محاضرة القيت في المركب ( المركز) الثقافي في مدينة خريبكة المغربية بدعوة من جمعية الرواد في المدينة ، بتاريخ 26/9/2012 ،(مع بعض التصرف والاضافات) .سيتم نشر المداخلات والتعقيبات في حلقة اخرى . النص : هذه ليست محاضرة لنسميها حديث اخوة نتبادل به الراي والمعلومة لنطور معارف بعضنا . وهو حديث من القلب لاخوة افاضل . ولم اكتب شئ وما هو امامي من اوراق هو وثائق لمشروعات ساتكلم عنها . لذلك سيصطدم من يتصور من الاخوة بانه سيسمع حديثا عن نظريات في علم النفس الاجتماعي او الاجتماع او السياسة . هو حديث اتمنى من خلاله ان نصنع اطرنا النظرية الثقافية فنحن نتحدث عن موضوعات تهمنا جميعا ولسنا عاجزين عن ان نخلق نظرياتنا الخاصة . بالمناسبة قرات موضوعا عن الانتفاضات العربية في مجلة مغربية اشتريتها امس وجدت ان الكاتب يعيد فيها هذه الانتفاضات الى عقدة اوديب ورغبة الفرد العربي في قتل اباه وتزوج امه ، وماشابه من هذه الهرطقات البعيدة عن الواقع التي يريد ان يقول لنا الكاتب من خلالها انه قرأ فرويد واستوعبه ، ويستعرض معلوماته دون ان يفيدنا شيئا وكانه يريد ان يشوه وعينا ويضيعنا ،رغم اني من المعجبين بنظريات فرويد . لكني لااجد له مكانا هنا اليوم . لنعود لجوهر الموضوع : اتذكر خطابا لعبد الناصر في 1963 او 1964 ، لااتذكر نصه حرفيا بل متاكد من معانيه وبعض جمله ، كان يتحدث به عن شكوى ملك حسين وابو رقيبة من ان عبد الناصر يتامر عليهم ، فقال : دحنا لو اردنا فعلا اسقاط اي منهم فهو لايحتاج منا الا ايام قليلة ، وكان الملك زمانه يلاقي مصير ابناء عمه في العراق ، هو والا اي نظام اخر . صرخ واحد من الحاضرين من الجمهور، وسعود ، قال عبد الناصر : داه مايحتاج منا جهد كثير لو اردنا اسقاطه اليوم لاستطعنا . ان قوة عبد الناصر التي تحدث بها بهذه اللغة ، وهو ليس له تنظيمات حزبية معلنة او سرية ، كان ينطلق في مقالته من خلال ايمانه باستعداد الجماهير لان تستجيب لدعواه وبخطاب تحريضي واحد كان فعلا قادرا لان يهز كيان اي نظام عربي . . في اذار 1958، في اول زيارة له لدمشق بعد اعلان الوحدة كانت بانتظاره من المطار لموقع اقامته ملايين الجماهير السورية وبمشاركة لبنانية ، وبعدمسافة قصيرة قطعتها للسيارة المكشوفة التي كان يقلها ، رفعت الجماهير سيارته وتناقلتها الايدي حتى اختفت عن انظار جهاز الحماية ما اثار قلقلهم لانهم لايعرفون اين اختفت سيارة الرئيس وما مصير الرئيس ، حتى وجدوها قرب دار الضيافة المخصصة لاقامته . هذا الاستقبال لم ينظمه حزب او مؤسسة بل هو حالة تعاطف شعبي مجرد من اي ولاءات حزبية . في كتاب الوحدة بين النظرية والتطبيق الذي نشره مركز دراسات الوحدة في بداية ثمانينات القرن الماضي ، كتب صلاح البيطار وهو الرمز الثاني من رموز حزب البعث ، ووزير خارجية سوريا قبل الوحدة ، يقول فيه نحن في الحزب وفي الحكومة التي كان يرئسها شكري القوتلي لم نذهب للوحدة بقناعة كاملة ، وكنا غير مستعدين لتحقيقها بهذه السرعة الا انا اكتشفنا ان الجماهير ستسحقنا باحذيتها ان لم نستجيب لمطلب الوحدة . كان الوطن العربي في فترة الخمسينات والستينات وحتى السبعينات منقسم داخليا الى معسكرين ، الانظمة الرجعية العربية والجماهير العربية بقيادة عبد الناصر . الذي اختار ان تكون الجماهير هي حزبه الخاص لذلك كان ابعد عن