بقلم/ ذ. محمد أبوسعد الرميلي، الوصفة الانقلابية على الشرعية الدستورية وعزل الرئيس محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا، من قبل الشعب المصري، عبر صناديق الاقتراع، لاتعدو أن تكون مستنسخة من النموذج الاستعماري الفرنسي عندما أقدمت سلطات الحماية الفرنسية على خلع الملك الشرعي للمغرب محمد الخامس رحمه الله وتعيين محمد بن عرفة مكانه.. فكان لذلك ردود فعل قوية تمثلت في انتفاضة شعبية عارمة في جميع أنحاء المغرب الأقصى فكان أول رد فعل قوي أشعل فتيل المواجهة بين المغاربة والسلطات الاستعمارية وأذنابها من الخونة والعملاء هو لما انبرى الشهيد علال بن عبد الله وحاول اغتيال ابن عرفة الملك الصوري لما كان بصدد التوجه إلى مسجد أهل فاس لأداء صلاة الجمعة يوم 20 غشت 1953 . وتلتقي الوصفة الانقلابية المصرية مع نظيرتها المغربية في عهد الاستعمار الفرنسي في كونهما صادرتين عن جهة ذات وجهين لعملة واحدة ألا وهي الاستعمار والصهيونية. وإذا كان الانقلاب على شرعية الملك الراحل محمد الخامس من تدبير القوات الفرنسية بإيعاز من الاستعمار والإمبريالية، فإن انقلاب العسكر في مصر على شرعية رئيس منتخب ديمقراطيا وتعيين عدلي مهزوم مكانه، لاينفصل عن الأيادي الصهيونية التي عز عليها أن تقلع رياح الربيع العربي جذور عملائها الأوفياء: لأن إسرائيل لاتطمئن إلا لحكم غير الإسلاميين لذلك لا مراء من أن الشارع المصري ببلطجيته ورعاعه وأقباطه غير المسلمين وعلمانييه من الذين تقطعت بهم الأسباب يوم النزال الانتخابي الذي حمل إخوان مصر إلى الحكم، بعد أكثر من ستين عاما من المعاناة والتضييق على الحريات والزج بهم في غياهب السجون، تحولوا إلى جنود مجندين بالوكالة في خدمة الصهيونية.ولأن العسكر الذي ألف الإمساك بزمام الأمور وحكم الشعب المصري بالحديد والنار لم يبتلع أن يسير الإسلاميون دفة الحكم في أرض الكنانة وأن تكون الديمقراطية في صالحهم. فاليهود الصهاينة في إسرائيل لم ينسوا سكودات الشهيد صدام حسين ولا قطع امدادات البترول عن الغرب المؤيد للصهيونية وراعي الإمبريالية من لدن الشهيد الملك فيصل في حرب رمضان 1973 وبطولة الفريق المغوار سعد الدين الشاذلي مهندس عبور قناة السويس. كيف تنسى الصهيونية اندحار جيشها أمام قوة جنود لم يرها جنودها يوم اجتمع العرب على كلمة واحدة. فالله يبارك في الجماعة لأن الذئب يأكل من الغنم القاسية، كما في الحديث الشريف. فإسرائيل دائما ومنذ قيامها في قلب الأراضي العربية بدعم من الصهيونية والإمبريالية العالميتين لاتتوانى في إشعال نار الفتن في بلدان الشعوب العربية " فكلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله " الآية. فالصهاينة هم دائما وراء كل فتنة وكل مصيبة. فمن عاداتهم المكر والتظاهر بالمغلوب على أمرهم والصراخ غير البرئ من المكر والخديعة. قبل أيام، قرأت مقالا بعنوان "خوف قاتل من حرب أهلية في مصر" منقول عن صحيفة'' إسرائيل اليوم'' نشرته يومية المساء في عددها 2109 ما مفاده: "وحسب تراث النهج الإسلامي فكلما زاد الصراع قوة اتهم المتطرفون الإسلاميون اليهود بشئ ما لتوجيه الغضب نحوهم'' المسجد الأقصى في خطر'' تبرز الآن باعتبارها مركز تحريض واستشارة للإخوان ضدنا فيسحن أن نحذر« . يتبين من خلال هذه الفقرة المخطوطة بقلم صهيوني، أن إسرائيل بهذا الدفع تريد إبعاد التهمة عنها ناسية أن القرآن فضح أسرارها وكشف عن مكايدها التي لاتنتهي كالمريب الذي يكاد أن يقول:خذوني..! فالانقلاب العسكري في مصر على الديمقراطية عند عزل الرئيس مرسي قوبل بمجرد الإعلان عنه بمباركة رؤساء دول يكرهون الديمقراطية باعتبارها في نظر بعضهم غريبة عن الإسلام وفي نظر أذناب العلمانية الغربية والصهيونية، أن هذه المنظومة العصرية لايجب أن تسود في المجتمعات التي تعادي إسرائيل. وبديهي أن جل شعوب العالم تكره إسرائيل وتكره الصهيونية وأن رؤساءها الذين سارعوا إلى تهنئة رئيس صوري أتى به العسكر على ظهر دبابة إلى قصر رئاسة مصر لايعكس إلا صورة من صور النفاق السياسي لترضية السياسة الأمريكية الراعية للصهيونية خوفا على عروشهم لأنهم لايثقون في شعوبهم. فلو كانت الديمقراطية يتم اختيارها كمنهاج تتقيد بمبادئه المجتمعات العربية في منآى عن المؤسسات العسكرية التي غالبا ما تنزع إلى الدكتاتورية وتنحو إلى وضع دساتير على مقاسها ووفق رؤيتها غير المنصفة المبنية على التسلط والاستبداد . فكما أشرنا إليه في مستهل هذا المقال من مواصفات تجمع صورتين لقيادتين جئ بهما خارج الشرعية بعد عزل من هما أحق بالحكم. الأولى ممثلة في ابن عرفة المغربي الذي جاء به الفرنسيون ليكون دمية في خمسينيات القرن الماضي، بينما الثانية ممثلة في في الرئيس المؤقت لمصر عدلي منصور وهو في الحقيقة مهزوم لأن النصر يكون من عند الله. كما أن الانقلاب على الديمقراطية في مصر لايختلف عن الانقلاب عليها في الجزائر عام 1992 عندما اكتسح الإسلاميون الساحة السياسية وحصدوا أكبر عدد من المقاعد في أول انتخابات تشريعية عرفتها البلاد منذ استقلالها. غير أن الفرق كان هو أن انقلاب عسكر الجزائر على الديمقراطية وقع قبل وصول الإسلاميين إلى الحكم بينما انقلاب عسكر مصر على الشرعية الدستورية حدث بعد أن تمكن الإخوان من حكم مصر وأمضوا منه ما يربو على عام ونصف.