أخرج كراسته وتناول قلمه بمقهى الحي في «الشوكة»، ثم أشعل سيجارته البخسة ليزيد صفرة لموسطاجه المبخر، كوب قهوة علقم حالك ينتشي به وهو يحتسيه غير مبال بالمارة، عليه أن يتمم المقالة سريعا قبل أن توجه الصحيفة إلى المطبعة، وفجأة يرن هاتفه الخلوي ذو الرذار الطويل من صنف «ساجيم»، تعالى صوته وهو يكلم زعيم نقابة عمال المقلع: نعم نعم إنه قيد التحرير وسينزل في عدد الغد، قل لي: هل من جديد بعد حواركم مع صاحب الملقع ... يصمت قليلا ثم يقول: معلوم معلوم هذه عادتهم، يميلون إلى التهديد والتخويف بمجرد ما تدخل الصحافة على الخط ... أخرج حاسوبه المهترئ وربطه بوسيط الانترنت، حرر المقال ثم بعثه إلى بريد مدير التحرير، قبل أن يفاجأ برسالة واردة على بريده، فتحها فوجدها بالبنط العريض: «الدارالبيضاء في 5 دجنبر 2016 . أرسلت إليك في وكالة البريد 300 درهم أتعاب شهر فبراير الماضي، واحيطك علما أن الجريدة ستستغني عن خدماتك إلى حين. مدير جريدة لكل الشعب». جمع المسكين أغراضه، نادى على النادل الذي وقف حائرا وهو يسمع صحفي الحي يكلم نفسه: محام في حاجة لمحام. قبح الله نفاق الجرائد الصفراء. محمد باجي - أيور أورديولين - القمر الذي لم يطلع