ان يؤطر الجماهير بتنظيم سياسي محدد ( وهذه قد تكون احد نقاط ضعف التيار ) . كان اخوان المسلمين الحزب الوحيد الذي اتخذ وحدد موقفه في صف الرجعيات العربية ، واداة بيد الغرب والرجعيات العربية لمواجهة خط الثورة العربية . وبمواجهة الخارج كانت الجماهير تصطف مع عبد الناصر بمواجهة الغرب والصهيونية وكلاهما يحاول ان يستعمل تركيا كاداة للعدوان على سوريا . بدات حركة الجماهير العربية في فترة الخمسينات من البحرين بزيارة سلوين لويد للبحرين في اذار /مارس1956 ، فكان ان استقبلته الجماهير البحرينية بالحجارة والبيض ، حتى خاف عليه رجال الحماية المرافقة فنقلوه من المطارالى السفارة البريطانية بطائرة هليوكوبتر ، ليعود ادراجه بعد ساعات دون ان يعمل شيئا او يقابل احدا من المسؤولين البحرينيين . واستمرت من هناك حركات المطالب والاحتجاجات العربية في سوريا ولبنان والاردن والكويت والسودان اضافة لمصر ايضا . سوريا ولبنان والسودان لتوفر هامش من الحريات فيها ، في الاردن وجد الملك حسين انه غير قادر على مواجهة الموجة فحاول احتوائها وأُضطر الى تعيين سليمان النابليسي ،بعد وصول حزبه ( ذو التوجهات الناصرية ) الى البرلمان بتاييد ودعم البعثيين والشيوعيين ، رئيسا للوزراء في تشرين اول /اوكتوبر عام 1956 لامتصاص التعاطف والتحرك الجماهيري . الا ان الملك وبمساعدة الاخوان المسلمين الذين تم تسليحهم من قبله تمكن من الانقلاب على حكومة النابلسي في 10 ابريل /نيسان 1957 (لاحظ كتاب التواطئ . بالنسبة للحزبين القوميين الرئيسين في الوطن العربي البعث وحركة القوميين العرب وبعد ان كان ينتقدان عبد الناصر باعتباره وصل للحكم بانقلاب وليس بثورة جماهيرية وانه يمثل نزعة دكتاتورية العسكر ، الا انهما اكتشفا انهما يعزلان كيانيهما بهذا الموقف فتبنا كلا التنظيمين الناصرية واخذا يتسابقا على الادعاء بالالتزام بخط عبد الناصر لكسب رضى الجماهير . أن مطاليب الجماهير العربية المعلنة وشعاراتها المرفوعة في ذلك الوقت ، كانت هي تحقيق الوحدة العربية ، تحرير فلسطين ، التخلص من القواعد والسيطرة الاجنبية ، دعم الثورة الجزائرية ، تحقيق استقلال فعلي من خلال عملية تنمية حقيقية ، طبعا الحريات الديمقراطية كانت احد اهم المطالب ، نفط العرب للعرب ، واستخدام النفط في المعركة . كان الاعتقاد السائد هو ان تحقيق هذه الشعارات هي مفتاح الحل لكل مشكلها اليومية من مشكلة الخبز والسكن والتعليم والخدمات الصحية والزواج ، وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية . حتى مسالة الاحساس بانسانية الانسان وكرامته وامنه . الحركة الناصرية وبعيدا ، عن لغة التنظيرات والفلسفات تمثل في جوهرها حركة استقلال قومي ، معبرة عن مطالب الجماهير الواسعة لحل مشكلاتها اليومية التي فرضتها قوى اجنبية لاهم لها سوى سرقة موارد الوطن من نفط وغيره ومحاولة زجه بصراعات دولية في احلاف لاتعنيه . تحقيق استقلال حقيقي ، وتنمية تتجاوز حالة التخلف التي تعيشها الامة العربية . كالعادة اخافت هذه التحركات الجماهيرية مخاوف الغرب ، فاصدر ايزنهاور الرئيس الاميركي ، المبدأ المعروف باسمه وهو تعبير عن استعداد الولاياتالمتحدة لتقديم العون العسكري والاقتصادي لاي من دول الشرق الاوسط التي تجد نفسها مهددة بخطر انقلاب او سيطرة الشيوعيين على الحكم ( وهو نفس