تقديم: كما يعرف المتتبع، تعتبر الصناديق الاجتماعية مجرد صناديق سوداء ينهب منها المخزن و من يسير في فلكه من أحزاب و نقابات، و التعاضديات لا تخرج عن هذه القاعدة، و أموال منخرطيها هي بمثابة ريع تنهش منه قيادات نقابية بيروقراطية مفسدة. و يظل المخزن هو المتحكم في خيوط اللعبة حتى تظل هذه الأحزاب و النقابات مجرد أراجيز تخدم أجندته. إن طريق النضال من أجل مجتمع ديمقراطي و عادل يمر بشكل أساسي بالنضال ضد الفساد و الاستبداد. الوضع الراهن داخل التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية: تتلقى الأجهزة غير الشرعية التي تصر على تدبير شؤون هذه التعاضدية، ضدا على القانون، دعما مطلقا من قيادات بعض النقابات و الأحزاب مشكلة بذلك لوبيا قويا بالإضافة إلى التواطؤ المكشوف لبعض الجهات الحكومية. و يمكن إيجاز الوضع الراهن ب: - انتهاء صلاحية عبد المولى عبد المومني لرئاسة المجلس الإداري للتعاضدية منذ فاتح غشت 2011 ، و قد تلقى بهذا الخصوص رسالة من عند السلطات الوصية تشعرانه فيها بفقدانه الشرعية و بكونه لم يعد مسموحا له ترأس أي جمع عام او اجتماع للمجلس الإداري. - انتهاء المفتشية العامة للمالية، منذ حوالي شهر، من مهمة إجراء تحقيق داخل دواليب التعاضدية، وسط أخبار تتحدث عن إتلاف وثائق و عدم تمكن فرقة عمل المفتشية العامة للمالية من التوصل إلى العديد من المعطيات جراء هذه العملية الإجرامية. و قد توصلت مصالح وزارتي التشغيل و المالية برسالة موقعة من طرف مستخدمة تفيد أنها عاينت عملية إخفاء وثائق من شأنها أن تساعد على إجلاء الحقيقة. و يوجد وراء هذه المؤامرة شخص يعتبر المسؤول الأول عن تدبير الصفقات داخل التعاضدية. - استطاعت الجمعية المغربية لمنخرطي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وضع اليد على العديد من الاختلالات و الخروقات ذات الطابع الخطير، و قد راسلت بهذا الخصوص مختلف الجهات الحكومية المسؤولة: رئاسة الحكومة، وزارة التشغيل، وزارة المالية، وزارة العدل و الحريات، وزارة التربية الوطنية، وزارة الصحة، وزارة الداخلية، وزارة التجهيز و النقل. إلا أن هذه السلطات التزمت الصمت و هو ما يعتبر إشارة ضوء أخضر للاستمرار في نهب و تبذير أموال المنخرطين. في ظل هذه الأجواء، نظم عبد المولى عبد المومني، منتحل صفة رئيس المجلس الإداري، جمع عام آخر غير شرعي بأرفود. تنظيم جمع عام آخر غير قانوني أيام 22 ، 23 و 24 مارس 2013 بأرفود انتظم عبد المولى عبد المومني و من معه من" المفسدين ""على عقد جموعات عامة، رغم كونه ليست له الصلاحية القانونية في ترأس أي منهم، بفنادق فخمة من فئة خمسة نجوم و بمدن سياحية. لكن هذه المرة بأرفود، نظم جمع عام غير قانوني، أيام 22 -23-24 مارس الجاري، بفندقين (2) من فئة 5 نجوم، حضره أزيد من 500 شخص، عدد كبير منهم ليست له صفة عضو الجمع العام. و قد تجاوزت مصاريف هذا الجمع العام غير الشرعي، بكثير سقف 200 مليون سنتيم، انتزعت من أموال المنخرطين؛ ليستمر مسلسل نهب و تبذير أموال حوالي 470 ألف منخرط من مرضى و أيتام و أرامل و ذوي الاحتياجات الخاصة. أهم الملاحظات التي سجلت خلال هذا الجمع العام غير القانوني: - اعتراض الخبير المحاسبتي المتعاقد مع التعاضدية، على التقرير المالي لسنة 2011 الذي أعدته الأجهزة غير الشرعية التي تدبر شؤون التعاضدية، نظرا للكم الهائل من الخروقات المالية التي وقف عليها تقرير الخبير. و هي المرة الثانية التي يعترض فيها هذا الخبير على التقرير المالي الذي تعده إدارة التعاضدية؛ إذ سبق له أن اعترض على التقرير المالي لسنة 2010 الذي قدم خلال الجمع