هو الزعيم الثائر ضد الكفر والاحتلال الأجنبي، بطل مقدام استطاع بقوته وشجاعته وحزمه تحدي الجيوش الفرنسية والإسبانية وحتى الولاياتالمتحدةالأمريكية، ينتسب لأسرة عريقة، ارتبط بعائلة المجاهد الكبير مولاي عبد السلام بن ريسون، ففي وقت نجد فيه بعض المؤلفات والوثائق المخزنية تصفه بقاطع الطريق واللص العنيد الذي عاش - كما قال - عبد الوهاب بن منصور في كتاب " أعيان المغرب "، بدويا بين أحضان الجبل، نشأ في اللصوصية واحترف نهب المارة وقطع السبيل، واعتقله المخزن بالصويرة لبضع سنوات، حيث أطلق سراحه بشفاعة من الحاج أحمد الطريس، كما أرسل إليه الجيلالي اليوسفي (بوحمارة) لتوليته، غير أنه رفض ظهير التولية لأنه كان يرى أنه أحق منه بما رشحه له. لكن هذا الثائر الأمازيغي لم يكن سوى مقاوم للاستعمار، مناهض للحكومة، متسلط على أعداء المغرب، بطل قرر الانتقام من أحد أعمدة المناورات الاستعمارية ضد المغرب وهو (ماك لين) المستشار والصديق الحميم للسلطان عبد العزيز، وكذا الجاسوس البريطاني الذي كان يستعمل طنجة منطلقا للمؤامرات على استقلال المغرب الصحفي (هاريتس) والقنصل الأمريكي في طنجة (بارديكاريس) فاختطفهم جميعا، ولم يتم تسريحهم إلا بعد تأدية ذعيرة ضخمة. هي أعمال وطنية وليست لصوصية، وقد صنف المؤرخون الفرنسيون هذا البطل بأنه ثار ضد المسيحية وفرض نفسه عاملا على طنجة بالقوة . بدأ نفوذ الريسوني يتوسع منذ سنة 1905 حيث أصبح سيد القبائل الشمالية وأشدها ثم أخذ بتوسيع تطوان وقبائل الريف، واحتل أصيلا بالسلاح سنة 1906 وخضعت له قبائل الخلط وأولاد موسى، وبلغ حتى أسوار القصر الكبير، وأصبحت طنجة العاصمة الدبلوماسية تحت رحمته خاضعة لرجاله الذين كانوا يرتدون السلاهيم الحمراء الفاخرة والعمامات الخضراء، كما كان يوزع المناشير التي كان يتهافت عليها الناس لقراءتها، وزادت قيمته حين اغتال رجاله أحد الجواسيس الفرنسيين مما جعل فرنسا تضعه بالقائمة السوداء، فاستقر بقصره بقرية الزينات متحديا الأسرة المسيحية، وهو ذل لم ترضه الأسرة الدولية، التي شكلت جيشا من فصائل إسبانية وفرنسية اتجهت من طنجة لمحاربته، كما جيش السلطان مولاي عبد العزيز جيشا مكونا من 3000 جندي بقيادة قايد الرحى محمد الكباص، فهرب إلى الجبال ودعا إلى الجهاد، وتخصص في اختطاف البحارة من ميناء طنجة . قام باختطاف رهائن ولا يتم تحريرها إلا مقابل مبالغ مالية خيالية تسيء إلى سمعة الدول العظمى، ففي بونيو 1904 اختطف الريسوني (بيد يكاري) الأمريكي وصهره الأنجليزي (فارلي) بالجبال الريفية، فأرسلت الحكومة الأمريكية ست بوارج حربية إلى ميناء طنجة وقد تعززت ببارجة حربية إنجليزية، وبعد وساطة شريف وزان نجحت المفاوضات بعد تأدية 70000 جنيه إسترليني من طرف الأمريكيين. هذا هو الريسوني الذي أسر المستشار البريطاني للسلطان عبد العزيز العلوي وصديقه ومفتاح الدعم الإنجليزي له. إنه مهما اختلفت الروايات في موضوع الريسوني، فإن هناك حقيقة لا نزاع فيها، وهي أن هذا الرجل كان من أعظم رجال التاريخ المغربي بقوته وشجاعته وشهامته ونفوذه، عاش عظيما ومات عظيما، حتى حين أسره عبد الكريم الخطابي والد المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي وهو محمولا على نعش لأنه كان مريضا بالطاعون والناس من حوله يتفرجون، بين متشف ومتحسر ، ضحك البعض على جثته فنهض فوق وركيه وقال: اضحكوا ما شئتم على الريسوني وافرحوا لإهانته، فوالله سوف يأتي يوم تدفعون فيه ما تملكونه لكي أعود، ولكن هيهات سيكون قد فات الأوان، لأني ذاهب إلى غير رجعة. وقد أثرت شخصية الريسوني على الأحداث والرجال، لدرجة أن إحدى المؤسسات السينمائية الإنجليزية أنتجت فيلما سينمائيا سنة 1975 يؤرخ لهذا الرجل الأسطورة مثل فيه شخصية الريسوني، النجم (شون كونري) البطولة وأعطى فيه لشخصيته هيبة وإجلالا، خصوصا وأن القصة مستوحاة من الواقع والحقيقة وعن قصة عنونها أحد الكتاب من أقرباء الريسوني ب (أبطال صنعوا التاريخ)..