المبدا الذي اعتمدته اميركا عذرا للانزال العسكري المفاجئ في لبنان يوم 17 تموز 1958 ، بعد سقوط الملكية في العراق في 14 تموز 1958)، ولان الحركة القومية في سوريا هي الاقوى والاكثر حماسا للوحدة حاول حلفاء الغرب تطويقها ، فحشدت تركيا قواتها على الحدود الشمالية ، وقبل سقوط النظام الملكي في العراق كان للعراق الدور المركزي للضغط على سوريا ، وفي مسلسل لايختلف كثيرا عن ما يجري الان تم تحريض العشائر الواقعة على الحدود مع العراق والاردن ، وتحضير جماعات الاخوان المسلمين وتدريبهم في معسكرات خاصة في الاردن للتسلل الى الداخل ، لتقوم بجانب العشائر الحدودية بعمليات تمرد وتخريب بالداخل السوري ، يتدخل العراق من الغرب وتركيا من الشمال ، مع الاحتياطي الاميركي في البحر المتوسط (الاسطول السادس ) . احبط عبد الناصر هذه الخطة بارساله قوات مصرية الى اللاذقية لحماية سوريا ما يعني دخول مصر كطرف مباشر في الصراع في حالة العدوان على سوريأ . ومصر في ذلك الوقت اضافة لقياداتها لحركة الجماهير العربية من المحيط الى الخليج ، فان قوتها العسكرية كان يحسب لها حسابها . كان تحرك عبد الناصر هذا قد الهب الجماهيرالسورية التي ظلت لاشهر ترابط ليل نهار امام مبنى مجلس البرلمان السوري مطالبة بتحقيق الوحدة حتى استجابت حكومة القوتلي لمطلبها . عرضنا نموذجا لهبات جماهيرية الواضحة اهدافها ، اهداف كبرى تتطلع التخلص من التبعية والاستعمار والاحتلالات والتخلف وان تاخذ دورها في الحياة كامة ذات تاريخ حضاري عميق يؤهلها لان تساهم بفعالية في تطور الحضارة العالمية . لو قارناها بالشعارات التي رفعت من قبل الشباب المحتجين في تونس او مصر واليمن وهي النماذج الافضل للانتفاضات الجماهيرية . كان الشعار او الهتاف الاكثر ترددا "الشعب يريد اسقاط النظام " لماذا وما هو البديل ، ليس هناك من جواب ولاحتى في عقل رافعي الشعار ؟ انها حركات احتجاج الشاب او المواطن العربي المرعوب من المستقبل الذي يظل مجهولاً بالنسبة له ، فهو يعانون من الخوف وهو يرى زملائه او اهله واخوانه يعانون من شظف العيش وتحول العيش مجرد العيش هو عملية تعذيب ومخاوف . لايمنع من ذلك حصوله على الشهادة او الكفائه الجامعية . شاركهم كهول ورجال من مختلف الاعمار ممن عانى من شظف العيش ويهزه الخوف على مستقبل اطفاله لان يعانوا من نفس المتاعب. والكل يدرك ان النظام حسني مبارك او ابن علي هما السبب وهما سراق حقه . ترافق ذلك مع مشاعر الاهانة في الداخل والكرامة المهدورة في الخارج حتى عاد البعض يخجل من ان يقول : انه عربيا في الخارج ، زادت او جسدت ثورة الاتصالات من الوعي والاحساس بحالة الضياع والتخلف بل الوقوف على هامش الحياة والخروج من التاريخ كمجوعات بشرية مهملة تماما لادور لها ، عدا دور المستهلك المتفرج على العالم وهو يخطو بسرعة نحو الرفاهية وتحقيق غاية التقدم .خرجت الجماهير التونسية خائفة من ان يكون مصير أي فرد فيها كمصير بو عزيزي .وهي لاتعرف ماذا عليها ان تعمل المهم ان تتخلص من حفنة الحرامية وعصابات اللصوص التي ما فكرت يوما بهموم الشعب وارادته . ثورة ضد الاطر القائمة دون ان يكون هناك اي تصور عن صورة البديل . ان بعض الصور التي وزعت على النت والفيس بوك لشباب يحملون شعارات مثل ارحل خلصنا اريد ان اذهب لرؤية زوجتي واطفالي " " وشاب بشعر طويل يحمل يافطة مكتوب عليها ارحل اريد ان اذهب للحلاق لقص شعري " وغير ذلك من شعارات تعكس حالة ضياع وفقدان البوصلة والسير نحو المجهول .