العام غير القانوني الذي نظم بالسعيدية خلال السنة الماضية. و رغم ذلك فقد صادق الحضور على التقرير المالي لسنة 2011 رغم علاته و الخروقات التي وقف عليها الخبير. - حضور ممثل وزارة المالية و تتبعه أشغال هذا الجمع العام غير القانوني. و قد ساهم حضوره في تمرير التقرير المالي لسنة 2011 المتضمن للعديد من الخروقات. و يؤكد هذا الحضور، تواطؤ هذه الوزارة مع الأجهزة غير الشرعية التي تصر على تدبير شؤون التعاضدية، ضدا على القانون؛ كما يشكل هذا الحضور دعما مباشرا للفساد داخل التعاضدية. و الجدير بالذكر أن وزير المالية السابق، راسل عبد المولى عبد المومني في أكتوبر 2011 يخبره فيها بأنه انتهت صلاحيته كرئيس للمجلس الإداري منذ فاتح غشت 2011 . إلا أن وزير المالية الحالي لم يعد يخفي تواطؤه مع مفسدي التعاضدية. - يعتمد عبد المولى عبد المومني في تمرير قراراته غير الشرعية التي يصدرها في هذه الجموعات العامة غير القانونية، على كثلة كبيرة من المناديب و المتصرفين. و لعل أهم نقطة يركز عليها عبد المولى عبد المومني، هي إقامة هذه الجموعات العامة بفنادق فخمة و بمدن سياحية. فبالنسبة للمناديب الذين حضروا إلى أرفود ،قادمين من الرباط، سيتلقون على الأقل تعويضا ماليا يتجاوز 3 ألف درهم تضاف إليها مصاريف الإقامة بفندق فخم و كل أنواع الأكل الراقية، و هي المصاريف التي تؤديها التعاضدية. إنها بالطبع أموال المنخرطين؛ و ما يهم عبد المولى هو إرضاء جشع هذه الميليشيات (هذا اللقب غير مبالغ فيه، كونها مستعدة لضرب و تعنيف أي معارض لعبد المولى، كما حدث بمراكش في يونيو 2011). يجب التذكير بأن التعويضات التي يتلقاها المناديب هي غير قانونية، على اعتبار ان عملهم هو تطوعي كما ينص على ذلك القانون المنظم للتعاضد. و قد سبق لوزير المالية السابق، أن وجه رسالة إلى عبد المولى يطالبه فيها بإرجاع تلك التعويضات إلى صندوق التعاضدية. - إضافة إلى العناصر المذكورة أعلاه، هناك مجموعة من المناديب المحسوبة، للأسف، على الصف الديمقراطي التقدمي، و هم يأتون إلى الجمع العام للعب دور المعارضة. فهم خلال الفترة الممتدة بين كل جمعين عامين، يلتزمون الصمت إزاء ما يقع من فساد و نهب لأموال المنخرطين، و يرفضون كل النداءات المطالبة ببلورة خطة نضالية لمواجهة الفساد الذي ينخر جسد التعاضدية، و يوجهون انتقاذات لاذعة للجمعية المغربية لمنخرطي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، لكون هذه الأخيرة تحاول جاهدة مناهضة الفساد المستشري داخل التعاضدية. و يقتصر دورهم خلال الجمع على "مناقشة " بعض الجزئيات البسيطة الواردة في التقرير الأدبي و عدم الوقوف عند الاختلالات الكبرى التي تعرفها التعاضدية و عدم مناقشة التقرير المالي. و يمكن اعتبارهم مجرد كومبارس يؤدي دورا في مسرحية سخيفة حول نوع "الممارسة الديمقراطية" داخل التعاضدية. و تشكل كل هذه العناصر الجبهة الخلفية لدعم الفساد داخل التعاضدية. و تنتهي فصول هذه المسرحية بتلقي كل المشاركين في الجمع العام غير القانوني، من مناديب و متصرفين و مستخدمين إداريين ، "تعويضات سخية"؛ وليذهب إلى الجحيم المرضى و الأيتام و الأرامل و ذوي الاحتياجات الخاصة. المحطة المقبلة سينظم عبد المولى عبد المومني و من معه من" المفسدين""، خلال شهر أبريل القادم، المؤتمر الإفريقي للتعاضد، الذي سيحضره أزيد من 700 مشارك(ة). و هي مناسبة لتبذير مئات الملايين من السنتيمات المنتزعة من اموال المنخرطين، في نشاط ليست له أدنى علاقة بالخدمات الصحية التكميلية التي من المفروض ان تقدمها التعاضدية. سأعود لهذا الموضوع لاحقا. عبد السلام بلفحيل