تضاربت التعليقات والآراء حول تجريد عميد شرطة، رئيس مصلحة حوادث السير، بخنيفرة، من مهامه، على خلفية قضية تتعلق بتداعيات حادثة سير وقعت بالمدينة، والتي تلاها ما تلاها من خلاف حول «حالة سكر» و»قرعة ويسكي» و»تعليمات عمودية»، وتداخل في السلطات والاختصاصات، حسب آراء متداولة بشدة ولم تتوقف عن الاهتمام بملف القضية. وتعود تفاصيل الواقعة، حسب المعلومات التي حصلت «الاتحاد الاشتراكي» عليها، إلى حادثة سير اصطدت فيها سيارة من نوع مرسيدس بسيارة من نوع كونغو داخل المدار الحضري، وبعد معاينة هذه الحادثة من جانب الهيئة الحضرية للشرطة، قيل حينها إن مرتكب الحادثة ضبط في حالة سكر، وكانت قنينة من الويسكي بسيارته، قبل أن يتم الاتصال بالمنطقة الإقليمية للأمن الوطني، ثم بمصلحة الحوادث بمصلحة الشرطة، هذه التي أشعرت العميد رئيس المصلحة قصد الانتقال لعين المكان وتحرير محضر بالواقعة. ولحظة حضور العميد لمسرح الحادثة كانت القنينة، التي تم الإبلاغ عن وجودها، قد «اختفت» في ظروف تضاربت الآراء والتخمينات حولها، وما إذا كانت فعلا أم لا؟ غير أن أمرها أثار حفيظة أصحاب السيارة المصدومة، وزاد غضبهم حين أبى العميد إلا أن ينقل مرتكب الحادثة على متن سيارته الخاصة نحو مقر الشرطة. العميد رئيس مصلحة حوادث السير، شدد بقوة على أنه «لم يعاين أية قنينة ويسكي بسيارة مرتكب الحادثة، ولم تكن موجودة بسيارة هذا الأخير أثناء انتقاله إلى عين المكان»، كما تمسك بعدم تسجيله وجود علامة سكر بيّن على محيا السائق، الأمر الذي قاد بالموضوع إلى نحو اقتحام متاهات واسعة من الجدل. إلى ذلك، دخلت القضية منعطفا مثيرا عندما تحركت الهواتف النقالة أفقيا وعموديا، ومن أعلى المستويات، لتشمل المصالح الأمنية والقضائية، وسجل المراقبون باندهاش كبير حالة استنفار لم يسبق لها مثيل، أو تم التعامل بها من قبل مع أي مواطن من الدرجة العادية، ليروج بشدة ما يفيد أن أصحاب السيارة المصدومة تربطهم علاقات خاصة بجهات نافذة مركزيا، والمؤكد أن هذه العلاقة هي التي أرخت بظلالها على أرض الواقع من خلال تحرك المنطقة الإقليمية للأمن الوطني واستنفار النيابة العامة، بل وإشراك الدرك الملكي أيضا في حادث وقع بالمدار الحضري، وقد تمت مطالبة هذا الدرك بإحضار أداة قياس درجة الكحول للتأكد من نسبة هذه الكحول لدى مرتكب الحادث، ولم يتوقع أي متتبع أن يقف على عدم توفر مثل هذه الأداة لدى مصالح الأمن الإقليمي بخنيفرة. العميد رئيس مصلحة الحوادث الذي تمسك بتحفظه التام إزاء «حالة السكر» و»حكاية قنينة الويسكي»، فوجئ بصدور إجراء يقضي بتجريده من مهامه، في انتظار ما ستسفر عنه قرارات الإدارة العامة للأمن الوطني، أو ما إذا ستتم إحالته على لجنة تأديب، سيما في تأكيد مسؤولين من المنطقة الإقليمية للأمن الوطني والنيابة العامة على أن العميد عمد فعلا إلى إخفاء تهمة «حالة السكر» من صياغة محضر الواقعة، ذلك وفقا لمعطيات أولية علمت بها «الاتحاد الاشتراكي» من مصادر خاصة. وإلى ذلك الحين، تساءلت عدة مصادر مهتمة بتطورات الملف، حول ما إذا كان حجم الموضوع يقتضي كل هذه الزوبعة التي انتهت بتجريد العميد من المسؤولية ومحاولة اتهامه بالابتزاز من طرف أصحاب السيارة المصدومة؟ وهل كانت حالة الاستنفار القصوى ستحدث لولا دخول جهات نافذة على الخط؟ وهل حقا لا تزال التدخلات النافذة تؤثر على المسؤولين وقراراتهم في مملكة الحق والقانون؟ ثم هل فعلا أن العميد ارتكب ما يستحق عليه قرار المعاقبة؟ سيما أمام احتمال قوي أن يكون هذا القرار خارج عن سيطرة وإرادة المنطقة الإقليمية للأمن الوطني؟ لكن من حق مصادر أمنية التعبير عن قلقها إزاء عدم حمايتها من التدخلات الفوقية والاعتداءات المتكررة التي تعترض عناصرها من طرف أصحاب النفوذ وأصحابهم وذويهم وأولادهم.