بالمقابل كان هناك الاف من علماء الاجتماع والسياسة وعلم النفس الاجتماعي في مراكز البحوث والدراسة في الغرب واميركا بالذات واسرائيل ، كانوا يتوقفون عند كل شعار وكل هتاف وسلوك لفهم توجهات المحتجين وتطلعاتهم ، لتقدم الاقتراحات لمراكز اتخاذ القرار فرفعت اميركا وفرنسا حمايتها لابن علي ومبارك في امل ان تتمكن من استيعاب واحتواء الحركة الاحتجاجية وتهيئة القيادات المتعاونة معها قبل ان تتبلور قيادات ميدانية واعية من قلب ميادين الاحتجاج وتفلت الامور من ايدي الغرب . ما الذي تحقق في النهاية في كل من مصر وتونس ، من حركات الاحتجاج او الانتفاضات الشعبية ، هو ان نفس القوى التي كانت تشكل جزء من قوى الثورة المضادة المتحالفة مع الغرب في فترة الستينات والسبعينات والمعادية للجماهير العربية ولتطلعات الامة العربية ، او خط ما كان يعرف بالرجعيات العربية ، هي من صعدت الى سدة الحكم وبدعم كامل وعلني من الانظمة المحسوبة على الرجعية واعوان الغرب . والغاء كل تاريخ ومنجزات حركة التحرر العربي ، والعودة الى مرحلة ما قبل الخمسينات بصورة ابشع، مع تزويقات لتجميل الوجوه القديمة ، لتبدو وكانها جديدة . تمتلك هذه الانظمة الجديدة ، مظاهر للشرعية لم تتوفر في نظامي حسني مبارك وابن علي ، هما وصلا للحكم بعد ثورات شعبية و بانتخابات ما يعني انهما يمثلان غالبية لابئس بها من الشعب في كل من مصر وتونس ، وهذا ما يؤهلهما لان يتخذان قرارات اكثر جرأة من سابقيهما . في مصر اظهرت النتائج الاولية الى ان حكم الاخوان قدم تعهده بالحفاظ على معاهدة السلام ، وفي تونس ظلت المواقف مائعة الا انها تمكنت من ضبط حركة الجماهير واحباط اي عملية يمكن ان تؤسس لقيادات وطنية جديدة . وبدلا من طرح البرامج التنموية او العمل على حل شكلات الجماهير ، اصبح الحديث اليومي يتمحور حول شرعية او لاشرعية هدم قبور الاولياء ، وحقوق المراة وقطع اذن شاب كان واقفا مع فتاة في احد شوارع الدمنهور ، والهجوم على الشيخ عبد الفتاح مورو وضربه بالكاس على وجهه لانه انتقد الوهابية وحذر منها ، الهجوم على احتفالية يوم القدس في16اب /اوغسطس 2012 في بنزرت ، والهجوم على مظاهرات بيوم القدس في مدينة قابس ، وحرق العلم الفلسطيني ، بدعوى ان هذه المظاهرات مدعومة من قبل ايران . الملاحظ هنا او رمزية حرق الفلسطيني ، ان الرابطة التي تربطني بالمذهب تسود على اي رابطة قومية اوحتى اسلامية بفلسطين . لعل كل من مصر وتونس يشكلان نوعا من التجانس المذهبي والاثني ، ومفاجأ وسرعة التحرك لم تعط الغرب الفرصة لاستثمار الانتفاضات وتحويلها الى حركات تخريب وتدمير كما في ليبيا وسوريا حتى الاقباط في مصر هم من نسيج المجتمع المصري المتمسك بارضه ووطنه وحتى عروبته ، حاول الغرب واسرائيل استثمار الفرصة لاشاعة حالة من الفوضى والاقتتال الاهلي من خلال ارسال بعض من عملائهم ومجموعات من الجهلة المحكومين بعواطف غير ناضجة لحرق بعض الكنائس او تهويل وتضخيم قصة زواج بعض الفتيات من القبط بشباب من المسلمين ،الا ان وعي الطرفين احبط المؤامرة. في اليمن والبحرين تركت الاوضاع بيد حلفاء الغرب من مشايخ الجزيرة والخليج ، فاليمن بحكم بعدها