم الإصلاحات فإنه ظل وفيا لسمعته السيئة . و لا أحد يدري هل كان التعاقد مع الشركة بغرض إصلاح عشب الملعب أم بغرض تحويله إلى ضيعة لتربية الخنازير و البط . و من المثير للشك أن الميزانية التي أنفقت على الإصلاحات قد بلغت اثنين و عشرين مليارا ، و لو أننا أنفقنا منها مبلغا صغيرا لشراء فوطة كبيرة من نوع « أولويز » لكنا قد تجنبنا الحرج ، و لحافظنا على أرضية الملعب من الإصابة بالبلل و من التسلخات العشبية ، لكن الجشع و سوء التدبير جعلنا نبدو بمنظر مثير للشفقة إزاء العالم . من جهة أخرى ، فإن السيد أوزين يصر على التهرب من وضع المسؤولية في حقيبته الوزارية ، كأنه وزير للرياضة في دولة موزمبيق و لا علاقة له بفشل مساعي المغرب لتأجيل الكان ، و أيضا لا تربطه صلة بما جرى في مركب الأمير . و لسنا ننسى بأن بوادر الكارثة قد تجلت قبل انطلاق الموندياليتو ، حين تسرب فيديو قصير يفضح سوء أرضية الملعب ، لكن الوزير الضاحك خرج علينا يومئذ بجبهته العريضة لينكر ما شاهده المغاربة على اليوتيوب ، و حاول إقناعنا بأنه فيديو قديم ، و اتهم من سربه بأنه عميل ينتمي للطابور الخامس ، أما الذين تسببوا في الكارثة فهم وطنيون مخلصون و ليسوا لصوصا على الإطلاق . لو كان السيد أوزين وزيرا في دولة أوروبية لوجد نفسه مضطرا لتسليم مفاتيح الوزارة و السيارة ، أما في المغرب فمن حقه أن يلتصق بالكرسي حتى تنفجر مرارة المغاربة أو يرث الله الأرض و من عليها ، و يبدو أن السيد بنكيران لا يستطيع إقالته ، لأن ذلك قد يثير غضب حزب الحركة الشعبية فيهدد عندئذ بالانسحاب من الحكومة لينهار السقف على حزب المصباح . من أجل المصالح الحزبية إذن تهون أموال دافعي الضرائب ، لأن الأحزاب هي أمنا بالرضاعة و يجوز لها التصرف في أموالنا مثلما شاءت حفاظا على مصالحها السياسية . لكن يبدو أن القرار الملكي بتعليق أنشطة وزير الرياضة جاء كطوق نجاة إلى رئيس الحكومة ، في انتظار تعليق أوزين شخصيا من رجليه في ساحة عمومية حتى تسقط الدراهم من جيوبه العميقة . لا جديد تحت البقرة ، فسياسة الحلب مازالت مستمرة ، لأن رياضة شفط الميزانيات مفيدة لتسمين الجيوب و نفخ البطون ، و يبدو أن المسئولين الكبار في بلادنا لا يخطئون أبدا ، و في الغالب سيجري تحميل المسؤولية للأمطار الغزيرة ، و ليس بعيدا أن يطالب البعض بمحاكمتها محاكمة عسكرية لأنها تساقطت على الملعب بدون أن تحصل على ترخيص مسبق من الجامعة الكروية.