وردود الافعال الدولية الشعور بالصدمة يكاد يكون ملموسا. فالزعماء الاوروبيون يحاولون جاهدين التأقلم مع نكسة كبيرة اصابت اولئك الذين يؤمنون بفكرة الوحدة الاوروبية. فالاتحاد الاوروبي لن يعود كما كان بدون المملكة المتحدة. ومن الواضح ايضا ان الزعماء الاوروبيين يريدون ان يتم الانتهاء من مفاوضات الانفصال السياسي والاقتصادي بسرعة ودون ابطاء. وهذا يعني انهم يريدون من المملكة المتحدة ان تفعل المادة 50 من اتفاق لشبونه - وهي الآلية التي تتحكم بمفاوضات الانفصال - في زمن قد لا يتعدى الاسبوع المقبل، وليس الانتظار حتى تولي رئيس جديد للحكومة في اكتوبر المقبل. بعبارة اخرى، بدأت التوترات في الظهور الى السطح من الآن. وبالرغم من ان كل الاطراف تركز على ضرورة التعاون، لا توجد اي رغبة في الكثير من العواصم الاوروبية للتساهل مع المملكة المتحدة في هذه الظروف. لقد قلب النظام السياسي الاوروبي رأسا على عقب، في تطور ستكون له عواقب على المدى البعيد لا يستطيع احد توقع مداها بأي دقة. القى رئيس الحكومة ديفيد كاميرون كلمة خارج مقره الرسمي في لندن قال فيه إنه ينبغي احترام ارادة الشعب البريطاني، واعلن عن عزمه الاستقالة. وقال إن رئيسا جديدا للحكومة سيتولى مقاليد الحكم قبل انعقاد مؤتمر حزب المحافظين السنوي في تشرين الاول / اكتوبر المقبل. تأكد في الساعة السادسة من فجر الجمعة 24 حزيران / يونيو ان بريطانيا قد صوتت للخروج من الاتحاد الاوروبي. بلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء 71,8 بالمئة - إذ شارك فيه اكثر من 30 مليون ناخب - وهي اعلى نسبة مشاركة في اي انتخابات منذ عام 1992. أما رئيس حزب استقلال المملكة المتحدة المعادي للاتحاد الاوروبي نايجل فاراج فوصف نتيجة الاستفتاء بأنه بمثابة "عيد استقلال بريطانيا." لكن سوق الاسهم في لندن تدهور بشكل كبير بعد الاعلان عن النتيجة، ففي الدقائق الاولى من بدء التعاملات خسر مؤشر فوتسي 8 بالمئة من قيمته قبل ان يميل للتعافي قليلا. فور انتهاء كاميرون من القاء كلمته، قال زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كورين عن انطباعاته عن رئيس الحكومة فقال "اعتقد ان الاسلوب الذي اتبعه في التعامل مع التحقيق في مذبحة الاحد الدامي (التي وقعت ابان حقبة العنف في ايرلندا الشمالية) والطريق التي اعتذر فيها تستحق الثناء." اما رئيس بلدية لندن السابق، والمرشح القوي لخلافة كاميرون، واحد زعماء حركة الخروج من الاتحاد الاوروبي، بوريس جونسون، فقال بعد ان اثنى هو الآخر على كاميرون إن الناخبين "استفتوا قلوبهم وصوتوا بأمانة. لقد قرروا استعادة السيطرة على مصائرهم." احتشد جمع غفير خارج مسكن جونسون بلندن، وهتفوا ضده عندما حاول الصحفيون توجيه اسئلة له. أصدر مسؤولون بارزون في الاتحاد الاوروبي منهم رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك ورئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز ورئيس مجلس الاتحاد الاوروبي جان كلود يونكر (الظاهر في الصورة) بيانا مشتركا قالوا فيه "نتوقع من المملكة المتحدة الآن ان تنفذ هذا القرار الذي توصل اليه الشعب البريطاني باسرع وقت مهما كان ذلك مؤلما لأن أي تلكؤ سيطيل فترة عدم اليقين دون داع." قالت وزيرة اسكتلندا الاولى (رئيسة الادارة الذاتية) إنها "مصممة بشكل اكيد" على ابقاء اسكتلندا داخل الاتحاد الاوروبي، ولذا فإن اجراء استفتاء ثان على الاستقلال يعد امرا "محتملا جدا." ******************************************* رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر: أعرب الشعب البريطاني عن رغبته في المغادرة. نأسف لهذا القرار لكنا نحترمه. دونالد ترامب يرى ان هناك "تواز" بين استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وحملته الانتخابية في الولاياتالمتحدة. قال رئيس الحكومة الايطالية ماتيو رينزي في روما إن البيت الاوروبي بات بحاجة الى ترميم عقب قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الاوروبي. وقال في معرض دعوته لاصلاح الاتحاد "اوروبا بيتنا، وبيت اولادنا واحفادنا. نعلم ان هذا البيت بحاجة الى ترميم وتجديد، ولكنه سيظل بيتنا في المستقبل." وقال "لقد قال البريطانيون كلمتهم، ونحن نحترمها ولكن علينا طي الصفحة وفتح صفحة جديدة." ميركل: "ضربة لاوروبا" حذرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الجمعة الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي من التسرع في التوصل الى استنتاجات حول قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد لأن من شأن ذلك زيادة مخاطر تقسيم اوروبا. وقالت ميركل "علمنا بقرار الشعب البريطاني بكثير من الاسف، فليس من المشكوك فيه ان القرار يعد ضربة لاوروبا ولمشروع الوحدة الاوروبية. ولكن العواقب المترتبة على القرار تعتمد على استعدادنا ورغبتنا - نحن الدول ال 27 المتبقية في الاتحاد - على الا نستخلص دروس مبسطة ومتسرعة من الاستفتاء الذي جرى في بريطانيا، فمن شأن ذلك زيادة الانقسام في اوروبا." تحليل: كرس موريس، مراسل الشؤون الاوروبية / عربي BBC