يعد المغرب، بحكم توفره على المناخ الملائم والأراضي الخصبة والمساحات الرعوية الشاسعة، أحد أهم البلدان المنتجة للأغنام على الصعيدين الإقليمي والقاري، اعتبارا لتوفره على خمس سلالات أصيلة ذات صفات جينية وخاصيات إنتاجية متميزة تجعل منها ركيزة أساسية لتطور القطاع. ويعد صنف "أبي الجعد" أو "السلالة الصفراء" نسبة للونها الأصفر الباهت، إحدى أهم هذه السلالات التي تتميز بكبر حجمها وارتفاع إنتاجيتها وجودة لحومها وصوفها، كما تعتبر سلالة نقية ينحصر تواجدها بهضاب الفوسفاط، وتحديدا بمناطق أبي الجعد وواد زم وخريبكة وقصبة تادلة. ويعود اعتبار هذه السلالة، التي يبلغ تعداد قطيعها نحو 200 ألف نعجة منتقاة، حلقة أساسية في قطاع إنتاج الأغنام على الصعيد الوطني بالأساس لمعدل خصوبتها الذي تبلغ نسبته 95 بالمائة، وأوزانها التي قد تتراوح بين 45 و60 كلغ لدى النعجة البالغة ومن 70 إلى 100 كلغ لدى الفحول، إلى جانب تأقلمها بشكل جيد مع المناخ شبه الجاف لمناطق هضاب الفوسفاط وقدرتها الكبيرة على استغلال المجال الرعوي المتواجد بهذه المناطق. -مربو الأغنام بمنطقة أبي الجعد... تشبث متزايد بالسلالة الصفراء برزت سلالة "أبي الجعد" خلال السنين الأخيرة بعد أن كانت غير معروفة لدى كثير من الأوساط، وذلك بفضل عدد من البرامج التي مكنت من تطوير إنتاجيتها وتحسين خاصياتها الوراثية، ومن ثم جاء الاعتراف بها كسلالة أغنام وطنية نقية محددة المنشأ وذات سمات مميزة عززت إقبال كسابي المنطقة على تربيتها. وفي هذا الصدد، يقول السيد محمد شعطيط رئيس تجمع الأغنام الصفراء بأبي الجعد، وعضو المجلس الإداري للجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن تشبث كسابي دائرة أبي الجعد والمناطق المجاورة لها بتربية هذا النوع الجيد، تعزز بشكل ملحوظ خلال السنين الأخيرة بفضل الجهود المبذولة من طرف الدولة في مجال تحسين النسل، ونتيجة للمردودية العالية لهذه السلالة التي أضحت تحقق نتائج هامة على مستوى إنتاج اللحوم والصوف. وأوضح السيد شعطيط، الذي يشارك في فعاليات الدورة السادسة للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس، المنظم تحت شعار "الفلاحة التضامنية"، أن كسابي المنطقة غير مستعدين للتخلي عن هذه السلالة التي يعتبرونها موروثا قائما بذاته، ومورد رزق العديد من الأسر التي تزاول تربية الأغنام كنشاط أساسي، مشيرا إلى أن التجارب السابقة أثبتت قدرة هذه السلالة على التأقلم بشكل جيد في المناخ شبه الجاف والأراضي الصخرية الموجودة بالمنطقة. وقد أوضحت بعض التجارب أن سلالة أبي الجعد تتمكن من التأقلم بباقي جهات المملكة، لاسيما في المناطق ذات الطقس البارد اعتبارا لصوفها الكثيف، غير أنها تعطي نتائج أكثر من جيدة في مهدها بدائرة أبي الجعد. - جهود حثيثة سعيا إلى جعل صنف "أبي الجعد" سلالة وطنية بامتياز يجمع عدد من مربي هذه السلالة على أن المكانة التي أضحت تحظى بها حاليا تعود بشكل أساسي للجهود المبذولة من طرف وزارة الفلاحة والصيد البحري بمعية الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، عبر عدد من البرامج التي تروم تحسين النسل من خلال انتقاء أفضل الفحول والنعاج والمراقبة الصحية وتحسين جودة المراعي. وفي هذا السياق، قال المدير العام للجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز السيد سعيد الفاغوري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الجمعية عملت على تطبيق مجموعة من البرامج في مجال تحسين نسل سلالة أبي الجعد، كما استطاعت تشكيل أربعة تجمعات لتربية هذه السلالة بينما تعتزم إحداث تجمعين آخرين بمنطقة أبي الجعد. وأضاف السيد الفاغوري أن الجمعية تتوفر حاليا على شبكة تتألف من 156 مربيا منتقيا لسلالة أبي الجعد يستغلون أزيد من 10 آلاف نعجة منتقاة تنتج 2983 خروفة و400 فحل كل سنة، موضحا أن الجمعية تتوفر على قاعدة هامة من المعطيات والمعلومات التي تعرف بهذه السلالة. لقد كانت سلالة أبي الجعد، حسب السيد الفاغورين، أصل سلالة "المارينوس" التي انتقلت في العهد المريني إلى البرتغال، والتي أعطت بعد ذلك نتائج باهرة بكل من أستراليا ونيوزيلندا اللتين تحتلان، على التوالي، المركزين الأول والثاني عالميا في مجال إنتاج الصوف ولحوم المجترات الصغيرة، مشيرا إلى أن هذا المعطى يفسر التشابه الكبير بين السلالتين. يبقى أن هذه السلالة المتميزة تستحق المزيد من العناية والاهتمام، في أفق جعلها رمزا لدائرة أبي الجعد والمناطق المحيطة بها، وذلك من خلال التصديق عليها حسب المعايير الدولية المعمول بها في هذا المجال كسلالة مغربية أصيلة.