ومساسها للاوضاع في الجزيرة والخليج ، تركت لهم خيارات العمل . خاصة وان كل من اليمن والبحرين بعيدتان نسبيا عن بؤرة الصراع العربي – الاسرائيلي ، وانعكاسات اي تغير فيهما سيكون له تاثيره المباشر على الجزيرة والخليج . في ليبيا وسوريا كان الغرب قد وصل الى مرحلة من يمسك بزمام الامور والقدرة على المبادرة والتاثير ، فكانت الفرصة مواتية في ليبيا لزرع الفتنة والنزاعات البينية من خلال العشائر والقبائل واثارة الحساسيات بين شرق البلاد وغربها ، وستظل عمليات الاقتتال بين القبائل والحساسيات بين الغرب والشرق دون توقف او حل مالم تتوفر حكومة وطنية قوية غير خاضعة للغرب ، لتتخلص اولا من الجراثيم التي زرعها الغرب في المدن الليبية ، و من مراكز استخبارات اجنبية ستظل تعمل على زرع الفتنة وتاجيجها في سوريا ، كان الغرب مستعدا تماما لتنفيذ مؤامرته ، واعادة تمزيق الامة العربية الى كيانات او جزر اجتماعية صغيرة منفصلة عن بعضها . تحول الشعار الرئيسي من الشعب يريد اسقاط النظام الى شعار مرعب مشحون بالحقد والفتنة " العلوية للتابوت والمسيحية لبيروت" ، اي قتل كل العلويين في سوريا وابعاد كل مسيحي سوريا الى لبنان . ليس لدي احصائيات مضبوط الا انه من المعروف ان عدد العلويين في سوريا يتراوح بين 2-3 مليون نسمة ونفس العدد يمكن اعطائه للمسيحين يعني ربع الشعب السوري او حوالي خمسة ملايين على الاقل على نصفهم ان يرحلوا الى لبنان ، وقتل النصف الاخر .بين 2-3 ملايين . اكيد ان هذه الاعداد لاتسلم رقابها كالاغنام والوضع يمكن ان يحسب بحساب الدفاع عن الذات على الاقل ستتحصن هذه الجماعات في مناطقها وحتى تعلن انفصالها عن الدولة السورية ، وسوف لن تنتهي العملية عند هذا الحد فالنخب القومية الكردية المرتبطة والمدعومة من الغرب واسرائيل تنتظر فرصة ضعف الدولة السورية ليعلنوا انفصالهم والاتحاد مع اكراد العراق لتشكيل دولة ، الاكراد في سوريا ليسوا اقل من مليون نسمة . هناك ايضا اعداد تحسب بالملايين ايضا من الدروز في جبل حوران والاسماعيلية في السلمية ، وكلاهما في العقل السلفي الوهابي من الكفار الذين يستحقون القتل. سوف لن تتوقف العملية عند الحدود السورية ، لايستبعد ان تكون ردة فعل الشيعة والمسيحين في لبنان ، هي قتل السنة او تهجيرهم من لبنان للدولة السنية السورية الجديدة . وهناك العراق ذا الاغلبية الشيعية وقياداتها واقعة كليا تحت تاثير ايران ، وايران كدولة مجاورة للعرب يهمها تفتيت العرب والسيطرة على مناطق حيوية من اراضيهم . هناك ايضا اقلية كبيرة نسبيا في كل من الكويت والامارات وحتى السعودية مع اغلبية شيعية تتجاوز السبعين بالمئة في البحرين . هكذا تختفي او تتلاشى الهوية القومية وحتى الهويات الوطنية لصالح هويات جزئية مذهبية ، فبدلا من الانتماء للعروبة تصبح هوية تعريف الفرد بمذهبه او دينه . وعندما تصبح العمة واللحية والسبحة هي الحكم وهي المصدر الذ يحدد انماط السلوك السياسي والاجتماعي ، ونحن نعرف جيدا ان اغلب هؤلاء المشايخ هم من الفاشلين في الحياة والدراسة او المرضى النفسيين الذي لم يجدوا اسهل وظيفة من الدين ما يؤكدوا به ذواتهم ، وما يحقق لهم مستوى سهل من العيش ، فهم في الغالب مجموعة من الجهلة الطامعين بتحسين اوضاعهم المالية والمعيشية باسهل الطرق ، لاشك سيتمترس كل منهم بموقعه ومنطقته ، على اساس هو الاكثر والاحرص تمثيلا للطائفة ، كما حصل في العراق فالشيعة المسيسين منقسمين الى ثلاث جماعات صدرية ، والدعوة ، والمجلس ، وجماعات اخرى صغيرة تتجاوز العشرة . ومن يتابع الوضع في العراق سيكتشف ان عدد الشيعة الذين قتلوا في ظل الحكومات الشيعية قد يتجاوز اعداد الشيعة الذين قتلوا على امتداد تاريخ الدولة الاموية والعباسية . في النجف في ما عرف بالانتفاضة الصدرية في حكم علاوي عام2004 ثم ما تعرضوا له من ذبح في العمارة والديوانية والبصرة والناصرية في ما عرف بصولة الفرسان او حملة فرض القانون التي قادها المالكي في 2008 ضد المدن الشيعية تحت غطاء محاربة الخارجين عن القانون وفرض سيادة القانون والدولة . يعني ستشتعل المنطقة في عدد من الحروب البينية ، التي ياتي هولها من انها حروب مدن بين ابناء المدينة الواحدة . يعني تدمير كل منشأت البنى التحتية مع ارتفاع عدد الضحايا . ومن رأى وسط بيروت في اواخر الثمانينات ، وكيف ان مدينة الجمال والفن تحولت الى كومة احجار ، حتى يقال ان عدد من القطط والكلاب التي تعودت العيش على لحوم القتلى من البشر بدات تهاجم زوار تلك الاطلال لافتراسهم . لذلك كانت التوصيات لزيارة المنطقة بعدم ترك السيارة والخروج منها . ليس تلك هي النتائج الوحيدة لمثل هكذا حروب بل هجرة الكفاءات العلمية وحرمان الامة منها الى حيث ستجد من يستوعبها ، والغرب عادة سيفتح بلدانه للجوء هذه الكفاءات التي ستاتيه جاهزة ولحد الامس القريب تقول الاحصائيات الرسمية ان ربع العقول المهاجرة هي عقول عربية . أضافة الى تفكك بناء الاسرة العربية بالهجرة او القتل والموت ما سينتج مئات الاف او ملايين الارامل والايتام ، وما سترتب على ذلك من تفكك وانحلال اخلاقي ، يعتقد الغرب انه المفتاح لتخريب وتشويه الهوية العربية . تلك هي نتائج ما عرف اوما سماه اوباما بالربيع العربي ، وانا لااتردد في ان اسميه التسميه الاكثر انطباقا عليه وتمثيلا له ، وهو الربيع الصهيوني- الاميركي وخريف الموت العربي . هناك من يسخر مما اسموه ب "عقلية او ذهنية المؤامرة " . وانا اعترف اني مؤمن كليا بنظرية المؤامرة ، وامامي هنا تقريرين يشرحان تفاصيل مؤامرات تحاك ضد امتنا منذ بدايات القرن الماضي . ففي عام 1905 ، شكل رئيس الوزراء البريطاني في حينها كامبل بونرمان ، لجنة من خبرات من مجموعة من الدول الاوربية من العلماء المختصين بعلوم الاجتماع والسياسة والنفط والاستراتيجيا والاقتصاد ، من اجل دراسةالمخاطر الكامنة التي يمكن ان تهدد المصالح الاوربية في اسيا وافريقيا ، واجتمعت اللجنة لمدة سنتين بما عرف بمؤتمر كامبل بونرمان ، لتصل الى نتيجة ان اكبر المخاطر التي تهدد المصالح الاوربية تاتي من شرق وجنوب البحر الابيض المتوسط حيث تعيش امة متجانسة ترتبط بروابط ثقافية وتاريخية ومصالح مشتركة ، ما يمثل عوامل محتملة لنشوء دولة كبرى تمثل الخطر الاكبر على المصالح الاوربية . لذلك يقترح المؤتمرون ، منع هذه الامة من تشكيل دولتها ، وذلك بفصل القسم الافريقي منها عن القسم الاسيوي بحاجز بشري ( اقامة دولة اسرائيل) ، وتفتيتها وتقسيمها ، ومنعها من ان تحقق اي تطور او تقدم علمي .