يلتاع قلب كل مسلم، بل كل إنسان فيه نوع من الكرامة الإنسانية، لما تناقلته وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي لتلك المرأة الفلسطينية التي لفظت أنفاسها الأخيرة على معبر فرح من الجانب الفلسطيني، وهي تعان بمرض خطير ومزمن وكانت تنتظر تأشيرة السلطات المصرية لعلها تجد من يمد لها يد المساعدة الطبية والإسعافات الأولية لإنقاذها من الموت..، لكن الذي حصل هو أنها ظلت عالقة ورابضة في معبر فرح ولا مستجيب ولا مغيث إلى أن سلمت نفسها لبارئها الكريم. هذه الحالة، وهي من الحالات الكثيرة، التي أضحت تتعوذ عليها العائلات والأسر الفلسطينية منذ أن استولى العسكر على زمام الحكم بمصر وأطاح بالرئيس الشرعي محمد مرسي .. بل إن العسكر أحكم قبضته على قطاع غزة المحاصر وبدا في نهج الحرب غير المعلنة على القطاع باتخاذه للعديد من الإجراءات المجحفة والقاسية في حق الفلسطينيين والقوى السياسية الفلسطينية . وقد انطلق هذا المسلسل "الحربي" على قطاع غزة بضرب كل الأنفاق مما أدى إلى شل حركتها، وهي التي كانت تمثل الشريان الوحيد لقطاع غزة على العالم الخارجي والمورد الاقتصادي الوحيد لعيش العديد من الغزاويين، واتهام حماس بدعم الإرهابيين في صحراء سيناء والكيل لزعمائها وقادتها وكوادرها بسجنهم أو بدعمهم للإرهاب..، بل إن الأمر وصل إلى حد وصف حركة حماس بالمنظمة الإرهابية، وهو القرار الذي أصدرته للأسف إحدى محاكم القاهرة المكلفة بالأمور المستعجلة، واتهام الدكتور محمد مرسي بالتخابر مع حركة حماس. واعتقد أن الخناق والحصار سيشتد على حركة حماس وسيزداد على الأقل في المنظور المتوسط، وعلى قطاع غزة الذي سيتضرر سكانه مما سينذر بكارثة إنسانية لا مثيل لها.. إن ما يقوم به العسكر اتجاه حركة حماس وقطاع غزة سيضعف حركته ووزن مصر على المستوى الإقليمي لأنه يريد أن يتملص من مسؤولية القضية الفلسطينية التي شكلت على الدوام دعامة ومرتكزا لمصر وللشعب المصري في الدفاع عن مصير القضية الفلسطينية. وبالمقابل، فان ما يقوم به العسكر اليوم من حصار قطاع غزة وأهلها، وتشديد الخناق على حركة حماس، يلتقي موضوعيا مع الاستراتيجة التي ظل ينهجها الكيان الصهيوني اتجاه الفلسطينيين، وخاصة قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس، وهي الإستراتيجية التي لم ينجح فيها الكيان الصهيوني منذ عشرات السنين. إن ما يعيشه الفلسطينيون الغزاويون اليوم مع حكم العسكر في مصر من مآسي نتيجة الحصار وتدمير الأنفاق وقتل للإنسان الغزاوي، سيظل شاهدا على جبن وتخاذل العسكر اتجاه القضية الفلسطينية التي شكلت على الدوام القضية المركزية في الوطن العربي. هذه الحرب التي أضحت مع توالي الأيام "معلنة" من طرف عسكر الانقلاب على قطاع غزة وعلى القوى السياسية الفلسطينية بدأت تطرح أكثر من علامة استفهام؟ ومن المستفيد منها ولفائدة من؟ هذه الأسئلة وغيرها نطرحها ونترك الجواب عليها لكل لبيب يشاركنا هموم الوطن العربي التي أصبحت كثيرة ومتعددة. مهتدي بوزكري