ومنعها من حيازة النتائج العلمية والصناعية الحضارية . بالمناسبة هناك خطأ كبير يروج له الغرب والحركة الصهيونية في ان الدولة العبرية تستند في قيامها يستند الى الحق اليهودي التاريخي بفلسطين ، الا ان الواقع يقول : ان اول من نادى بتشكيل الدولة العبرية واقترح تشكيلها هو رئيس الوزراء البريطاني في ثلاثينات القرن التاسع عشر ، اللورد بالمرستون . ففي اواسط ثلاثينات القرن بادر محمد علي الكبير( حاكم مصرفي حينها) ببناء الدولة العربية الكبرى ، وارسل جيوشه لتحرير سوريا ونجد والحجاز ، ما اغاض واثار موقف الدول العظمى في حينها : بريطانيا ، روسيا ، بروسيا ، امبراطورية النمسا والمجر ، الدولة العثمانية ، فشكلا حلفا لمنع محمد علي الكبير من تحقيق برنامجه بالقوة وفعلا تقدمت عليه جيوش هذه الدول واجبرته على التراجع الى مصر ، وتحت شرط ان لايحاول ثانية التفكير بهذا المشروع وان يدمر صناعاته الحربية ( بالضبط كما حصل في العراق في زمن صدام حسين) . الا ان بالمرستون طرح في 1940 ، تساؤلاته :من يضمن لنا ان لم يخرج غدا محمد علي الكبير ثانية ،وطرح اقتراحه كحل جذري هو بناء حاجز بشري لدولة يهودية بين مصر والمشرق العربي . هذا قبل ان ينتبه هرتزل للفكرة ويعقد مؤتمره اليهودي في بازل في سويسرا عام 1897 . والوثيقة الثانية او مشروع المؤامرة الاخرى هي ما عرف بمشروع شارون – ايتان ، اواستراتيجيات اسرائيل لثمانينات وتسعينات القرن ، الذي يقول ان اسرائيل تظل دولة صغيرة بين دول عربية كبيرة يمكن ان تتطور اي منها الى دولة قوية تهدد امن اسرائيل ، وعليه يجب اعادة تقسيم الدول العربية على اسس طائفية ومذهبية واثنية ، حصة العراق منها ثلاث دول ، وسوريا 5 ، لبنان 5 ، ومصر 2 ،والسودان 2 ( وقد حصل فعلا ذلك الان) ، وحتى السعودية يمكن تقسيمها لدولتين شيعية وسنية . ستظل هذه الدول غير مستقرة ومتناحرة على مشكلات حدودية وغيرها . لنراقب ما يحصل في ليبيا وسوريا خاصة نجد ان المتمردون يرفعون نفس شعارات شارون – ايتان ، ويقاتلون من اجل تحقيقها على الارض في سوريا ( العلوية للتابوت والمسيحية لبيروت ). وتجنيد المئات من الكتاب المرتزقة للترويج للصراعات الطائفية ، والدعوة للاقتتال الطائفي. بالنسبة للمغرب ، وقد سالني بعض الاخوة عن الموقف من الاوضاع في المغرب ، اقول صراحة ليس خوفا ولا مجاملة وليس لي علاقة باي طرف مغربي رسمي ولا حتى على مستوى شرطي بالمرور اقولها صراحة ان المغرب دولة عربية واعدة فهي ليس بعيدة عن المخاطر والمؤمرات الصهيونية والاوربية ، وانتم تلاحظون النشاطات الفرنسية الحثيثة لالغاء الثقافة والللغة العربية واستبدالهما باللغة والثقافة الفرنسية . وامام الحجم الواسع من هامش الحرية ، اعتقد ان الملكية والملك يمثلان الان او في هذه المرحلة على الاقل رمزا لوحدة المغرب ، لاانصح بالتفريط بهما . اعطيكم مثلا لو ان مثل هذا الاجتماع لايمكن ان يعقد في السعودية او الاردن او اي من دول الخليج ولو عقد لنقلنا جميعا من هذه القاعة للسجن . في الشهر الماضي قام مجموعة من الشباب السعودي بتصوير فلم عن الفقر في السعودية ، كان نتيجته اعتقال كل من شارك في الاعداد لهذا الفلم وما زال الموقوفين مجهول مصيرهم . انهامش الحرية هنا يعطي الفرصة للمطالبة السلمية بالحقوق يمكن الاستفادة منه لعرض مطالب الجماهير . شكرا لكم وللاخوة في جمعية الرواد لاتاحة هذه الفرصة ، بامل ان نتحاور من خلال اي اسئلة او اقتراحات فانا ايضا اريد ان اتعلم منكم ولست باعلمكم.